يعتبر مصطفى جميلوف (Mustafa Dzhemilev)، زعيم تتار القرم، من بين السياسيين الموثوق بهم في أوكرانيا، وتنبع السلطة التي يتمتّع بها من كونه أحد المنشقين القلائل الذين حاربوا الإتحاد السوفياتي، ومنذ ذلك الحين نشطوا بقوّة في العملية السياسية منذ بداية استقلال أوكرانيا العام 1991.
ناضل مصطفى جميلوف طيلة 50 عاماً ليتمكن من العودة إلى أرضه، وقد أمضى مدة 21 عاماً في السجن تمتد على 7 أحكام
كان في عامه الأول عندما تمّت عملية دهم منزله وإرغام أفراد عائلته على توضيب أغراضهم الشخصية، وإيداعهم بعد 3 ساعات على متن قطار اصطحب العائلة في رحلة إلى أوزبكستان، إلّا أنّ نحو 50 % من تتار القرم الذين كانوا على متن ذلك القطار، قد توفوا. لم يتذكر جميلوف مسقط رأسه في شبه جزيرة القرم، لكنّه ترعرع شأنه شأن أبناء جيله، وكان يحدوه إيمان ثابت بأنّه سيعود إلى أرضه عاجلاً أم آجلاً.
عندما كان طالباً، بحث عن تاريخ شعبه في المكتبات السوفيتية بعناية فائقة، وبما أنّ تتار القرم كانوا يعتبرون في تلك الفترة من المنبوذين في عهد جوزيف ستالين، وجد جميلوف نفسه مضطراً إلى أن يقاتل دفاعاً عن حقوق الإنسان الخاصة بشعبه.
لقد ناضل من أجل حق عودة تتار القرم إلى شبه الجزيرة من خلال تنظيم تظاهرات مدنية سلمية، ومن خلال مواقفه الصريحة، فأبدى اعتراضه على حجج مناصري ستالين، وكان كلّما أدلى بموقف مماثل كان يتلقى عقوبة سجن لمدّة 3 سنوات. وهكذا من أجل مناصرة شعبه الذي ناضل طيلة 50 عاماً ليتمكن من العودة إلى أرضه، أمضى مصطفى جميلوف مدة 21 عاماً في السجن، أي ما يعادل 7 أحكام، مدّة كل منها 3 أعوام.
تواصلنا مع جميلوف وأجرينا معه لقاءً عبر تطبيق زووم، وأثناء المقابلة كنّا نسمع بين الحين والآخر، أصوات صفارات الإنذار، لكن على الرغم من ذلك بدا جميلوف في غاية الهدوء، فهو واثق من أنّ “روسيا ستتفكك، وأنّ تتار القرم سيعودون يوماً إلى أرضهم، لكن تلك المرّة إلى الأبد”.
يقول جميلوف إنّ “شعب تتار القرم ليس أمّة صغيرة، عددهم قليل نعم، لك،ّ عظمة أيّ أمة لا تقاس بعدد السكان، ولنأخذ الشعب الروسي على سبيل المثال، هو كبير عددياً، لكن أنظروا إلى ما يرتكبه بحق شعبنا وبحق الأوكرانيين، هل يجوز القول إنّهم أمّة عظيمة؟ إنّهم من البرابرة بنظري. يعيش تتار القرم تحت سلطة الإحتلال الروسي منذ العام 2014، أي للعام الثامن على التوالي، وذلك الوضع يشكّل مأساة كبيرة ومصدر حزن لذلك الشعب الذي ناضل طيلة 40 عاماً تقريباً ليعود إلى القرم، إلى أرضه، بعدما تمّ ترحيله منها في العام 1944… لقد ناضلنا عن طريق التظاهرات المدنية السلمية إلّا أنّ المئات من تتار القرم اقتيدوا إلى مخيمات الإعتقال، وكثيرون منهم لم يخرجوا منها على قيد الحياة”.
بنظري الروس من البرابرة، ومقتنعون بأنّ المكان الأنسب لتتار القرم هو أن يكونوا مع أوكرانيا
مصطفى جميلوف
يتابع: “لقد قاتلنا لمدّة 50 عاماً كي نسترجع حقوقنا وحلمنا بالعيش في عالم ديمقراطي… كنّا من بين الشعوب التي سعت إلى إسقاط قوّة السوفيات، وبالرغم من أنّ أوكرانيا حصلت على استقلالها في العام 1991 وكانت دولة ديمقراطية يافعة، كنّا مقتنعين بأنّ المكان الأنسب لتتار القرم هو أن يكونوا مع أوكرانيا. وجد شعبنا نفسه مجدّداً تحت سلطة النظام الروسي الذي يُعتبر أسوأ من النظام الشيوعي السوفيتي في كثير من الجوانب، فمثلاً بمجرد أن يحصل خلاف مع سياسة الحزب في الإتحاد السوفيتي، يُحكم على المرء بالسجن 3 أعوام، وها نحن قد اقتربنا من الذكرى العاشرة. إثر احتلال شبه جزيرة القرم، أدرك التتار الذين يعيشون فيها ما سيحصل في مرحلة لاحقة، ولم يرد عدد كبير منهم العيش تحت رحمة الاحتلال الروسي فأرسلوا زوجاتهم وأطفالهم إلى أوكرانيا”.
