فرنسا.. استراتيجية تقدر بمليار يورو لمحاربة القرصنة الإلكترونية
أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يوم الخميس في الثامن عشر من فبراير الجاري عن استراتيجية تقدر بمليار يورو لمحاربة القرصنة الإلكترونية بعد صدور تقرير الوكالة الوطنية الفرنسية لأمن النظم والمعلومات “انسي” الذي يشير إلى أن برنامج “سنتريون” المستخدم من قبل عدة وزارات وشركات فرنسية كبرى تم إختراقه من قبل مجموعة مجهولة يرجح أن تكون روسية.
وتعتزم الدولة الفرنسية إنشاء مجمّع تقدر مساحته بعشرين ألف متر مربع في منطقة ”لا ديفانس” شمال باريس وسوف يكون مركزاً إستراتيجياً لمحاربة القرصنة الالكترونية ويضم مجموعات كبيرة وشركات ناشئة ومنظمات تدريب وباحثين في الأمن الالكتروني كما سيتم توظيف ستمائة شخص خلال العام ٢٠٢٠ في الوكالة الوطنية الفرنسية لأمن النظم والمعلومات.
أما الاستراتيجية على المستوى الأوروبي فالتهديد حقيقي، حيث تضررت عدة وكالات بلجيكية وفرنسية وغيرها من أربعمائة وخمسين هجوماً إلكترونياً حدث عام ٢٠١٩ وتأثر بشكل خاص قطاعا المال والطاقة ونتيجة لذلك تم طرح استراتيجية جديدة لمكافحة الهجمات الاكترونية في المفوضية الأوروبية.
هل يجب الرد على “الهجمات ” عسكرياً؟
وفي مقابلة مع ايمانويل ديبوي، الخبير الفرنسي في العلاقات الفرنسية الروسية ورئيس معهد المستقبل والأمن في أوروبا، أوضح أن كل دول العالم تواجه الخطر نفسه، مما يعني عدم وجود لوائح حكومية تحول دون حدوث هذه الهجمات الالكترونية وكذلك عدم وجود قانون دولي في هذا الشأن، وهناك أيضاً قلة توفر وسائل لمواجهه هذه الهجمات سواء على الصعيد المالي أو الخبرات تجعلنا عرضة لها بشكل متواصل سواء كانت بسيطة أو معقدة.
و قال هناك مخترقون ومقرصنون في روسيا وأيضاً في عدد من الدول الافريقية ولكن خطورتهم تتباين ما بين هجمات على شكل رسائل إيميلات تطالب بأموال وهناك أنواع أكثر خطورة وأكثر تعقيداً كلها تستخدم الإنترنت.
ويجب علينا أن نطبق سياسة دفاعية في مجال الأمن الإلكتروني أو سنواجه الواقع نفسه الذي نعيشه في حربنا ضد الإرهاب، الإرهابيون يشنون الحرب ضدنا مستخدمين سلاح عسكري بدائي مما يجبر الدول بالرد عسكرياً، هل يجب الرد على هذا النوع من الهجمات عسكريا؟ كلا بل علينا إنشاء نظام دفاعي إلكتروني بحت من أجل التغلب عليها مهما كانت معقدة.
وفي تصريح صحفي من قبل شركة سنتريون لم تفصح عن هوية الشركات المتضررة في هذا الهجوم الالكتروني ولكنها بينت أن هناك خمسة عشرة مؤسسة فرنسية قد تعرضت للهجوم بسبب إستخدامها نسخة مجانية من البرنامج والذي لم يتم تحديثه من خمس سنوات.
وتضم اللائحة المتضررة، وزارة العدل الفرنسية وشركة كهرباء ومجموعة الدفاع تاليس، شركة توتال وغيرها بالإضافة إلى تعرض أكثر من سبع وعشرين مستشفى فرنسي إلى هجوم شرس خلال العام الماضي ٢٠٢٠ وفي خضم أزمة كوفيد ١٩، حيث تعرضت تلك المستشفيات لهجوم يسمى”بالرانسوم.وير” وبالعربية تعني “الفدية” حيث يتم إختراق الأنظمة الداخلية للشركات وحظرها ويتم من بعدها إرسال رسائل بريدية لطلب فدية مالية.
على صعيد آخر ذكرت الوكالة الوطنية الفرنسية لأمن النظم والمعلومات “انسي” أن هناك أوجه تشابه بين هذه الحملة وحملات أخرى مقرصنه تسمى بالساندوورم ويعتقد بأن لها صلات بالمخابرات العسكرية الروسية.
وكانت الوكالة الفرنسية لنظم المعلومات قد ذكرت ما حدث بالضبط في تقريرها وقالت أن المتسللين استخدموا قشرة ويب ويتم تداولها منذ ٥ سنوات في مجال الجرائم الالكترونية ونقطة قوتها تكمن في طريقة إخفائها بشكل سريع وتدخل النظم الاكترونية بسهولة بمجرد تثيبتها في جهاز يسمح لك بفتح الملفات والتحكم فيها وتعديلها باختصار هي عبارة عن أداة تشبه فايندر في الماكنوتش و “ديسكتوب” في “ويندوز” ويمكنها السيطرة على نظم “ اس كيو ل” ، وقد تم إنشاؤها بواسطة طالب أوكراني عام ٢٠١٠ و البرنامج قابل للتنزيل بشكل مجاني واستخدم كأداة في حملات هجوم خلال الانتخابات الأمريكية بين ترامب وكلينتون عام ٢٠١٦
وكانت الهجمات الالكترونية قد تضاعفت ضد المنظمات الفرنسية ما بين عامي ٢٠١٧ و٢٠٢٠ واستغلت تلك المجموعات جائحة كوفيد ١٩ من أجل عمليات القرصنة التي تتعلق بمعلومات اللقاحات حيث تعرضت شركات أدوية فرنسية ومستشفيات للخطر.
الهجمات الإلكترونية تهدف لجني الأموال أو للتجسس على الدول
هدريان ميش، الخبير في أمن المعلومات والكاتب التقني في بي جيك باريس وموفلي، بين أن الهدف من هذه الهجمات هو الحصول على الأموال فيحاول هؤلاء المخترقون جنيها بكل طريقة ممكنة وهناك نوع آخر من الهجمات وهدفه التجسس على الدول ومنها فرنسا فما حصل في المستشفيات الفرنسية كان هدفه مهاجمة النظام الأمني الداخلي وزعزعة الاستقرار على مستوى المحلي مثل تسريب لمعلومات مهمة تتعلق بأسرار الدولة من خلال مهاجمة الملفات الخاصة للمستشفيات، وبالتالي السماح بحدوث الفوضى والاحتجاجات، ولكن هذه الهجمات لها قالب سياسي، كما في حالة إيران وملفها النووي وإغلاق مراكز نظم ومعلوماتيه، الهدف هنا هو مهاجمة السياسة الفرنسية.
وكان المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قد نفى في وقت سابق بأن يكون القراصنة من الجنسية الروسية ولكن تشير التقارير الأمريكية التابعة لوزارة العدل بأن مواقع هذه المجموعات المقرصنة متواجدة في أوروبا الشرقية فما سر العلاقة بين هذه المجموعات وروسيا؟