إلى متى ستستغل بوكو حرام الأطفال والنساء وتفرض القتال والموت على الرجال
- تنشط جماعة بوكو حرام الإرهابية في شمال نيجيريا
- أدى نزاعها الدموي مع الشرطة عام 2009 إلى تكريس نشاطها ووجودها الإرهابي
- في 2015 أعلنت الجماعة مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية ما ضاعف من قوتها وبطشها
- تمّ تدريب أكثر من 1000 مرتدّ من جماعة بوكو حرام الإرهابية ضمن عملية الممر الآمن
تنشط جماعة بوكو حرام الإرهابية في شمال نيجيريا، وقد أدى نزاعها الدموي مع الشرطة عام 2009 إلى تكريس نشاطها ووجودها الإرهابي.
في العام 2015 أعلنت الجماعة مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية ما ضاعف من قوتها وبطشها، وكغيرها من الجماعات الإرهابية المتشدّدة، رفعت بوكو حرام منذ تأسيسها شعار إقامة الخلافة الإسلامية والعودة إلى الإسلام الصحيح، وفي طريقها لتحقيق ذلك انتهجت الخطف والقتل والتجنيد والتفجير سبيلاً، فارضة الرعب ومخلّفة المآسي أينما حلت.
يُدخلنا بولاما باباغنا المحارب السابق في صفوف بوكو حرام في تفاصيل الحياة مع هؤلاء الإرهابيين، وكيف أنهم يستغلون الأطفال للحصول على المعلومات وكيف يجنّدونهم في حروبهم وصفقاتهم القذرة. فكيف يخطط هؤلاء للانقضاض على فريستهم؟، وما هي المغريات التي يجتذبون عبرها ضحاياهم؟.
يجيبنا المحارب السابق مع بوكو حرام بولاما باباغنا عن كل تلك الاستفسارات موضحاُ أنهم “عندما أتوا إلى باما للاستيلاء على المدينة، أعطونا المال … وأخبرونا أنهم سيسمحون لنا بالزواج من النساء اللواتي نرغب بهن. وكانوا عندما يأتون يقتلون من يرفض الخضوع لهم أمّا من يتبعونهم فيبقون سالمين ويأخذونهم بعد ذلك معهم إلى الأدغال. هكذا تم انضمامي إليهم، لكن بعد ذلك قُتل قائدنا، ولم يعد لدينا طعام ولا حتى أسلحة للقتال ولم يكن هناك وقود أيضاً وقد تسبب كل ذلك في دفع الجميع إلى المغادرة”.
استعباد وحجز للحرية
كان زعيم المجموعة بحسب باباغنا يحمل اسم شاكارو، ورغم وعودها لمن يلتحق بها بالمال والنساء إلا أن تلك العروض لم تجلب السعادة لمن تمّ تجنيدهم خصوصاً وأن كثر قد التحقوا بها خوفاً من الموت في حال رفضوا الانصياع والرضوخ، ولم تكن الحياة سهلة مع بوكو حرام بحسب باباغنا فقد سلبت ضحاياها الحق بالعيش والحياة الحرة.
وعن تنسيق المهمات والعمليات الإرهابية يقول بابانغا “كانوا يبلغوننا بأننا سنقاتل في قرية ما قبل يوم من العملية ويطلبون من الجميع الإنضمام إلى موقع الاجتماع وهناك كانوا يأتون بالمركبات والأسلحة وأحياناً بالزي الرسمي ويقولون لنا بأننا سنتوجه في اليوم التالي إلى منطقة القتال”.
وأضاف “كانوا يطلبون منا قراءة القرآن ومن ثم تنفيذ كل الأوامر التي يطلبونها. أما السبب الذي يجعل الناس يغادرون الجماعة هو أن فريق آخر قد انضمّ إليها ولم يتم التوافق بينهما، فالفريق الأول يريد القيادة من صفوفه والفريق الثاني يريد القيادة من صفوفه وكانا يتقاتلان لهذا السبب، وكان من الصعب علينا فهم ما يفعلانه وما كان لأحد منا أن يفهم إذا كان ما يقومان به جيّد أم سيئ إلى أن نسمع عن ذلك لاحقاً عبر الراديو والهاتف”.
