أعلن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ “مسبار الأمل” اليوم إنجاز الاستعدادات اللازمة لبدء المهمة العلمية للمسبار بعد إجراء الاختبارات اللازمة للتأكد من دقة وسلامة الأجهزة العلمية التي يحملها على متنه والتي أثبتت أن أداء هذه الأجهزة يفوق التوقعات.
و قد انطلقت رسميا المهمة العلمية لمسبار الأمل اليوم التب تستمر لمدة عامين بهدف الحصول على أول صورة كاملة لمختلف طبقات الغلاف الجوي للمريخ خلال النهار والليل, وكل فصول السنة المريخية التي تعادل عامين أرضيين.
إنجاز المهمة بنجاح
وقال المهندس عمران شرف، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ “بعد الرحلة الناجحة إلى المريخ، والمناورة شبه المثالية لدخول مدار الكوكب في فبراير الماضي، وانتقالنا لاحقا من مدار التقاط مسبار الأمل إلى المدار العلمي، أكملنا مرحلة المعايرة والاختبار.. ويسعدني الإعلان أن مسبار الأمل في وضع مثالي لبدء مهمته العلمية التي تستمر لمدة عامين”.
أضاف أن بدء المهمة العلمية للمسبار يتوج سنوات من العمل الدؤوب والمتفاني لفريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ من الكوادر الوطنية الشابة بالشراكة والتعاون مع الشركاء الدوليين لهذا المشروع الطموح الذي يعد مساهمة نوعية من دولة الإمارات في مسيرة التقدم العلمي للإنسانية , كونه سيوفر معلومات غير مسبوقة عن الكوكب الأحمر.
صورة شاملة لمناخ المريخ
من جانبها أوضحت حصة المطروشي نائب مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ “مسبار الأمل” للشؤون العلمية أنه مع بدء المرحلة العلمية لمسبار الأمل ستقوم الأجهزة العلمية التي يحملها على متنه بالعمل على توفير صورة واضحة وشاملة عن مناخ كوكب المريخ في كل الأوقات على مدار سنة مريخية كاملة، وهذه المعلومات التي ستشاركها دولة الإمارات مع المجتمع العلمي العالمي مجانا سوف تساعد العلماء والباحثين على الوصول إلى فهم علمي أعمق للعمليات التي تدور داخل الغلاف الجوي للمريخ خصوصا فيما يخص تلاشي غازي الأوكسجين والهيدروجين اللذين يعتبران المكونيين الرئيسيين للماء، وهو ما قد يساعد في تفسير العديد من الظواهر العلمية المرتبطة بهذا الكوكب.
تفعيل الأجهزة العلمية
و كان قد جرى بنجاح تفعيل الأجهزة العلمية الثلاثة التي يحملها المسبار يوم 10 أبريل الماضي، أي قبل الموعد المحدد سلفا، ليتبع ذلك مرحلة المعايرة والاختبار، وقد تبين لفريق عمل المشروع أثناء عمليات المعايرة والاختبار أن أداء هذه الأجهزة ودقتها يفوق التوقعات حتى الآن.
و يحمل “مسبار الأمل” ثلاثة أجهزة علمية هي كاميرا الاستكشاف الرقمية EXI و كاميرا رقمية لالتقاط صور ملونة عالية الدقة لكوكب المريخ، وتستخدم أيضا لقياس الجليد والأوزون في الطبقة السفلى للغلاف الجوي، والمقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء EMIRS، الذي يقيس درجات الحرارة وتوزيع الغبار وبخار الماء والغيوم الجليدية في الطبقة السفلى للغلاف الجوي للكوكب الأحمر، بالإضافة إلى المقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية EMUS، ويقيس الأوكسجين وأول أوكسيد الكربون في الطبقة الحرارية للمريخ والهيدروجين والأوكسجين في الغلاف الخارجي للمريخ.
والتقطت كاميرا الاستكشاف الرقمية EXI التي يحملها المسبار أكثر من 500 صورة للمريخ منذ انتقال المسبار إلى المدار العلمي في أوائل أبريل 2021، وستركز الكاميرا الآن على رسم خرائط لسحب المياه الجليدية في الغلاف الجوي للمريخ تزامنا مع دخول الكوكب الأحمر “الموسم الغائم”، فخلال الفترة الحالية، وفي ظل فصلي الربيع والصيف في النصف الشمالي للمريخ، يتشكل حزام من الغيوم بالقرب من خط الاستواء، وسيكون لدى “مسبار الأمل” رؤية فريدة لهذه الغيوم من خلال موقعه المتميز و قدرته على مراقبة الديناميكيات المتغيرة للغلاف الجوي خلال الدورات اليومية و الموسمية.