يشدّد جميلوف في حديثه لـ”أخبار الآن” قائلاً: “كان لدينا شعار لا تُغادروا القرم مهما كانت الظروف لأنّ تلك هي أرضنا التي ناضلنا من أجلها… أُرغم قادة تتار القرم على الإنتقال للعيش في العاصمة الأوكرانية كييف، وقد أرسلنا رسالة للشعب نطلب فيها عدم مغادرة شبه الجزيرة وانتظار رفع الاحتلال، إلّا أنّ المواطنين العاديين كانوا يسألون: ماذا يضمن لي بأنّ إبني أو زوجي لن يُخطف غداً أو لن يُقتل أو لن يُرمى في السجن؟ إن نزوح تتار القرم من شبه الجزيرة يُعتبر مهمّاً ويُقدّر بنحو 10 % من شعب التتار الذي يعيش هناك، إذ بلغ عدد الذين انتقلوا للعيش في البر الأوكراني بنحو 30 ألف مواطن، وذلك النزوح مستمر حتى يومنا هذا”.
“حرب روسيا على أوكرانيا تضع شبه جزيرة القرم في فخ”
ويوضح: “اليوم وبعد اندلاع تلك الحرب الواسعة النطاق بين روسيا وأوكرانيا، أصبحت شبه جزيرة القرم عالقة في فخ لأنّ الشعب لم يعد قادراً على مغادرة المنطقة التي تحولت إلى قاعدة عسكرية لروسيا. هناك سبيل وحيد للمغادرة وهو عن طريق عبور الحدود الروسية ومن هناك إلى دولة ثالثة ومن ثمّ العودة إلى أوكرانيا. تُعتبر تلك الطريق للعودة إلى أوكرانيا باهظة الثمن، وبالتالي لم يكن عدد كبير من المواطنين قادراً على تكبّد تلك الكلفة المتفعة. كما أنّ هناك سبباً آخر هو أنّه لا يمكنك السفر من روسيا إلى الخارج إنْ كنت لا تحمل جواز سفر روسي، وهكذا أرغم معظم تتار القرم على الإستحصال على جواز سفر روسي في شبه جزيرة القرم لأنّهم خلافاً عن ذلك لا يُسمح لهم بالعمل والحصول على مساعدة طبية وتعليم أبنائهم. لكن معظم تتار القرم يملكون جوازات سفر أوكرانية دولية، إلّا أنّهم لم يكونوا قادرين على استعمالها في روسيا، ويالتالي حاول كثيرون الإنتقال إلى تركيا والبقاء فيها”.
يصف جميلوف الوضع في شبه جزيرة القرم بالمزري، مشيراً إلى أنّ “الهوس من العسكر يسيطر على كل النفوس، فالجميع مدعو لدعم تلك العملية المسماة العملية العسكرية الخاصة، (الحرب على أوكرانيا)، وبالتالي كل مَن يتحدث على نحو مغاير عن هذه العملية الخاصة مهدد بالخطر”. يضيف: “كما تعلمون لقد صدر قانون في روسيا حول الأشخاص المزيّفين، ويمكن أن تصل عقوبه السجن فيه إلى 15 عاماً، حتى أنّه من المستحيل أن يلتزم المرء الصمت هناك لأنّ تلك الممارسات بدأت تظهر مثلاً على العلن، ففجأة تجد نفسك أمام مذياع، وتُسأل: كيف تقيّم العملية الروسية الخاصة على أوكرانيا؟ وبمجرد أن تجيب قائلاً: لا أريد أن أجيب على السؤال، يُفهم أنك تعتقد أنّ هناك أمراً ما، وبالتالي يمكنك أن تتوقع أنّه في اليوم التالي قد يحيك لك جهاز الإستخبارات الفدرالية الروسية تهمة ما”.
يتابع: “بكل صراحة، القول إنّ تلك الحرب حرب إجرام أشبه بارتكاب الهارا كيري، أي طعن نفس في ظل الظروف الراهنة التي فُرضت على الشعب ليعيش فيها. وهكذا يجد كل من يريدون العيش والبقاء أحراراً نفسهم مرغمين على الكذب وإلقاء التحية على فلاديمير بوتين وما شابه. لقد زاد الوضع سوءاً على المستوى الإقتصادي. صحيح أنّه إنْ حوّلنا متوسّط الأجور من الروبل الروسي إلى الهريفنيا الأوكرانية، نرى أنه يعادل تقريباً متوسط الأجور في أوكرانيا لكن خدمات المرافق العامة و الخدمات الإجتماعية أغلى بكثير. ذلك يعني أنّهم لم يُحرموا فحسب من كامل حقوقهم السياسية، وليس هناك حريات، بل يتكبّدون أيضاً خسائر كبيرة على المستوى الإقتصادي”.
