زار الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد معرض إكسبو 2020 العالمي في دبي مؤخراً. بعد اختتام زيارته، وفي لقاء عبر تطبيق زووم، أجاب أحمدي نجاد على أسئلة “أخبار الآن” حول مجموعة واسعة من القضايا، بدءاً من الإنتخابات العراقية الأخيرة، إلى الوضع في أفغانستان، وصولاً إلى الإتفاق النووي. وهنا أبرز ما ورد فيها.
أحمدي نجاد: معرض إكسبو 2020 دبي يتماشى مع أهدافه التاريخية
من المعلوم أنّ أحمدي نجاد لا يسافر كثيراً خارج إيران، لكن في رأيه أنّ زيارته للمشاركة في المعرض مهمّة نظراً لأنّ “الدول والبلدان هنا یقدمون أنفسهم، تاريخهم، هويتهم، طموحهم والمستقبل الذي رسموه لأنفسهم”. وأضاف أنّ “معرض إكسبو 2020 الذي يُقام في منطقتنا في دولة صديقة وجارة، اختار شعاراً جذاباً للغاية، وهو يتماشى مع الأهداف التاريخية لمعرض إكسبو، وذلك يعني أنّه يجب علينا أن نفكّر مع بعضنا البعض من أجل أن نصنع مستقبلاً أفضل”.
عن طبيعة زيارته الإمارات وما إذا كان يتواجد هنا كرئيس سابق، أو كسياسي لديه خطط مستقبلية، أم أنّه مجرّد مواطن إيراني عادٍ، ردّ بالقول: “أنا أتيت بصفتي كإنسان، وبصفتي كمواطن إيراني للمشاركة في المعرض، وكي أوصل رسالة سلام وصداقة ومحبة نيابةً عن الشعب الايراني، وكي أساهم في تشكيل إرادة مشتركة في المحادثات مع الدول الأخرى، من أجل تحقيق أهداف المعرض، وهي بناء عالم أفضل”.
المحادثات بين السعودية وإيران
في مجال آخر، وعن توقّعاته بشأن التواصل بين المملكة العربية السعودية وإيران، واللتين تجريان محادثات لحلّ خلافاتهما حول مجموعة واسعة من القضايا، وكذلك إلى أيّ مدى يمكن أن تكون تلك المحادثات مثمرة في نهاية المطاف، قال أحمدي نجاد: “جميعنا بشر، إخوة، جيران. آمل أن تصل المفاوضات بين إيران والسعودية إلى نتيجة قريباً، إلى اتفاقية شاملة تكون في خدمة المنطقة برمتها، وليس اتفاقية ضدّ الآخرين أو مصالح الآخرين”.
وتابع: “آمل أن يأتي ذلك اليوم قريباً عندما نجتمع يداً بيد ونحل خلافاتنا بطريقة أخوية، ونفكر في حضارة المنطقة. يجب أن أذكرك هنا بأنّ أيّ شخص يصبح رائداً في هذا الصدد ويتولى زمام المبادرة، فسيتم دائماً تذكّره كأحد الأبطال التاريخيين لأمم المنطقة”.
أحمدي نجاد: أيّاً كان ما يقرّره الشعب العراقي على الجميع الالتزام به
أمّا عن الانتخابات العراقية الأخيرة، والتي شهدت هزيمة الجماعات التي ترتبط بشكل وثيق بالحرس الثوري الإيراني، وما هي الدروس التي يمكن للقادة الإيرانيين استخلاصها من هذه الخسارة، قال نجاد: “أعتقد أنّه في كلّ بلد يجب أن تسود إرادة الناس.
يجب احترام إرادة الشعب العراقي في الانتخابات التي جرت مؤخراً
عندما يريد الناس شيئاً ما، يجب على الجميع الالتزام به، سواء أكانت تيارات سياسية محلية، أو دولاً أجنبية أخرى. إنّ ذلك مبدأ مطلق، وبقدر ما ينتهك هذا المبدأ بقدر ما تنقطع العلاقات، وتتشوه الأخوّة، ويتكبّد الجميع خسائر، والأمة العراقية ليست استثناء. أيّاً كان ما يقرّره الشعب العراقي، يجب على الجميع الالتزام به. هذه هي أفضل طريقة للصداقة”.
