يستمر تنظيم داعش بإصدار القرارات التعسفية بحق أهل الرقة، ففي كل يوم يصدر فرمانا ومرسوما ممهورا بتوقيع ولاة "الخليفة"، فبعد قرار منع سفر النساء من دون محرم خارج حدود الرقة، أصدرت داعش قرارا آخر يمنع خروج النساء دون عمر ال30 عاما بمحرم أو من دونه خارج حدود المدينة، فارضا بذلك الإقامة الجبرية والعزلة على فتيات المدينة كما أخبرتنا (لمى) وهي إحدى الفتيات محافظة الرقة.
لمى طالبة هندسة عمارة في السنة الثالثة تبلغ من العمر (22) عاما تتحدث لأخبار الآن عن وضعها وتقول: "كنت طالبة هندسة عمارة في جامعة الاتحاد الخاصة في الرقة حتى قام داعش بإغلاقها متذرعًا تارة باللباس الشرعي وتارة أخرى بأن الجامعة تشجع على الاختلاط، لذا قاموا بإغلاقها بشكل نهائي، فقرر والدي نقلي لمحافظة أخرى لإكمال دراستي وبالفعل انتقلت وبدأت أسافر إلى المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام لحضور المحاضرات وتقديم الامتحانات، إلى أن جاء قرار (داعش) الجديد بمنع الفتيات من السفر دون وجود المحرم، فما كان من والدي إلا أن تبنى مرافقتي في كل مرة أردت فيها السفر فيقوم بإيصالي للجامعة، ومن ثم العودة ليبقى إلى جانب عائلتي، والقدوم إلي مرة أخرى عندما أريد العودة للمنزل، وبقينا مدة على هذه الحال، ووالدي يتحمل مشقة السفر وأعباءه أملا أن يراني مهندسة عما قريب، إلى أن قام تنظيم داعش بإصدار قراره الأخير والذي يقضي بمنع أي فتاة دون سن ال30 عام من السفر خارج المدينة".
وهنا كانت المصيبة تقول لمى: "حسبنا أن القرار لن يكون ساري المفعول بسرعة فرتبت أموري واتفقت مع عائلتي بأني سأسافر، ولن أعود إلا بعد تخرجي وسيأتون هم لزيارتي كلما سنحت لهم الفرصة بذلك، وعلى الرغم من صعوبة الأمر علينا إلا أنه كان خيارنا الوحيد".
تتابع لمى: "اتجهت صباحا مع والدي لكراجات الحافلات كي أسافر، وعند أخذهم للهويات أخبروا أبي بأنه لا يسمح لي بالسفر معه فعمري 22 عاما فقط، حاول والدي إقناعهم بأن هذه المرة ستكون الأخيرة ولن يتكرر سفرنا مرة أخرى علهم يسمحون بذلك لكنهم كانوا مصرين على موقفهم هذا،حتى أن أحدهم هدده بالاعتقال مشيرا إلى أننا نريد مخالفة القوانين".
وتقول لمى لـ"أخبار الآن": "عدت مع والدي للمنزل مجبرين فليس لنا حول أو قوة على مواجهتهم ولا أدري أيضا ما أنا فاعلة حيال هذا القرار، أشعر أني الآن في حبس دائم إلى أن يصبح عمري 30 عام أو يخرج هؤلاء الظلاميون من ديارنا، هم يريدون بقراراتهم تلك صبغ عقولنا بجهلهم وسوادهم الذي بات يغطي مدينتنا، أصبح هذا القرار حديث أهالي المدينة، فاليوم اجتمعت نساء الحي عندنا وأثناء حديثهم أشارت جارتنا (أم فيصل) إلى أن داعش أصدر هذا القرار حتى تصبح فتيات المدينة مجبرات على الزواج من المهاجرين، أما جارتنا (أم محمود) فكان رأيها أن داعش يريد بقراره هذا اتخاذ المدنيين دروعا بشرية لينجوا من ضربات التحالف، فيشددون على السفر حتى نضطر أن نبقى في المدينة ويحتمون بيننا".
وتنهي لمى حديثها، بالقول: "قد تكون الأسباب التي دفعتهم لمنعنا من السفر عديدة ولكن النتيجة واحدة وهي أننا أصبحنا في حبس قسري إلى أن يشاء الله أو نبلغ الثلاثين من عمرنا".