بوتين ونظامه يعتبران أنّ شبه جزيرة القرم بالأساس قاعدة عسكرية، وبالتالي لا بد من إيجاد أوفياء لموسكو فيها وتتار القرم ليسوا من تلك الشريحة
مصطفى جميلوف
وعمّا إذا تصاعدت حدّة حملة القمع خلال الحرب الحالية، ردّ جميلوف بالقول: “نعم إلى حدّ ما، خلال سنوات الإحتلال الأولى، غالباً ما كانت تمارس عمليات خطف لمدّة 14 أو 15 عاماً إلى جانب عمليات قتل. وذلك هو الفارق الأبرز مع النظام السوفيتي. ففي ظل الإتحاد السوفياتي، كانت هناك على الأقل عمليات قتل، وكان هناك ترويكا ومحاكم وتلاوة أحكام قانونية، لكن هنا كان المواطنون يختفون بكل بساطة. ومن ثمّ لا يتمّ العثور عليهم البتة أو يتمّ العثور على جثثهم التي تحمل علامات تعذيب مريعة. كما كان يتم العثور على البعض في السجون”.
ويكشف أنّ “137 شخصاً تقريباً يقبعون اليوم في السجن لأسباب سياسية بعدما كانوا قد اعتقلوا في شبه جزيرة القرم، بينهم هناك 90 شخصاً من تتار القرم، بالرغم من أنّ هذا الشعب يمثل 13 بالمئة فقط من الشعوب التي تقطن في شبه الجزيرة. من الواضح جدّاً أنّ القمع الأكبر يمارس بحق الشعب الأصلي في شبه الجزيرة، والسبب في ذلك لا يعود فقط إلى أنّ تتار القرم هم أبرز المعارضين للإحتلال الروسي هناك، لكن قوات الإحتلال تمارس خطة استراتيجية معينة تهدف إلى طرد الشعب الأصلي من شبه الجزيرة وإرغامه على مغادرتها، فبرأي بوتين والنظام الروسي، إنّ شبه جزيرة القرم تشكل بالأساس قاعدة عسكرية، ويريدون فقط أن يروا من حولها مناصرين أوفياء للنظام الروسي، ولا شك أن تتار القرم لا ينتمون إلى تلك الشريحة. لتلك الأسباب، كما حصل تماماً خلال الإحتلال الأول لشبه الجزيرة في عهد الإمبراطورة كاترين الثانية في العام 1783، جرت محاولات كثيرة لطرد تتار القرم من هناك”.
هل ارتكبت أوكرانيا تقصيراً في دعم تتار القرم؟
في ذلك السياق، يقول جميلوف لـ”أخبار الآن“: “ليست أوكرانيا بشخص لديه وجه واحد لكي نقول إنّ كان طيباً أم سيئاً… ففي أوكرانيا ثمّة قوى سياسية مختلفة، هناك قوى ديمقراطية وطنية لطالما دعمتنا وتواصل دعمنا في كل حقوقنا بنسبة 100 بالمئة، وتعبّر بشكل مباشر وبكلّ وضوح بأنّ تتار القرم هم الشعب الأصلي لشبه الجزيرة، وأن سيادتهم يجب أن ترتكز تحديداً على حق الشعوب الأصلية بتقرير مصيرها، وبالتالي يجب أن تكون تلك الجمهورية إقليمية وطنية. لكن في المقابل، هناك أيضاً قوى مناصرة لروسيا، ونحن كنّا ندعم القوى الديمقراطية الوطنية في كلّ الإنتخابات، لكنّها لم تتبوأ السلطة أبداً. وبالتالي، لقد تجاهلنا كلّ مَن استلم زمام السلطة سواء من الرؤساء أو الأكثرية البرلمانية، وفي عهد يانوكوفيتش كان النظام يعادينا على الملأ لأنّنا عارضناه. لم تجد مشاكل كثيرة حلاً لها، ولا يكمن السبب في عدم حلّها بأنّهم كانوا من المتخلّفين الذين أبوا أن يعالجوا مشاكلنا بل بكل بساطة لقد نفذوا مخططاتهم ومشاريعهم الشخصية”.