الأمن في سوريا
وعن تأثير سعي الحكومة السورية إلى إعادة إحياء العديد من العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية التي جُمّدت سابقاً، خصوصاً مع العالم العربي، على وجود الحرس الثوري في سوريا، قال أحمدي نجاد: “لقد مرّ على سوريا نحو 11 سنة صعبة للغاية، ودُمرت مساحة شاسعة من هذا البلد، وقتل وجرح الكثير من الناس، وهناك آخرون طردوا من منازلهم. لقد مرّت حقبة حزينة مريرة في سوريا. نأمل جميعاً أن تصبح سوريا منظمّة وأن يتمتع الشعب السوري بالأمن والرفاهية الكاملين. لكن ذلك يتطلّب مرّة أخرى الإعتماد على رغبات الناس وإرادتهم، فكلّما سادت إرادة الناس، لا توجد مشكلة، وإذا كانت هناك مشكلة، فستكون قابلة للحل من خلال الرجوع إلى إرادة الناس”.
ما نوع التحديات والفرص أمام إيران نتيجة سيطرة طالبان على أفغانستان؟
وفي ما يتعلّق بملف أفغانستان وسيطرة طالبان عليها، سألت “أخبار الآن” أحمدي نجاد عن نوع التحدّيات التي تفرضها تلك السيطرة، على إيران، فأجاب: “ما حدث في أفغانستان هو أنّ مجموعة من المسلّحین الذین تمّ دعمهم وتسلیحهم وإرشادهم من قبل الأجانب، استطاعوا احتلال العاصمة واستولوا على السلطة. إنّ ذلك خطأ جوهري، ولن يكون فيه خير، ولن تكون هناك منفعة لأيّ من الجانبين إلّا لأعداء الشعوب. إذا افترض بعض جيران أفغانستان أنّه يمكن تخيّل بعض الفوائد في هذا المخطط لهم، فعليهم أن يعلموا أنّهم قريباً جداً سيتحوّلون إلى خاسرين كبار”.
وفيما تتوالى التوتّرات الأمنية في أفغانستان، وإذا ما كانت حماية قندهار غير ممكنة، وحماية العاصمة غير ممكنة، وحماية مطار حامد كرزاي الدولي غير ممكنة، فكيف يمكن لأفغانستان أن تُقام كدولة، وما الذي يجب فعله لجعل طالبان تفهم مسؤوليتها في الحفاظ على أمن أفغانستان والأفغان؟
في هذا الصدد، اعتبر نجاد أنّه “إذا لم تتحقق إرادة الشعب، فلن يكون هناك حدث إيجابي ممكن. إذا كانت أفغانستان تريد الازدهار وتحقيق التقدم، والحفاظ على استقلالها، والتمتع بالتنمية والازدهار، فيجب أن تسود إرادة الشعب؛ ما دام الشعب ليس موجوداً على خشبة المسرح ويتمّ تجاهله، فإنّ توقّع حصول حدث إيجابي هو تفاؤل عديم الفائدة، ومجرد تمنٍّ”.
وعمّا إذا كان يرغب في رؤية إيران تلعب دوراً عسكرياً داخل أفغانستان، أم أنّه تيقّن أنّ التدخل العسكري الخارجي لا يخدم مصالح إيران، قال: “بشكل عام، أنا ضدّ النزعة العسكرية. أنا ضدّ طالبان لأنّها حكمت الشعب بقوّة السلاح. والأسوأ من ذلك أنّها تقدم نفسها على أنّها حكومة إسلامية، وتقدّم الآخرين على أنّهم كفار. أنا ضدّ النزعة العسكرية لأنّ العسكرة ه من أجل القتل، والقتل لا يجلب الصداقة، لا يجلب الأمن والاستقرار”.
التصعيد بين إيران وأذربيجان
بالنسبة للتصعيد الأخير على طول الحدود بين إيران وأذربيجان، كان نجاد ذكر في تغريدة له أنّ ثمّة سيناريو خطيراً للغاية بصدد القيام به. ولدى سؤاله عمّن يقف خلف هذا السيناريو وما هو الهدف منه، أجاب: “لسنا بحاجة إلى صدام، ولسنا بحاجة إلى حرب، لكن يجب أن نجتمع ونتحدّث لحلّ الخلافات. يجب أن نعيش جميعاً في هذه المنطقة وكلّنا جيران. لا أحد يستطيع أن ينقل بلده إلى منطقة جغرافية أخرى. لقد جمعنا الله معاً، ويجب أن نتعايش مع بعضنا البعض ونتعرف على بعضنا البعض؛ يجب أن نعيش مع بعضنا البعض. في تقديري، أعتقد أنّهم يعتزمون شنّ حرب عنيفة في منطقة القوقاز”.
