مع مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن وصعود تنظيم داعش في العراق وسوريا، يجمع عدد متزايد من الخبراء على أنّ القاعدة لم تعد قوية كما كانت عليه في الماضي. فهل يمكننا أن نتحقق من صحة هذه النظرية؟
- القيادة المركزية لتنظيم القاعدة تخلّت عن جزء كبير من نفوذها
- تراجعت أهمية الظواهري بالرغم من أنّه لم يُعتبر قط أهلاً لمقارنته بأسامة بن لادن
- بروز تنظيم داعش في العراق وسوريا شكّل ضربة قوية لتنظيم القاعدة
- خسرت القاعدة جزءاً كبيراً من أراضيها وجزءاً من التمويل الذي كانت تحصل عليه
- CIA: كلفة إدارة العمليات التي تكبّدتها القاعدة بلغت أقل من 30 مليون دولار
في تقريرها الأخير، حاولت “أخبار الآن” أن تحتسب عدد الأشخاص الذين نجح تنظيم القاعدة في التأثير مباشرةً على حياتهم. وأشار التقرير إلى عدد القتلى في صفوف المدنيين، إضافةً إلى عدد الأشخاص الإجمالي الذين قٌتلوا مباشرةً على يد القاعدة ومناصريها.
فما هو واقع القاعدة إثر مقتل بن لادن عام 2011؟ ماذا عن القيادة الجديدة بزعامة أيمن الظواهري؟ وماذا عن حجم انهيار القاعدة؟
يمكن مقاربة هذا الموضوع بطرق مختلفة، إذ بالإمكان النظر في التمويل، وتهريب الأسلحة وعدد الهجمات وصعود داعش وموت زعماء كثر، إضافةً إلى الدور السلبي الذي لعبه أيمن الظواهري نفسه. ليس هناك عدداً كبيراً من البيانات الدقيقة عن التمويل الشهري أو السنوي، لكن حاولنا قدر الإمكان تقدير هذه التفاصيل نوعاً ما من خلال المصادر التي يمكن الولوج إليها.
تراجع القيادة المركزية للتنظيم إلى الصفوف الخلفية
باستعمال البيانات المتوفّرة على قاعدة بيانات ACLED، يمكننا أن نستخلص أنّ القيادة المركزية للتنظيم المؤلفة من زعيمه أيمن الظواهري وحلفائه المقرّبين منه، قد تخلّت عن جزء كبير من نفوذها. وبالرغم من أنّ القاعدة ادّعت عكس ذلك، فقد أظهرت البيانات أنّ عدد الهجمات التي شنّها التنظيم وأنصاره المباشرون قد تراجع.
يظهر الرسم البياني أعلاه كيف تراجعت الهجمات التي شنتها القاعدة وأنصارها على نحو تدريجي، قبل أن ترتفع بحدة من جديد عام 2015 لتعود وتنخفض بعد ذلك. فقد سُجّل ارتفاع عام 2015 في اليمن حين هاجم مقاتلو “تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ” مدينة المكلا الساحلية، وتمكّنوا من السيطرة عليها في السادس عشر من أبريل/ نيسان على إثر معركة دامت أسبوعين، وعرفت باسم “معركة المكلا”. وقد سيطروا على مبانٍ حكومية واستعملوا شاحنات لسرقة ما يزيد على 120 مليون دولار أميركي من المصرف المركزي. ولقد سمح لهم هذا المبلغ الهائل بشنّ هجمات أخرى إلى أن بدأت الغارات الأميركية الثقيلة بطائرات من دون طيار عام 2017.
تلاشي أهمية الظواهري
أمّا في ما يتعلق بأيمن الظواهري، فقد تراجعت أهميته بالرغم من أنّه لم يُعتبر قط أهلاً لمقارنته بأسامة بن لادن. ولربّما يكون البرهان الأكبر على ذلك أنّ خطابات الظواهري كانت تتضاءل مع الوقت.
أصدقاء قدامى، أعداء جدد
في الوقت عينه، لقد غادر بعض أبرز الأنصار لتنيظم القاعدة صفوفه. وهم مجموعات لديها عدد كبير من الأتباع، وهي كبيرة الحجم لدرجة تخوّلها ممارسة السلطة. ولا شك أنّ أولها هو تنظيم القاعدة في العراق. فهذا الجناح المتفرّع عن تنظيم القاعدة والذي كان يتزعمه أبو مصعب الزرقاوي، كان أصلاً على علاقة سيئة بأيمن الظواهري الذي أعرب عن رفضه في عدة مناسبات لأساليب الزرقاوي. وعندما مات الزرقاوي وحلّ مكانه أبو بكر البغدادي، ازدادت استقلالية المجموعة.
في العام 2013، انفصلت المجموعة رسمياً عن القاعدة لتتحوّل إلى أشهر منظمة إرهابية في العالم، أي “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا” المعروف باسم داعش. اليوم، داعش هو أبرز عدو للقاعدة من بين الأعداء اللذين ليسوا دولاً. وتتكرر النزاعات على السلطة بين التنظيمين في مناطق مثل غرب أفريقيا.
