أخبار الآن | ريف حلب – سوريا – (نزار محمد)
فرضت أجواء الحرب وغياب احتياجات المواطن الأساسية ابتكاره طرقاً جديدة بغية تأمينها نظراً للحاجة الملحة لها مع صعوبة وصولها من مناطق النظام أو انعدامها تارة، وارتفاع أسعارها في سوريا تارةً أخرى.ِ
يتعايش أهالي الريف الحلبي مع صعوبات الواقع منذ تحرير مناطقهم من قوّات النظام، وفي كلّ مشكلة تعرّضوا لها وجدوا حلاً رغم ارتفاع تكلفته.
التفاصيل التي يعانيهاالأهالي كثيرة، حسب قولهم، لكنّ أهمها مع قدوم فصل الشتاء هو تأمين وسائل التدفئة، واسطوانات الغاز التي تتعرّض هذه الأيّام للانقراض لاسيما بعد ارتفاع سعرها بشكل ملحوظ خلال الشهرين الماضيين، لكن مع سهولة دخول الأراضي التركيّة بالنسبة للسوريين أصبحوا يستوردون كلّ احتياجاتهم.
بعد انقطاع معظم الخدمات عن الريف الحلبي، بدأ الأهالي يبحثون عن البدائل لإشباع احتياجاتهم، وبسبب القرب الجغرافي للريف من الحدود أصبحت مدن تركيا الحلّ الأنسب لعائلات كثيرة فيما يخصّ تأمين الموارد.
"الأدوية، ومواد البناء، والأدوات الكهربائيّة، والمنزليّة، بالإضافة لأسطوانات الغاز، والسجّاد، والمواد الغذائيّة" وموارد أخرى أصبح يتمّ تأمينها من تركيا بعد انقطاع كافّة الخدمات في الريف.
يقول أبو مصعب من ريف حلب الشرقي: "بحثت في كلّ الصيدليّات عن دواء لوالدتي لكنّي لم أجد، فسألتُ عنه في مناطق النظام بحلب أيضاً لم أجد، قررت حينها الذهاب إلى تركيا لتأمينه، ورغم فرق السعر بين سوريا وتركيا إلّا أننّي اشتريته ففي سوريا كانت تباع علبة دواء (أديسرا) بـ 200 ل.س أمّا في تركيا فسعرها 300 ل.ت".
ويضيف: "لو استطعت اصطحاب والدتي معي لتمّت معاينتها مجاناً، وحسم سعر الدواء، ودفعت منه فقط 30 % لكن لا يمكنني أن آتي بها كونها لا تحمل جواز سفر".
في المقابل، ارتفعت سعر اسطوانة الغاز في الريف الحلبي إلى نحو 7000 ل.س، بعد أن كانت قبل أشهر لا تتجاوز الـ4000 ل.س.
وعن سبب ارتفاع سعر اسطوانة الغاز، قال أبو نافع لـ"أخبار الآن": "الاشتباكات بين الثوّار وداعش من جهة والنظام وداعش من جهة أخرى، هو العامل الأوّل المؤثّر في ارتفاع أسعار الغاز لدينا، فكلما كان الطريق صعباً كلما ارتفعت أسعار الاسطوانات والعكس صحيح".
وأضاف: "عبوات الغاز مصدرها الوحيد من مناطق التنظيم شمال شرق سوريا، ويأخذون ضريبة على كلّ سيّارة تخرج من مناطقهم تحمّل اسطوانات الغاز (على كلّ اسطوانة 25 ل.س) وإيجار النقل المتزايد، والسوق الحرّة الغير محدّدة السعر ومقدار الكميّة المتوفّرة في هذا السوق أيضاً من أسباب عدم استقرار أسعار اسطوانات الغاز".
أبو إياد مواطن من بلدة مارع قال لـ"أخبار الآن": "بداية الشتاء الماضي كانت سعر اسطوانة الغاز نحو 3200 ل.س، ولا يشتريها الكثيرون أمّا اليوم فوصلت إلى نحو 7000 ل.س منذ أوّل يوم ضربت قوّات التحالف معمل الغاز بسوريا الذي يقع تحت سيطرة داعش".
في المقابل، لم تسلم مهنٌ كثيرة من أزمة فقدان الموارد، حتّى قرّر الكثيرون الاستيراد من تركيا وتحميل المستهلك فرق السعر.
"أبو مالك" تاجر بمواد البناء، يقول لـ"أخبار الآن": "أصبحنا نأتي بالحديد والاسمنت من تركيا بعد فقدان المناطق الشرقيّة للاستقرار الأمني فدخول داعش المنطقة وقصف طيران التحالف أهم الأسباب التي أوقفت معامل الحديد وشركة الاسمنت".
ويضيف: "صحيح أنّ الموارد بتركيا متوفّرة دائماً لكنها مرتفعة الثمن، حيث أن تكلفة طن الحديد 650 دولاراً وطن الاسمنت يكلّف 102 دولار.
كما تأثّرت طبقة العمّال من الأوضاع الأمنيّة المتردّية في الريف الحلبي إلى درجة أنّ نحو 70 بالمئة من اليد العاملة خرجت من الريف نحو لبنان وتركيا والسبب هو فرق الأجور.
محمد الحسن، عامل بمجال البناء، قال لـ"أخبار الآن": "مهما كثر عملي في ريف حلب سيكون موازياً لاحتياجاتي مع عائلتي أمّا في تركيا فالفرق بالأجرة واضح، أمّا أسعار المواد الغذائية فهي نوعاً ما شبيهة بمثيلاتها بسوريا".
ويخشى غالبية التجّار بالريف الحلبي من إغلاق المعابر الحدوديّة التي لا زالت مفتوحة حتّى اليوم مع تركيا، لاسيما أنّها الطريق الوحيد والأساسي لكلّ التجار من أجل تأمين بضاعتهم.