التقاعس الأمني في إيران
وعن الشأن الداخلي الإيراني حيث شهدت الأشهر والسنوات الأخيرة عمليات اغتيال وتوتّرات أعمال أمنية عديدة… وفي معرض ردّه على سؤال مفاده “مَنْ يتحمل المسؤولية في إيران عن منع مثل تلك الحوادث، وأسباب التقاعس عن المسؤوليات”، قال أحمدي نجاد: “غني عن القول إنّ منعه هو من مسؤولية منظمات الاستخبارات ومكافحة التجسس، يجب عليهم القيام بواجباتهم بدقّة. كان هناك بعض الإهمال في إيران في هذا الصدد، وكان العملاء الأجانب قادرين على توجيه ضربات بأمتنا”.
مصير الاتفاق النووي
وفي ما يخص ملف الإتفاق النووي الذي يريد الأمريكيون استئناف خطة العمل به، فيما تتحدّث الدول الأوروبية عن الحاجة الملحّة لمنعها من الانهيار التام، في وقت تشير فيه الحكومة الإسرائيلية الجديدة أيضاً، إلى أنّها تفضل إحياء تلك الخطة، وهي مختلفة تماماً عن عهد نتنياهو، قال أحمدي نجاد: “بعد بضع سنوات، نرى أنّ الخلافات لاتزال قائمة، بل أنّها أصبحت أعمق وأكثر تعقيداً، وذلك يعني أنّ الإتفاق النووي لم يكن إتفاقاً ناجحاً، والسبب واضح جدّاً، أي اتفاق لا تُراعى فيه أصول العدالة، لا يمكن أن يكون إتفاقاً مفيداً، ولا يمكن أن يكلل بالنجاح. حسناً، ذلك الإتفاق لم يكن عادلاً، لم تراعَ فيه حقوق الشعب الايراني”.
وتابع: “رأينا كيف أنّ إيران لم تتمكن من الحصول على حقوقها عندما خرج السيد ترامب من الإتفاق النووي بمفرده. حسناً، هذا الإتفاق كان متحيّزاً ولم يكن عادلاً ولم يحترم حقوق الشعب الايراني، ولم ينجح في حلّ المشاكل. الآن ماذا يجب أن يفعل الجانب الإيراني؟ أنا أعتقد أنّه يجب رسم إطار منطقي مبني على العدالة والاحترام، أعني الاعتراف رسمياً بحقوق الشعب الايراني، أن يحترم الطرفان حقوق بعضهم البعض، وعندها يمكن أن التوصل إلى إتفاق راسخ”.
وأضاف أحمدي نجاد: “طبعاً أنتم تعلمون أنّ الملف النووي هو مجرد ذريعة، الاختلاف بين إيران والولايات المتحدة أعمق من ذلك الأمر، وشاهدتم كيف أنّ الإتفاق النووي لم ينجح في حلّ المشكلة، وذلك يعني أنّ الأمر في مكان والمشكلة في مكان آخر، يجب أن يجلس الطرفان لحل هذه المشاكل. لقد تكبدت كلّ من الولايات المتحدة وإيران خسائر لمدة 40 عاماً، وتكبدت دول المنطقة خسائر، يجب أن يجتمعوا ويحلوا المشكلة لأنها قابلة للحل في رأيي”.
حقوق الإيغور
وعن وضع الأقلية المسلمة في منطقة شينجيانغ الصينية، والمزاعم الخطيرة التي تتراوح من السجن والاضطهاد إلى الإبادة الجماعية، قال أحمدي نجاد إنّه “سبق أن أعلن موقفه من هذه القضية، “وهو موقف حاد إلى حدّ ما، وذلك لا يتعلّق بكونهم مسلمين أم غير مسلمين. إنّ حقوق الإنسان هي حقوق راسخة، ويجب أن تتم مراعاتها في كلّ مكان.
الناس هناك لديهم حقوق إنسانية يجب مراعاتها بشكل كامل، يجب الاعتراف بحقهم في حرية الاعتقاد وحرية الطقوس وحرية النشاطات الاجتماعية والثقافية والسياسية، وأنا أعلنت موقفي هذا في أكثر من مناسبة”.