يتابع: “بصفة عامة، بدأوا يتوددون إلينا قبل الإنتخابات، وقد وزارنا أعضاء في كلّ الأحزاب وأخبرونا كم نحن مميزون وما سيفعلون لتتار القرم إنْ قدمنا دعمنا لهم. نحن نملك قاعدة ناخبين مركّزة، وأكثر من 80 بالمئة من الناخبين ينتخبون بحسب أهوائهم لكن بحسب توصيات الكونغرس الوطني لتتار القرم المعروف باسم كورولتاي. لكن نحن لطالما منحنا أصواتنا للقوى الديمقراطية الوطنية، بادىء ذي بدء، للحركة الشعبية الوطنية في أوكرانيا لكنّها لم تتبوأ السلطة يوماً. تكمن مشكلتنا الرئيسية في أنّ شبه جزيرة القرم أو سكان شبه الجزيرة الناطقون باللغة الروسية، يتحدرون بنحو 90 % منهم من الغزاة الذين استوطنوا بيوتنا وأرضنا إثر ترحيل تتار القرم وإبادتهم. على مر عقود، حصلت عملية بروباغندا مكثّفة لفكرة أنّ تتار القرم قد طُردوا لأنّهم خونة وأنّهم كانوا سيئين وأنّهم أعداء الشعب الروسي، وكان لتلك البروباغندا أثر إيجابي لأنّها منحتهم نوعاً من الراحة النفسية ولأنّهم يعيشون في منازل تتار القرم وبسبب سوء طباع التتار كما كان يشاع، شعر الروس بأنّهم حسناً فعلوا بإبعاد التتار ونفيهم وقتلهم وما شابه”.
ويضيف: “وبالتالي عندما باتت عودة تتار القرم التدريجية ممكنة خلال سنوات البريسترويكا، لم يقل لنا أحد هناك: أهلاً بكم، من الجيد أنكم عدتم… بل كانت هناك عدوانية بسبب توقعهم بأنّ تتار القرم سيبدأون باستعادة منازلهم القديمة ويرمونهم خارجها… بالرغم من أنّه في أول كونغرس وطني لنا، والذي انعقد قبل 6 أشهر من سقوط الإتحاد السوفياتي، بعثنا برسالة لكامل شعب تتار القرم وقلنا لهم: لن نعيد شيئاً، نحن لا نلقي اللوم عليهم بسبب ما حصل، فهم قد أُحضروا إلى هنا بأمر من السوفيات، سنعالج مشاكلنا بمساعدة الدولة وبشكل عام نريد أن نعيش مع الجميع ضمن علاقات صديقة عادية”.
الحديث عن استفتاء أجرته روسيا في شبه الجزيرة وأنّ 90 % من الشعب يؤيّد فكرة الإنضمام إليها هو مجرّد كذب
مصطفى جميلوف
يؤكّد جميلوف أنّه “لطالما ضمّت شبه الجزيرة قوىً اشتهرت بالمواجهة، فقد كان من الممكن أن نسمع خلال الحملة الإنتخابية خطاباً يقول إنْ انتخبت نائباً أو اعتليت منصباً آخر، سأجعل من شبه الجزيرة أرضاً روسية وسأعمل على تحقيق تقارب مع روسيا” مع أنه في العام 1994 لم يكن هناك دعوة مفتوحة “بأننا سنكافح من أجل إعادة توحيدنا مع روسيا. لم يكن هناك شيء من هذا القبيل. ولهذا السبب تعرّضت عدة مسائل للتخريب ولم يتم حلّها. كان الخطأ الذي ارتكبته كييف يكمن في أنّها لم تتخذ أي إجراءات قسرية مصيرية لكي تضع حداً لنشاط هؤلاء الانفصاليين والمتعصبين ولكي تضمن حق الشعب بعيش حياة طبيعية في وطنهم الأم. على وجه العموم، حصلت أوكرانيا على استقلالها الكامل ،لنقل، بعد ثورة الكرامة العام 1914. صحيح، وبعد الثورة البرتقالية العام 2004، حصل تغيير ولكن بقيت العلاقات وثيقة جداً مع روسيا. فلطالما بقيت البروباغندا التي نفذتها هذه الأخيرة في شبه جزيرة القرم قوية”.
ويضيف: “بعد ثورة العام 2014 في شبه الجزيرة، خاف الروس حقاً من قرب انتهاء احتكارهم للسلطة وبدأوا يهتفون بما يريدون تحقيقه في روسيا. إن الحديث عن استفتاء أجرته روسيا في شبه الجزيرة وأنّ 90 % من الشعب يؤيد فكرة الإنضمام إليها هو مجرد كذب. لدينا معلومات دقيقة وتقرير صادر من أجهزة الإستخبارات الفدرالية في شبه الجزيرة للسلطات العليا في موسكو وقد جاء فيه أنّ 34.2 % فقط من الشعب قد صوّت في الإستفتاء. على ما يبدو، لقد صوّت عدد قليل من المواطنين لصالح الإنضمام، لكن كانت هناك مجموعة كبيرة نسبياً كانت تعتقد بكل سذاجة أنّها إنْ صوّتت لصالح النقطة الثانية التي تقول إنّ شبه الجزيرة هي جزء من روسيا، لكن لديها حقوق موسّعة، وبالتالي كانت تعتقد أنّه من الممكن أن يتمّ تفادي الضمّ إلى روسيا، تلك وجهة نظر ساذجة. إنّ قيام أي بلد بتنظيم استفتاء حتى بعد دخول قواته العسكرية أراضي دولة أخرى، هو أمر منافٍ للعقل. أعرف ممّا قرأته في الكتب أنّ هتلر نظم في العام 1937 الإستفتاء نفسه في النمسا. وكانت هناك أرقام مرتفعة: 99.8 % قد صوّتوا لصالح ضمّ النمسا إلى ألمانيا أو ما يعرف باسم أنشلوس، ثم شُنق منظمو الإستفتاء على إثر محاكمات نورمبرغ. اليوم بوتين لا يزال على قيد الحياة”.
