أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (نهاد الجريري)
نشر جهاديون قالوا إنهم من “خراسان” – أفغانستان وباكستان – بياناً عن “حال المضلّين” في الشام، يدعون فيه مقاتلي هيئة تحرير الشام (هتش) إلى الانشقاق، خاصة المقاتلين الخراسانيين الذين ما زالوا ضمن جماعة هتش. وقالوا في البيان الصادر في ٢٠ سبتمبر إنهم “اضطروا” إلى هذه الدعوة بعد أن فشلت جهودهم في النصح “سراً.”
يصفون المشهد في الشام بأنه “نكث للبيعات وانحرافات وابتداع أمور لم يبتدعها أحد من قبل.” ويُقدّمون لهيئة تحرير الشام بعبارة “ما يُسمى” دليلاً على تحقيرهم لهذا الجسم المتحوّر من القاعدة بقيادة الجولاني الذي وصفوه بأنه “أصبح ظالماً مفسداً فساداً كبيراً.”
قالوا إن هتش قدمت “تنازلات لم نكن نتوقعها،” وإنهم “اتبعوا نهج البدري (أبي بكر البغدادي زعيم داعش المقتول) وهو الخداع والنكث والفجور في الخصومة.”
ختموا البيان بالدعوة إلى توقير مشايخهم ومنظريهم. كما اعتذروا عن ذكر أسمائهم في التوقيع “لضرورات أمنية.”
تكمن أهمية البيان في أمرين. الأول أنه صادر عن مقاتلين من “خراسان” التي لها وقع خاص لدى الجهاديين فمن هناك عملياً انطلق هذا الإرهاب بدءاً بعبدالله عزام وأسامة بن لادن والزرقاوي.
الأمر الثاني هو أنهم دعوا عناصر هتش إلى الانشقاق من دون تقديم أي تبرير أو مسوّغات. وبهذا هم عملياً يخالفون المشايخ والمنظرين الذين دعوا إلى توقيرهم، بل ويخالفون قيادة الظواهري نفسها، وهو بات أمراً معتاداً. ففي غياب القيادة العليا، تضطر الصفوف الدنيا للتدخل.
دعوات الانشقاق
في يونيو ٢٠٢٠، عقب انقضاض هتش على حراس الدين، أصدرت القاعدة المركزية بياناً بعنوان “إن الله أبى عليّ من قتل مؤمن”. لم يدع البيان إلى الانشقاق وإنما وجه “نداء خاصاً” إلى القاعديين المنضوين تحت راية هتش “بمنع رفع السلاح” في وجه حراس الدين والتمرد على القيادة إن طلبت ذلك.
وفي نفس الفترة، وعلى خلفية الأحداث ذاتها، أفتى أبو محمد المقدسي، مُنظّرهم الأول، بألّا يترك المقاتلون المستقلون نقاط الرباط على اعتبار أن عليهم “العمل على درء أعظم المفاسد باحتمال أدناها” أي أن قيادة هتش مفسدة لكن الدوريات الروسية التي تَعبُر طريق ألـ M4 مفسدة أكبر.
المقاتلون في شمال سوريا يشعرون بوطأة هذا الصراع بين هتش والقاعدة. فكثيراً ما يتوجهون بهذا السؤال إلى يحيى الفرغلي، شرعي هتش نفسه في قناة خصصها على التلغرام للفتاوى اسمها “مسائل شامية.” يسألونه عن مسائل تتعلق بالانتساب إلى مجموعة “يُشك في أنها على حق.” الفرغلي أفتى بأن “الصواب في كل الأمور أمر بعيد على أساس أنهم بشر يخطئون ويصيبون.”
البيعة الخرسانية
هذا البيان “الخراساني” يُذكر ببيان خراساني آخر صدر في مارس ٢٠١٤، لكن شتان بين الاثنين. في ذلك العام، أصدر تسعة جهاديين بياناً ينتقدون فيه الظواهري ويبايعون البغدادي وكانوا حديثي العهد بالصراع بين داعش والقاعدة بسبب الجولاني. في ذلك الوقت، أحدث البيان صدىً اضطرت معه قيادة القاعدة إلى إصدار بيان مضاد نقلته مؤسسة السحاب الرسمية الخاصة بالقيادة. ذاك البيان وعنوانه “إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا،” وقّعه التسعة ذاكرين أسماءهم التي عُرفوا بها، فكان لهذا صدىً آخر بالنظر إلى حجم هذه الأسماء: منهم عبدالعزيز (أو صلاح الدين) شقيق المقدسي، وأبو الهدى السوداني وكان قاعدياً قديماً من الرعيل الأول، وأبو عبيدة اللبناني الذي كان أمنياً مهماً تسبب انشقاقه في كشف أسرار القاعدة لتنظيم داعش.
أما هذا البيان “الخراساني” الحديث، فلا تُذكر فيه أسماء قد يعتدّ بها مقاتلو القاعدة المدعوون للانشقاق، ويضيف إلى الفوضى التي يعيشها التنظيم.
للمزيد: البيعة الخرسانية تقلب الموازين لصالح البغدادي