أخبار الآن | ريف الرقة – سوريا (تقرير: جمال بالي، قراءة: مصطفى جمعة)
بات الخروج من مناطق احتلال تنظيم داعش هَمَّاً يؤرق المدنيين المحاصرين هناك، ومع ذلك فهم عازمون على دفع كل ما يملكون للخروج. ومع وصول دفعات جديدة من المدنيين إلى الريف المحرر من محافظة الرقة، يتكرر مشهد الإبتزاز من قبل المهربين، الذين وبحسب الخارجين من مناطق داعش، متعاونون مع التنظيم، و يقتسمون المال لقاء كل أسرة تطلب الخروج.
إنه الخط الفاصل بين قوات سوريا الديموقراطية و تنظيم داعش، في ريف الرقة الشمالي. عشرات الأسر الهاربة من الرقة تصل يومياً إلى هذه المناطق، سيراً على الأقدام أو في سيارات وجرارات زراعية، بعد رحلة محفوفة بالخطر، متفاوتة بالمدة الزمنية، و لكي تعرف لماذا تتفاوت المدة الزمنية، فلابد لك من سماع قصة أبي محمود.
يقول أبو محمود و هو الهارب و أسرته من الرقة: المهربون جميعهم عصابةٌ واحدةٌ، مهرب يسهل الأمر بكلامه والآخر يصعِّبَه، للضغط علينا لندفع المزيد من المال، ولكي يستغلوا حاجة الناس لذلك، فعندما أتانا المهرب الأول قال لنا ليس هنالك أية مصاعب والأمور جيدة ولا توجد مشكلة فقط قرروا الخروج، أما الآخر قال لنا إن الطرقات ليست جيدة و ثمة ألغام و معضلات أخرى، وأضاف إن بإمكانه اقتيادنا لطريق أكثر أمناً لكن يجب أن ندفع المزيد من المال، و تعلم أننا نحن غريقون و نتعلق بقشة، ومضطرون لدفع أي مبلغ لقاء الخروج من تلك المنطقة.
إذا هي قضية الإتجار بتهريب المدنيين من مناطق داعش إلى خارجها، فالواصلون إلى هنا يتفقون على أنه ثمة علاقة بين المهربين و أفراد أو ربما أمراء في التنظيم.
عدنا إلى أبي محمود، فكان منهمكا ببناء الخيمة التي تسلمها لدى وصوله، يدق أسافينها بالأرض، فالبرغم من عناء سفره البارحة، إلا أنه سعيد بوصوله و إبتعاد الخطر عن أسرته.
و يضيف أبو محمود: لقد رأيت الألغام، لقد إنفجر أحدها بالأشخاص المرافقين لنا، فأسعفناهم و قُتِلَ منهم إثنان، كما بُتِرت قدما إمرأة، بالإضافة لإصابة إمرأة أخرى بالطحال، وهم كانوا قد سهلوا الأمر بكلامهم، قالوا إننا سنمشي مسافة مئة متر، إلا أننا قطعنا سبعة كيلومترات سيراً على الأقدام ليلاً.
ابتزاز المدنيين من قبل مهربين متعاونين مع تنظيم داعش، يوضح حقيقة اقتراب الفصل الأخير للتنظيم بالرقة و ما حولها، لكن المدنيين هم الحلقة الأضعف، يدفعون ما يملكون فقط للعيش بعيداً عن الخوف والهلع، اللذين كانا مرافقين دائمين قبل خروجهم، أمَا و قد خرج من تمكن من دفع تكلفة الهروب، فما مصير من لا مال عنده يدفعه للمهربين؟
اقرأ أيضا:
حشود عسكرية تركية بالقرب من مدينة تل أبيض شمال الرقة