مكالمة هاتفية بين زعيم تتار القرم وبوتين.. بماذا وعده الأخير وكيف رد جميلوف؟
في ذلك الصدد، يقول جميلوف لـ”أخبار الآن“: “ثمّة التباس كان يشوب ناشطات السلطات الروسية في ما يتعلق بالقرم خلال السنوات الأولى، وكانت هناك وجهتا نظر، الأولى تقول إنّه لا بد من التفاوض مع المجلس ورشوة أحد أعضائه لكي نتفوق على الروس، فيما الشريحة الثانية كانت تؤمن بأنّه يستحيل التوصل إلى اتفاق مع هؤلاء، وبالتالي كان لا بد من الإنتقال فوراً إلى الطرق القمعية التقليدية. وللمرة الأولى لنقل… في 20 فبراير/ شباط، لدى بدء تلك العملية، اتخذوا قراراً يقضي بالإعتراف رسمياً بمجلس شعب تتار القرم أو الكورولتاي، وبضمان 20 % على الأقل من كلّ هياكل السلطة والبرلمان متوقعين بأن الحيلة ستنطلي على تتار القرم وسيرحبون بالإحتلال، لكن بما أنّ ذلك لم يحصل… فذلك يفسّر أيضاً رغبة بوتين في التحدث معي. لقد تحدثنا إليه عبر الهاتف لمدّة 45 دقيقة وقد وعدنا بعيش حياة مثالية في كنف الإتحاد الروسي.
يوضح أنّ “الإتصال جرى في 12 مارس/ آذار. أذكر ذلك جيّداً لأنّه عندما قلت له إنّه خرق القانون الدولي، وأن لا أحد سيعترف بالإستفتاء الروسي وأنّ الشعب الأصلي قد سبق أن اتخذ قراراً بمقاطعة تلك الإستفتاءات، راح يردد لننتظر 4 أيّام إضافية”. لقد قال في 16 مارس/ آذار، سيجرى استفتاء وسنكتشف ما يريده سكان شبه الجزيرة. كانت تلك إحدى الخطوات التي كانت تهدف إلى إقناع تتار القرم بقبول ذلك الإحتلال. أنا أتفهّم أنّه كان مهمّاً جدّاً للروس لأنّ تتار القرم في النهاية هم من الشعوب الأصلية، ومهما قال الروس إنّ التتار هم من التتار المغول، لكنّهم يفهمون تماماً أنّهم من شعوب القرم الأصليين، وبما أنهم لم يفلحوا، بدأوا بعمليات القمع الحاشدة”.
أصبحت الأحكام أكبر بكثير مما كانت عليه لمعاقبة الإنشقاق في عهد الإتحاد السوفيتي
مصطفى جميلوف
يتابع: “إنْ لم ينفذ الروس عملية تفتيش في الصباح، يُعتبر اليوم إيجابياً… يعرف الجميع جيّداً أنّه ما من داعٍ للتفتيش هناك، فالروس لا يعثرون على شيء وإنْ أرادوا أن يعثروا على شيء ما، يحضرونه معهم. بشكل عام، يعثرون على كتب ممنوعة أو خرطوشات صدئة لكي يتمكنوا من توجيه اتهامات بالإعداد لعملية إرهابية أو أيّ عملية أخرى لها علاقة بالإرهاب. أصبحت الأحكام أكبر بكثير ممّا كانت عليه لمعاقبة الإنشقاق في عهد الإتحاد السوفيتي. أنا على سبيل المثال تلقيت 7 أحكام بتهم تحضير وثائق وتوزيعها، وتشويه صورة نظام الدولة السوفيتية ونظامها السياسي. اليوم ينتقد الشعب النظام الروسي أقل ممّا كنت أنتقد النظام السوفياتي. فتُصدَر بحق الشباب أحكام بالسجن لمدة 17 أو 18 أو 19 عاماً. نعم، هذا هو الجو العام.
