يمنيون يؤكدون تراحم مجتمعهم وقبوله للمنشقين التائبين عن فكر القاعدة
اعتقل زعيم القاعدة في اليمن خالد باطرفي، لم يعتقل، بل عزل من منصبه، لم يعزل، أخبار وتقارير ومعلومات تفند بعضها البعض، تقرير أممي يؤكد اعتقال باطرفي في عملية بمحافظة المهرة في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2020، ثم تسجيل مرئي له يتحدث فيه عن حادث إقتحام مبنى الكابيتول في الولايات المتحدة الأميركية؛ الواقعة التي جرت أحداثها في 6 كانون الثاني/ يناير العام الحالي 2021.
الشيء الذي يمكن تأكيده وسط هذه الأنباء المتضاربة هو أن اليمنيين قد ضاقوا ذرعاً بالقاعدة وأفعالها وتشويهها للدين الإسلامي، وصاروا يرحبون بعودة المنشقين والتائبين عن هذا الفكر المتطرف، تماماً كما هو مؤكد انشقاق كثير من قيادات ومسلحي التنظيم في اليمن.
أخبار الآن استطلعت آراء مواطنين يمنيين في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، أجمعوا كلهم على حقيقة ترويع القاعدة للآمنين وإرهابهم وتخويفهم، كما على تراحم المجتمع في حضرموت خاصة واليمن عامة، وقبوله عودة المنشقين عن القاعدة للمجتمع المدني.
وعلى الرغم من أن هؤلاء المواطنين قد تحدثوا إلى كاميرا أخبار الآن دون طلب تغطية وجوههم، فإنهم تمنوا علينا ذكرهم بأسماء مستعارة.
في كورنيش مدينة المكلا التقينا محمد الذي قال “طبعاً تنظيم القاعدة لديه إستراتيجية قوية في موضوع التمويه الحربي خاصة في الفترة الاخيرة، يعني هو ليس بالبساطة التي يظنه البعض فيها، التقرير الأخير الذي نشرته بعض المواقع وبعض الوكالات الدولية الذي نص على خبر اعتقال باطرفي، هذا خبر ظهر أكثر من مرة، وفي نفس الوقت ظهر تكذيب لهذا التقرير هو من الأشرطة التي تبثها المراكز الإعلامية الخاص بالتنظيم”.
وأضاف محمد “اليوم، أصبحت الأخبار متضاربة، والأنباء غير موثوقة، وأصبح المجتمع الدولي والمجتمع المحلي لا يثقان في هذ المعلومات، طبعاً في الفترة الأخيرة جاء تقرير آخر يؤكد أن هناك اعتقالات لعناصر في التنظيم، من ضمنهم خالد باطرفي في محافظة المهرة، لكن إلى الآن لا يوجد هناك أي تصريح من الحكومة اليمنية أو حتى التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الذي تبنى هذه العملية”.
وأشار إلى أن كل شيء وارد، وأن “التنظيم أصبح تنظيماً دولياً، الغرض منه تشويه الإسلام وتشويه المسلمين، وكل ما يقوم به التنظيم هو عبارة عن مصالح ذاتية ومصالح إستعمارية ومصالح سياسية غطاءها الدين”، مشددداً على أن “المجتمع اليمني لديه الإسلام والإيمان، ولدينا دين الله وهو بعيد كل البعد عما يتبناه التنظيم من تفجير أو قتل، وكل ما يقوم به من سفك الدماء”.
وأكد أن “المسلمين دائماً يتبرون من هذا، فلا شيء ولا يمكن بأي معنى وأي شكل من الأشكال أن يكون هذا هو الدين الذي أتى به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، دين الوسطية ودين الاعتدال”.
القيادي المنشق: عدت إلى رشدي ولا يوجد هناك أشياء تستحق أن تحمل السلاح في وجه أخيك
لكن لماذا كل هذا الاقتتال والتناحر الذي تنفذه القاعدة؟ هل هناك ما يستحق أن يحمل اليمني لأجله السلاح بوجه أخيه اليمني؟ توجهنا بهذه الأسئلة للقيادي المنشق عن القاعدة، الذي سبق وشغل منصب مساعد أمير قبل عودته إلى رشده، وفق تعبيره.
قال القيادي المنشق لأخبار الآن “في المجتمع اليمني لا يوجد هناك أشياء تستحق أن تحمل السلاح في وجه أخيك إلا إن تعلق الأمر بالعرض والمال والأهل، هنا الواحد سوف يسعى جاهداً لأن يدافع عن أرضه”.
ولفت إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “منْ قُتِل دُونَ مالِهِ فهُو شَهيدٌ، ومنْ قُتلَ دُونَ دمِهِ فهُو شهيدٌ، وَمَنْ قُتِل دُونَ دِينِهِ فَهو شهيدٌ، ومنْ قُتِل دُونَ أهْلِهِ فهُو شهيدٌ”. هذا ما اتفقنا عليه (كمجتمع يدين بالإسلام)، ولكن الاقتتال لغرض مادي ولغرض سياسي وأن نتقاتل ما بين بعضنا البعض، فهذا التناحر أنا لا أويده”.