و بالنسبة للمقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء EMIRS، فمنذ دخول “مسبار الأمل” إلى مدار المريخ عمل المقياس الموجود على متن المسبار على جمع بيانات علمية توضيحية، ومعايرة المقياس بشكل صحيح إضافة إلى معالجة البيانات التي يتم جمعها بصورة روتينية ودورية.
و في المجمل قام المقياس بجمع أكثر من 130,000 صورة طيفية منذ وصوله إلى المريخ ومد فريق العمل بأكثر من 40 ملاحظة علمية توضيحية مخطط لها من قبل، تغطي جزءا كبيرا من فترات اليوم على المريخ.
وسيرصد هذا المقياس كوكب المريخ ﻣن ﺧﻼل ﺣزم اﻷﺷﻌﺔ ﺗﺤت اﻟﺤﻤراء ودرﺟﺔ ﺣرارة اﻟﺴطﺢ، ودرﺟﺔ اﻟﺤرارة ﻓﻲ اﻟﻐﻼف اﻟﺠوي، وقياس اﻟﻌﻤق اﻟﺒﺼري ﻟﻠﻐﺒﺎر واﻟﺴﺤب اﻟﺠﻠﯿدﯾﺔ و وفرة ﺑﺨﺎر اﻟﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﻐﻼف اﻟﺠوي، وذلك على مدار يوم المريخ، وعلى نطاقات زمنية شبه موسمية.
وستوفر هذه البيانات، جنبا إلى جنب مع تلك البيانات الخاصة بالمقياس الطيفي للأشعة فوق البنفسجية وكاميرا الاستكشاف الرقمية، نظرة تفصيلية وغير مسبوقة عن مناخ المريخ وتفسر أسباب عمليات تلاشي الغلاف الجوي للكوكب الأحمر.
أما المقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية EMUS، فقد تمكن منذ وصول “مسبار الأمل” إلى مدار المريخ من جمع بيانات علمية توضيحية مهمة، تتمثل في نحو 14,000 صورة طيفية مكانية للغلاف الجوي، بما يعادل 1.6 مليون طيف فردي.. وقد أظهر التشغيل الأولي لأربعة أنواع مختلفة من العمليات العلمية بواسطة هذا الجهاز أنه يعمل بشكل مثالي ويتتبع بدقة المستهدفات في مجال رؤيته.
وسيستمر المقياس في جمع هذه الملاحظات العلمية طوال المرحلة العلمية ليساعد في فهم تكوين وهيكل الغلاف الجوي العلوي للمريخ وما يطرأ عليه من تغيرات خلال الفصول المختلفة.
مسبار الأمل
و يدور مسبار الأمل حاليا في مداره العلمي المخطط له حول المريخ بين 19.974 إلى 42.651 كيلو مترا، وبزاوية 25 درجة.. وسيكمل المسبار دورة واحدة حول الكوكب كل 55 ساعة، وسيسجل عينة كاملة من البيانات حول الكوكب كل تسعة أيام.
و يصل وزن “مسبار الأمل” إلى حوالي 1350 كيلوغراما، ويبلع تقريبا حجم سيارة دفع رباعي صغيرة، وقد صممه وطوره مهندسو مركز محمد بن راشد للفضاء الذين يعملون مع شركاء أكاديميين عالميين، منهم مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء لدى جامعة كولورادو بولدر وجامعة ولاية أريزونا وجامعة كاليفورنيا في بيركلي.
و يستهدف المسبار نقل صورة كاملة عن الغلاف الجوي المريخي والعلاقة بين طبقتيه العليا والسفلى، وللمرة الأولى، سيتمكن العلماء حول العالم من الحصول على نظرة شاملة وكاملة للغلاف الجوي للمريخ في أوقات مختلفة من اليوم، وعبر مواسم الكوكب المختلفة.
و تتزامن رحلة مسبار الأمل التاريخية إلى الكوكب الأحمر مع احتفال دولة الإمارات باليوبيل الذهبي لتأسيسها.