المكتبة العربية.. شاهد على نكبات متتالية
احتفى جمع من المثقفين والأدباء بالمكتبة العربية بمناسبة مرور 100 عام على تأسيسها وسط شارع النجفي بـ الموصل، الذي كان شاهداً على النكبات التي مرت بها المدينة والتغيرات السياسية والثقافية.
المكتبة التي أسسها عبدالله بن مصطفى الكركجي عام ١٩٢٢ الذي كان عاملاً في مهنة العطارة بعد أن ذهب إلى بغداد فأعجبته بعض الكتب والمؤلفات للكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي فأصبح يبيعها بمحل والده ثم افتتح هذه المكتبة لتكون المكتبة الأولى في الموصل، وكانت هذه الخطوة الأولى لنشر الثقافة والمعرفة على أهالي المدينة كونها تحمل من مصادر ودور نشر متعددة من القاهرة ولبنان وبيروت ودمشق.
وشهد الشارع فيما بعد ترويجاً للأفكار السياسية وبعض المخطوطات الدينية عبر عرض كتب للأفكار الشيوعية والقومية والبعثية.
يقول الدكتور جزيل الجومرد ” باحث وأكاديمي في تاريخ الموصل” إن الحرية كانت موجودة في هذا الشارع إلى عام ١٩٥٨ بعدها انفقدت الحرية في الترويج الثقافي والسياسي، حيث تمت ممارسة أسلوب الترهيب الفكري في ترهيب مروجي أفكار الأحزاب التي كانت موجودة حينها.
ويضيف أيضاً أنه رغم تلك الظروف مرت شخصيات مهمة على هذه المكتبة أبرزهم صديق شنشنل ومحمد حديد ووالدي كان معهم وكانوا مستعدين للعمل السياسي.
وتعد المكتبة العربية أحد أهم مصادر المؤلفات العلمية المتعددة التي يعتمد عليها جزء كبير من الباحثين والعاملين في حقل البحث العلمي.
المكتبة العربية.. تهريب الكتب من أعين داعش
بعد دخول تنظيم داعش إلى الموصل في حزيران ٢٠١٤ منع العديد من الكتب والمجلات العلمية وحتى الدينية التي لا تتلاءم مع عقيدتهم، ما اضطر صاحبها إلى نقل العديد من المصادر والكتب الى مكان آخر بعيد عن أعين التنظيم، ويقول صاحب المكتبة ووريثها أسامة الكركجي إن حقبات متعددة مرت على هذه المكتبة لكن أشد تلك المراحل كانت مرحلة التنظيم المتطرف.
يضيف أسامة: “لم يجبرنا أي نظام حاكم منع الكتب وبعض المصادر إلا بعض الفضوليين، ولكن في سيطرة التنظيم المتطرف أُجبرنا على إخفاء بعض الكتب والمؤلفات التي لا تتلاءم مع فكر التنظيم، وبعد المعارك العسكرية تم تدمير شارع النجفي بصورة كبيرة، وتضررت المكتبة لكننا لم نخسر أي كتاب بسبب نقل الكتب إلى مكان آخر.
يؤكد أسامة أنه توجد اليوم دعوة صادقة للعودة، لكن أصحاب المحلات لم يستطيعوا العودة إلى محلاتهم بسبب تدميرها بعد أربعة سنوات من التحرير وبسبب تأخير عمليات التعويض من قبل الحكومة المركزية.
يقول صاحب المكتبة: “سنعود ونواصل هذه المسيرة العلمية والثقافة والأدبية، وأتمنى في يوم من الأيام أن تكون متحفاً للثقافة والفنون وسنعيد تراثها وعبقها الماضي لتكون شاهداً على الحقب والنكبات التي مرت بالمدينة.
في الذكرى المئوية لافتتاح المكتبة تم عرض العديد من الكتب النادرة والقيمة، إضافة إلى الصور وبعض المخطوطات الفقهية التي كتبت بخط اليد
وتجمع العديد من المثقفين والأدباء في يوم الاحتفاء ليسردوا ذكرياتهم في هذه المكتبة وشارع النجفي
وتقول السيدة عائشة ابراهيم، خريجة أداب (ترجمة انكليزي) إنه رغم التطور الحاصل في المنظومة التقنية في العالم إلا أن بعض المصادر لا نجدها إلا بالمكاتب العامة لغرض إكمال بحوثنا العلمية، وهذا ما ينطبق على الكثير من طلبة العلم.
تضيف: “نحن بحاجة إلى هذه المكتبات بسبب الفوضى العارمة في تزاحم المعلومات والمصادر التي قد لا تستند إلى مصادر بحثية موثوقة، وضرورة قراءة التاريخ وتحفيز أبنائنا لتشكل لهم حلقة مهمة في صناعة المستقبل.