وعن كيفية التعاطي مع الإسلام، يقول جميلوف إنّ “الروس لا يحرّمون الإسلام لكن أجهزة الإستخبارات الفدرالية الروسية تريد أن تبقي الإسلام تحت سيطرتها، بشتى الطرق سواء من خلال ابتزاز البعض وترهيب البعض الآخر، وقد سيطرت تلك الأجهزة على الإدارة الروحية لمسلمي شبه جزيرة القرم، وكل من ليس تحت السيطرة ولا يكرر البروباغندا الروسية ولا يدعمها، يُعتبر من الأعداء وإلى حد ما إرهابي محتمل”.
ويضيف: “في الأساس، ثمّة لائحة بالكتب الممنوعة. لقد نُسي ذلك المصطلح بالإجمال في أوكرانيا لأنّه بعد إعلان استقلال أوكرانيا لم يكن هناك شيء يسمّى بالكتب الممنوعة، لكنّه بات موجوداً اليوم في شبه جزيرة القرم. في البداية كان عدد تلك الكتب يقدر بـ 3 آلاف واليوم برأيي يصل إلى 6 آلاف. تتجدد تلك اللائحة باستمرار لذلك إنْ كنت تحمل أيّاً من تلك الكتب، فأنت ترتكب جرماً، يأتون ويفتشون المكان بكل بساطة، ولا يعلم المواطنون حتّى إنْ كان كتاب معين ممنوعاً في روسيا أم لا، حتّى أنّ الذين يقومون بعمليات التفتيش لا يعرفون. مَنْ سيتذكر تلك الأسماء الستة أو السبعة آلاف؟ يأخذون الكتب التي لا تعجبهم أو الكتب الممنوعة أو يقلّبون الصفحات… فمثلاً يمكن أن يأخذوا القرآن الكريم ليس لأنّه ممنوع بل لأنّه غير مفهوم وغير مكتوب باللغة الروسية، ومن ثمّ يمكن أن يعيدونه أم لا.
ويتابع: “على سيل المثال، حظّروا منظمة تدعى حزب التحرير، بالنسبة لهم، ذلك شكل من أشكال القمع الرائجة لأنّه على ضوء الكم الهائل من المقالات عن الإرهاب الإسلامي، يعتبرون أنّ العالم لن يعرب عن استيائه إزاء قيامهم بمحاربة ذلك الإرهاب، لكن في الحقيقة تحصل عمليات اعتقال رائجة لأشخاص توجّه إليهم تهم الإنتماء إلى منظمة حزب التحرير، وهم لا يعرفون حتّى ما هي تلك المنظمة. لقد اختلقوا لهم تهماً وهمية وحاكموهم على تلك القاعدة. ليس هناك من مكان لتشييد محكمة هناك، لذلك يصدرون الأحكام في مكان مختلف تماماً، كما يستعملون كثيراً ما يسمى بالشهود السريين الذين لا يراهم أحد، لكن هناك قصة رشحت عن ذلك. على الأرجح أنّ هناك ضابطاً في جهاز الإستخبارات الفدرالية الروسية، ويقال إنّه سمع بعض الأصداء، سمع أحدهم يقول لشخص آخر إنّه لا بدّ من الإطاحة بنظام الإحتلال وإعلان الجهاد على روسيا إلى ما هنالك، وذلك الكلام يُعتبر دليلاً. حتى أنّ كلّ الأسئلة التي يعدّها المحامي أو التي يحاول المدعى عليه أن يطرحها لكي يدينه بأنّه يكذب، تُمحى من قبل المحكمة المزعومة، ويقال إنّ ذلك غير منطبق. يُمحى السؤال. بشكل عام، تُعتبر المحاكمات أكثر تغطرساً وظلماً ممّا كانت عليه في عهد النظام السوفيتي”.
جميلوف يرد على لماكرون.. كم هو لطيف!
وردّاً على تصريح للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لناحية وجوب أن تتخلّى أوكرانيا عن بعض الأراضي لصالح روسيا بغية إنهاء الحرب، قال جميلوف: “أعتقد أنّني سمعت ذلك للمرّة الأولى من الرئيس ماكرون عندما كان يتحدث عن ضرورة القيام بنوع من التنازلات الإقليمية، وفكّرت في نفسي كم هو لطيف! هل سيمنح جزءاً من الأراضي الفرنسية للرئيس بوتين!؟ لكن اتضح أنّ الجواب هو كلا، لقد قرّر أن يساوم على أرضنا.