وفقاً لـ Héni Nsaibia من ACLED: الصراع بين JNIM و ISGS هو من بين الأكثر دموية في العالم
شكل بروز داعش كقوّة ضاربة ضرراً جدياً للقاعدة لأنّ المزيد من المجموعات تركت صفوف التنظيم لتعلن ولاءها إلى داعش. وربّما تمثّلت الخسائر الأكبر التي مُنيت بها القاعدة في السنوات الأخيرة بخروج حركة “أبو سياف” الفيليبينية ومجموعة “بوكو حرام” التي تنشط بشكل أساسي في نيجيريا، و”تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” الذي ينشط في غرب أفريقيا.
ولد تنظيم داعش في الصحراء الكبرى بعد انشقاقه عن حركة “المرابطون”، وهو أحد أنصار القاعدة. في الواقع، تحوّل التنظيم المذكور إلى قوّة ضاربة لدرجة أنّ تنظيم القاعدة اضطر لجمع صفوف عدة حركات مختلفة في تحالف واحد يدعى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وهدفه محاربة تنظيم داعش في الصحراء الكبرى”.
هل من تخفيض للتمويل؟
قد تعتبر مسألة التمويل الأصعب على الإطلاق. فمن الصعب تحديد المبالغ المحدّدة التي تحصل عليها القاعدة شهرياً أو سنوياً. وفي وقت توجد فيه لائحة عقوبات على أفراد وكيانات تموّل القاعدة، هناك أيضاً مصادر غير محسوبة. على سبيل المثال ثمّة علاقة وثيقة بين حركة طالبان وتنظيم القاعدة، وطالبان ضالعة مباشرةً في تجارة الأفيون في أفغانستان، لكن ما لا نعرفه هو مدى استفادة القاعدة مباشرةً من تجارة المخدرات.
قد يكون أسامة بن لادن ساهم بتمويل التنظيم من ثروته الشخصية. فبحسب وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية، بلغت كلفة إدارة العمليات التي تكبّدتها القاعدة أقل من 30 مليون دولار. ويدّعي البعض أنّ بن لادن نفسه ساهم بجزء كبير من التمويل.
وبموته عام 2011، توقّف مصدر التمويل هذا. أمّا بحسب تقرير نشرته لجنة تمويل الإرهاب، فقد شكلت الجمعيات الخيرية مصدراً آخر للتمويل بعملها كجبهات تمويلية للتنظيم.
هناك لائحة عقوبات فرضتها منظمة الأمم المتحدة على مئات الكيانات التي اعتُبرت على صلة بتنظيم القاعدة. ومنذ العام 2009، اتخذت الأمم المتحدة إجراءات صارمة بحق هؤلاء الأفراد والمنظمات. وتمّ اتهام 261 فرداً بتمويل القاعدة أو بمساعدتها بطرق عديدة:
بالإضافة إلى ذلك، يفصّل تقرير صادر عن مجموعة العمل المالي FATF عام 2015 الأساليب الحديثة التي تلجأ إليها القاعدة ومنظمات إرهابية أخرى لنقل الأموال.
وبعد أن اكتشفت مجموعة العمل المالي هذه الأساليب، ضيّقت الخناق على أشخاص ينفّذون هذه الخدمات. وبينما تكثر هذه الخدمات، يشير تقرير مجموعة العمل المالي إلى عدد ضئيل منها، تمّ القبض على المسؤولين عنها وعن إرسال أموال عبر طرق غير قانونية إلى أفراد على صلة بتنظيم القاعدة وحركة طالبان، في بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة.
خسرت القاعدة جزءاً كبيراً من أراضيها وجزءاً من التمويل الذي كانت تحصل عليه
وبالتالي تشير كلّ هذه المعلومات إلى أنّ تمويل القاعدة تضاءل. ناهيك عن ذلك، فإنّ خسارة حلفاء بارزين للتنظيم قد يعني أنّ التمويل حُرف عن مساره ولم يعد يغذّي خزنة القاعدة، بل الفصائل المنشقّة عنها مثل داعش. ويعني ذلك أيضاً أنّ القاعدة ربّما باتت لا تحصل حالياً على تمويل من جهات مانحة، أصبحت تفضّل عليها منظمات إقليمية أكثر نفوذاً في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط.
أذاً حتى الآن، لقد خسرت القاعدة جزءاً كبيراً من أراضيها وجزءاً من التمويل الذي كانت تحصل عليه، وحلفاء بارزين لها وزعيمها أسامة بن لادن صاحب الكاريزما الأكبر.
Its attacks have diminished, on the one hand, due to all of the above factors, and on the other hand, because of the clampdown on them by governments, and also because of the death of a large number of its prominent leaders. But despite this, she is still trying to reunite her. In the African Sahel region, al-Qaeda’s allies are doing their best to fight ISIS, despite the difficulty. But will the rise of the Taliban in Afghanistan revive al-Qaeda from the dead?