وأضاف القيادي المنشق “في السابق عندما كنت في التنظيم، كنت أرى كل شيء سهلاً، كل شيء مباحاً، عندما كنت في التنظيم وجدت نفسي محاطاً بين أن أدافع عن نفسي وبين أن أموت أو لا أموت، فاضطررت للدفاع عن نفسي، لكن الآن عندما عدت إلى رشدي، واكتشفت أن هذا شيء تسهيلي، عدت إلى وطني”.
وأكد “أنا الآن لا أرى أي داعي لحمل السلاح في وجه إخواننا وفي وجه بعضنا البعض، ستجد الواحد في التنظيم وأخوه في النخبة الحضرمية، تجد واحداً في التنظيم وأخوه في النخبة الشبوانية، يعني قتال بين الأهل، صرنا نتقاتل في ما بين بعضنا البعض، حتى بدون أجندة خارجية، نتقاتل بين بعضنا البعض، فهذا لم أحب رؤيته بين أهلي ولا بين أولادي في المستقبل”.
عودة هذا القيادي المنشق عن القاعدة إلى المجتمع المدني ونبذه السلاح والتناحر بين الأخوة، وجد صداه الإيجابي في مجتمع حضرموت واليمن، فهو واحد من كثر عادوا طوعاً بعد اكتشافهم التغرير بهم لأهداف سياسية باسم الدين.
أمل: أؤيد عودة المنشقين إلى مجتمعهم والمساهمة في تطويره عوضاً عن الانغماس في العنف
السيدة أمل، وبكل حماس، أكدت تقبلها للتائبين عن فكر القاعدة، إذ أكدت قائلة “طبعا أتقبله، إني كمواطن أولاً، والشيء الثاني فأنا أتقبل هذا الشخص لأنه لو لم يجد أحداً يتقبله في مجتمعه بحد ذاته، سيرجع مرة ثانية لأعماله السيئة، لأنه سيرى أن لا هدف أمامه سوى أن ينتقم من الشعب أو المجتمع الذي لم يتقبله”.
كما أيّدت انشقاق أفراد القاعدة عنها، وقالت “طبعاً أؤيد انشقاق هؤلاء الأفراد من القاعدة لكي يعود إلى مجتمعهم ويساعدوا في تطويره عوض عن أن يستمروا في الانغماس في أعمال العنف”.
من جانبه، اعتبر نبيل أن “تنظيم القاعدة تنظيم إرهابي ليس له علاقة بالتنظيمات الإسلامية الطبيعية، هو تنظيم إرهابي قائم على فكر ترويع الآمنين، وقائم على فكر نشر الخوف والرعب في أوساط المجتمعات التي يتواجد فيها”.
وأضاف أنهم “يتغطون بغطاء إسلامي وغطاء ديني وهم بعيدون عنه كل البعد، وينسبون لأنفسهم مسميات دينية وهم بعيدون عنها كل البعد نهائياً”، مؤكداً أنهم “يتخذون الدين غطاء لأفعال وأعمال منافية للدين ومنافية للأمن والأمان”.
أحمد: من تاب أهلاً وسهلاً به والمجتمع يتقبله إذا التزم فأرواح الناس ليست لعبة
بدوره، قال أحمد أن “تنظيم القاعدة قام بجرائم كثيرة في اليمن، إرهاب الناس وقتل واغتيالات تحت غطاء الدين، ويتحججون بالدين، لقد جعلوا الدين غطاء لأعمال سياسية وأعمال إجرامية، لقد زرع تنظيم القاعدة الرهبة في حياة الناس، والحمدلله تخلصنا منه والآن استتب الأمن والحمدلله”.
وأكد أحمد تقبله للتائبين عن فكر القاعدة لكنه اشترط إلتزام هؤلاء المنشقين بتوبتهم، وأوضح أن “لكل إنسان غلطة، يعني من تاب ربي يتقبل التوبة وليس نحن، فمن تاب أهلاً وسهلاً بين إخوانه ومجتمعه إذا التزم، وتوبته عند ربه، نحن نتقبل الإنسان بكل عيوبه إذا تاب وحسّن علاقته بالمجتمع”.
كما دعا الملتحقين بالقاعدة إلى العودة للمجتمع المدني، “والله أنا أدعوهم أن يعود كل واحد منهم لأهله ومجتمعه وبيئته”، مؤكداً أن “أرواح الناس ليست لعبة، عاد حساب، وكل واحد يعود ليعيش حياة طبيعية في بيئته والمجتمع”.
أما عبد اللطيف فلم يخرج رأيه عن سياق ما قاله مواطنوه ممن استطلعنا آراءه، وأكد “من الطبيعي أننا كمواطنين يمنيين نتقبل عودة المنشقين من القاعدة إلى المجتمع كونه مجتمع مسالم، وفعلياً هم من أبناء المجتمع”.
وتمنى عبد اللطيف عودة الملتحقين بالتنظيم، فقال “نتمنى من أبناء القاعدة أو المنضمين مع القاعدة أن ينشقوا عن هذا التنظيم، ويعودوا إلى بلدهم ووطنهم، كون البلد سيحتضنهم أكثر مما سيحتضنهم التنظيم، وستكون لهم أمانا أكثر من تنظيم القاعدة”.