من المؤكّد أنّنا لا نملك سنتيمتراً مربعاً واحداً إضافياً نودّ أن نتخلّى عنه لمصلحة أحد، ذلك أمر محسوم، وذلك هو رأي كلّ القادة في أوكرانيا والأغلبية الساحقة لأبناء وطننا. أعرف أنّه بحسب الدراسات المجتمعية يعتقد أكثر من 90 % من الأوكرانيين أنّه إلى أنّ يتحقق تحرير أوكرانيا الكامل وضمان سيادة أراضيها، بما في ذلك تحرير القرم، لا حاجة للقيام بأيّ مفاوضات إطلاقاً مع روسيا. هذا هو رأينا. لذلك إنّ تصاريح ماكرون وكيسينجر في دافوس عن الحاجة إلى حفظ ماء وجه بوتين، وعن ضرورة إجراء بعض التنازلات الإقليمية، تسببت بالطبع بموجة سخط عارم في صفوف الأوكرانيين، خصوصاً في شبه جزيرة القرم. فقال الجميع: ما بالهم؟ هل سيخونوننا مرّة أخرى؟ ما هي تلك التنازلات؟ لماذا يقررون عنّا إن كان لا بدّ أن نعيش تحت الإحتلال أم لا؟ ذلك هو الجو العام… صحيح، لقد بدأوا يميّزون مواقفهم عن وعودهم ولكن الأمر واضح.
هل تعتبر أنّ القرم ستكون جزءاً من أوكرانيا مجدداً؟
هنا يجيب جميلوف: “بالطبع أؤمن بذلك لأنّه ما من حل آخر. إنْ سمح العالم للقوي بضمّ أراضي أيّ دولة مجاورة له، فإنّ العالم سينتهي وستحلّ كارثة كبيرة في الكون بأسره. بالعودة إلى العام 2014، قلت في نفسي: يا إلهي، ذلك ضرب من الجنون لأنّنا انضممنا إلى مذكرة بودابست وتخلينا عن أسلحتنا، وهناك دول ضامنة لسلامة أراضينا وأمننا، وفي النهاية هناك ميثاق الأمم المتحدة الخاص بعدم انتهاك حدود أيّ دولة وهناك أيضاً إتفاق هلسنكي. كنت واثقاً جدّاً بأنّ الغرب سيتخذ إجراءات قسرية جدّاً لكبح تلك البلطجة الدولية، وكنت واثقاً أيضاً من أنّ الغرب سيتخذ إجراءات قسرية للجم تلك البلطجة، وبالطبع كانت هناك عشرات القرارات الدولية التي صدرت عن غالبية المنظمات الدولية إلى جانب 7 أو 8 قرارات صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن لم تكن هناك خطوات حازمة، وفي ذلك الوضع، اعتبرت وما زلت أعتبر أنّ الخطوات الحازمة هي أقسى العقوبات التي تفرض على المعتدي. لكن لسوء الحظ، بدأوا بتطبيقها فقط بعد بداية الحرب الواسعة النطاق، والتي سقط ضحيتها حتى الآن عشرات الآلاف، وبالتالي فإنْ طبّقت العقوبات لنقل في العام 2008 عندما اجتاحت روسيا جورجيا، أنا واثق كلّ الثقة بأنّها ما كانت لتجتاح شبه جزيرة القرم، ولو اتخذت تلك العقوبات في العام 2014، فكلّي ثقة بأنّ الحرب الحالية ما كانت لتندلع، إلا أنّ الغرب تأخّر جدّاً باتخاذ تلك الإجراءات لسوء الحظ”.
زعماء الغرب يفتقدون الثقة أم يخافون حقّاً هجوماً نووياً روسياً؟
هنا يكشف زعيم تتار القرم التالي: “أذكر أنّني كنت أتحدث أمام مجلس الشيوخ الإيطالي عن الخروج على القانون، والحاجة إلى تعزيز العقوبات، فقالوا لي: هل تعرف كم من مليار دولار تكلفنا تلك العقويات سنوياً؟ نعم، في الواقع، إنّهم يخسرون أسواقاً كثيرة، فقلت لهم: الحرية هي أمر باهظ الثمن، وإنْ لم تدفعوا ثمنها اليوم، ستدفعون الثمن مضاعفاً مئات الأضعاف ليس فقط بالمال، لكن أيضاً بالأرواح البشرية. تلك هي الحقيقة، ربما الكلفة عالية، لكننا سننقذ رأسمالنا هناك وسنواصل جني الأرباح. ذلك الأمر لا يعنيهم لأنّ أرضهم لم تتعرض للإحتلال، فيتصرفون بتلك الطريقة، ناهيك عن أنّ الكثير من السياسيين والزعماء يتبعون أهواء ناخبيهم. فإنْ تكبّد أحد الناخبين بعض الخسائر المالية أم خسر وظيفته بسبب تلك العقوبات، يحجم عن التصويت للسياسيين. وبالتالي هم يبذلون قصارى جهدهم، لكن ذلك الموقف قصير النظر. اليوم نعم، يمكنكم أن تفعلوا ذلك وهكذا تغضون النظر عن تلك الجرائم التي يرتكبها هذا الجار الكبير، وأنتم تعبّدون الطريق لكوارث مستقبلية بما فيها في بلادكم. لسوء الحظ، ليس لديهم فهم كافٍ لهذا الأمر”.
