بعد هروب مئات الأطباء من مناطق سيطرة تنظيم داعش إلى الخارج، وتضييق التنظيم على الأطباء من خلال إصدار قرارات لا تمت لمهنة الطب البشري بصلة، ونهب محتويات المستشفيات التي تقدم خدمات بالمجان للمدنيين، بدأ داعش يدفع ثمن تصرفاته وانتهاكاته بحق الأطباء والممرضين والصيادلة في المناطق الواقعة تحت سيطرته.
ونتيجة لكل ما سبق، أصدر التنظيم إعلاناً بافتتاح كلية للطب البشري في مدينة الرقة، داعياً الطلاب الحائزين على شهادة الثانوية العامة بفرعها العلمي، ممن تتوفر فيهم شروط الإعلان إلى التقدم بطلبات دراستهم في مقر كلية الطب في جامعة الرقة.
ويرى نشطاء من مدينة الرقة أن هدف الإعلان ليس تخريج أطباء لعلاج المدنيين كما يدعي التنظيم، وإنما لعلاج عناصره المصابين جراء العمليات القتالية، مشيرين إلى أن المدني البسيط هو الوحيد الذي يدفع ثمن أفعال داعش، فبعد التضييق على الأطباء، وفرض دورات شرعية عليهم حضورها، وإجبارهم على إجراء العمليات الجراحية لعناصر التنظيم بالقوة، اضطر عدد كبير من الأطباء للهروب من مناطق سيطرة التنظيم باتجاه تركيا أو المناطق المحررة، وافتتاح عيادات لعلاج المدنيين هناك، بأسعار رمزية.
وأطلق داعش على الأطباء الذين قرروا الهروب من مناطق سيطرة التنظيم بـ"الكفار والأعداء والمرتدين"، كما ألزمت جميع الأطباء دون استثناء بقبول حالات إسعاف عناصر التنظيم وإجراء العمليات الجراحية لهم، كما أجبرت المشافي الخاصة على تقديم العلاج لعناصرها بالمجان.
واعتبر داعش كل من أسماهم بـ"المتخاذلين والمتخلفين" عن "أداء الواجب" بالمتعاونين مع قوات التحالف التي تشن غارات جوية على معاقل التنظيم.
وعمد داعش في المناطق الواقعة تحت سيطرته بعزل مديري المشافي وتعيين أمراء من التنظيم بدلاً عن الطبيب المسؤول عن إدارة المشفى، كما عملوا على سرقة معدات ومحتويات المستشفيات الخاصة والعامة، بالمقابل دفع المواطن البسيط ثمن غياب المؤسسات الصحية التي تقدم العلاج والدواء للمدنيين، كما أغلق التنظيم عدداً من النقاط الطبية التي تقوم بتقديم الخدمات الطبية المجانية للمدنيين من نازحين وأهالي المدن، بحجة أن داعم هذه النقاط منظمات أجنبية معادية للتنظيم.
وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" أعلنت توقّفها عن العمل في الرقة في الشهر الرابع من العام الحالي، بسبب مضايقات داعش، رغم أنّها كانت تقدّم تجهيزات العيادات الطبيّة ومستلزمات اللقاح لأطفال الرقة وريفها.