يشعر باباغنا بإحراج شديد وخجل كونه كان يقاتل إلى جانب بوكو حرام، ويعود ذلك الإحراج بحسب قوله إلى أنه كان يقاتل إخوة وأخوات يعيش معهم اليوم ضمن مجتمع وبيئة واحدة، ومع ذلك يؤكد أن كل تلك المشاعر السلبية قد انتهت وهم يعيشون الآن معاً بتسامح.
ويقول “إن الحياة التي نعيشها الآن أفضل بكثير من قبل، لأنه في وقت ما لم يكن بإمكاننا الحصول على طعام لنأكله، وأحيانا كان القائد يمنعنا من ركوب السيارة فيما كان هو يقودها، لذلك كان القادة يخونوننا وهذا هو سبب شعورنا بالسوء”.
وأضاف “يتحكم القائد بقوة بالمجموعة، لذلك فإذا ذهبت إلى مكان ما سيتم الإبلاغ عنك إذا لم يكن مسموحًا لك بالذهاب إلى ذلك المكان. لم يكن لدينا أي نشاط للقيام به وثمة من يتحكّم بنا دائماً”.
تجنيد الأطفال
لم ينحصر استغلال بوكو حرام بالراشدين فحسب، فقد عملت الجماعة أيضاً على استغلال الأولاد وتجنيدهم للحصول على معلومات.
ويؤكد باباغنا أنه “كان يتم استغلال الأولاد الصغار لدى هجومهم على أي بلدة، لذلك كانوا يحصلون على المعلومات من الأولاد… فإذا ذهبوا إلى منزلك وكان بابك مغلقًا، سيكون عليك الخروج مع عائلتك وأطفالك. وعندما كان الأولاد يذهبون في مهمة أو لشراء شيء من الدكان أو إذا كانوا خارج المنزل، كانوا يتحدثون إليهم ويقولون لهم إنهم سيعطونهم الحلوى ويطرحون عليهم أسئلة مثل إذا كان هناك ناس في بيتهم، فإذا أجاب الولد بنعم يسألون أين هو بيتك؟ وكيف يمكننا دخول منزلك؟ وإذا أريتني وسمحت لي بالدخول فسأعطيك الخبز… إذاً هذه هي الطريقة التي يحصلون بها على المعلومات من الأولاد. الآن، عندما يأتي رجال الأمن إلى البلدة التي ينشطون فيها، فإنهم يأخذون معهم الأولاد إلى الأدغال ويبقونهم هناك. وعندما يكبرون إذا أصبح عمرهم حوالي 18 إلى 17 عامًا، فسيتم تدريب بعضهم”.
وأضاف “لا زالوا يقبضون على الأطفال، ويتم إرسال المجموعة الأصلية التي بقيت في الأدغال إلى المدينة من أجل إلقاء القبض على الأولاد الآخرين أيضاً، إذا ذهبت إلى المخيم الآن سترى الكثير من الأطفال الذين ليس لديهم أب ولا أم لأن والدهم وأمهم في الأدغال”.
تشكل قصة باباغنا نموذجاً عن قصص كثر من المحاربين التائبين لدى بوكو حرام والذين عادوا إلى بيوتهم ومجتمعاتهم، وبحسب المعلومات الصادرة عن الجيش النيجيري، تمّ تدريب أكثر من 1000 مرتدّ من جماعة بوكو حرام الإرهابية ضمن عملية الممر الآمن منذ العام 2015 حتى اليوم، من بينهم 16 أجنبيًا تم دمجهم بنجاح في المجتمع. فحتى متى ستبقى تلك الجماعة حرة طليقة تنشر شرها في البيئات الفقيرة والمهمشة مستغلة الأطفال والنساء وفارضة القتال والموت على الرجال؟.