لماذا أراد بوتين أن يدمّر ماريوبول.. وما هي كواليس المحادثات؟
تعليقاً على ذلك، يقول جميلوف: “لا أعتقد أنّه كان يرغب بتدمير ماريوبول بالكامل، كانت لديه رغبة بغزوها والسيطرة عليها، فبالنسبة له، كانت ماريوبول تكتسي أهمية كبيرة لأنّها كانت تشكل ممراً برياً من القرم إلى دونباس. وبالطبع لقد أفلحوا في ذلك الصدد. كانت استراتيجيتهم الرئيسية ترتكز على ترهيب السكان بوحشيتهم المميزة… أعرف أنّ أكثر من 95 % من المباني الإدارية والسكنية أصبحت غير صالحة للإستعمال، فالأضرار هائلة وتبلغ مئات مليارات الدولارات. لقد نشروا أكاذيب بأنّ متطرفين يتمركزون في المدينة، وذلك هراء. كانت هناك مجموعات من مختلف الأطراف. أذكر آخر رسالة تلقيتها من هناك وكانت شريط فيديو لسيرغي فولينا، قائد القوات البحرية في أزوفستال. لقد بعث برسالة مصوّرة إلى رجب طيب أردوغان لكي يقوم بوساطة في عملية سحبهم من هناك، لاحقاً، أرسل طبيب من تتار القرم يدعى أصلان رسالة مصورة أخرى، لم يكن هناك أوكرانيون فحسب، بل كان هناك أشخاص من مختلف الجنسيات. بالطبع لقد اتخذ أردوغان بعض الإجراءات وتحدث إلى بوتين مرّتين ومن ثم تحدث مع أوّل مساعديه وقد جاء ابراهيم كالين خصيصاً وتحدث عن الأمر عندما التقيناه في السفارة. لقد قال إنّه تحدّث شخصياً مع شويغو، وقال إنّ هناك سفينة جاهزة في اسطنبول لنقل أكثر من ألف شخص وما أنْ يتمّ التوصل إلى اتفاق تتوجه تلك السفينة إلى مرفأ برديانسك. وعلى متن الشاحنات التي سيوصلها الأتراك إلى أوكرانيا بإشراف من مسؤولين أتراك، سيتم نقل المقاتلين من ماريوبول إلى برديانسك ومن هناك إلى تركيا، وسيبقى المقاتلون حتى نهاية الحرب في ضياقة الجمهورية التركية ولن يشاركوا في الحرب بعد ذلك. إلّا أنّ شويغو وبوتين رفضا رفضاً قاطعاً، مطالبين بأن يستسلم المقاتلون من دون فشل. بحاجة إلى صورة تلفزيونية للأوكرانيين المستسلمين، ولذلك السبب دمروا كل شيء هناك… نحن نتعامل مع دولة من ذلك النوع”.
ما عدد تتار القرم الذين يقاتلون اليوم من أجل استقلال أوكرانيا؟
يقول جميلوف: “لا يمكنني أن أعطيك أرقاماً محدّدة لكن هؤلاء الـ30 ألفاً الذين غادروا القرم مؤخّراً، هم جزء من القوى المسلحة الأوكرانية أو من قوات الدفاع الإقليمية. لقد خطرت في بالنا فكرة تأسيس فرقة مستقلة في العام 2014 ليس لأنّنا أردنا أن يكون لنا جيش خاص بنا، لم يُسجّل أي اعتراض على تلك الفرقة، لكن في الواقع لم تحصل أيّ جهود لتأسيسها”.
وختم: “عالمنا ليس كبيراً، نحن مرتبطون ببعضنا البعض. إنّ أوكرانيا تنتج 16% من الحبوب في العالم، وهي باتت اليوم غير قادرة على تصديرها بما أنّ روسيا تحاصر مرافئها. ذلك الأمر يهدّد دول أفريقية كثيرة بالجوع، على الأقل لا بدّ من دعم أوكرانيا لتلك الأسباب. لقد دخلت روسيا مياهنا الإقليمية ولا تدع السفن تعبر، قولوا لروسيا. أنا لا أتحدّث عن الحاجة إلى تفوّق القانون على القوة، إنْ لم يتم استرجاع ذلك الحق، فلن تبقى أيّ دولة بأمان… إنْ سُمح للقوي بغزو الأراضي الأجنبية وفرض نظام خاص بها وضمّ تلك الأراضي إليه، إنْ سقطت أوكرانيا، ستكون دول البلطيق التالية على اللائحة وبولندا أيضاً إلى ما هنالك… ستتصرف روسيا بجرأة أكبر من اليوم، لذلك تلك الحرب ليست حربنا فحسب، وليست حرب الأوكرانيين، نحن على الخطوط الأمامية، وشعبنا يموت، لكنّنا نقاتل من أجل العالم بأسره.