من الظلمات إلى النور
سنوات عجاف تحت قبضة داعش ومن ثم عمليات تحريرها، جعلت الموصل مدينة منكوبة. عانت المدينة الأمرّين من بطش داعش، واستعادت حريتها بثمن باهظ من الدمار في قطاعاتها الخدماتية المختلفة.
في القطاع الصحي، أدت عمليات التحرير إلى تدمير ١٨ مستشفى وعشرات المراكز الصحية الأولية والتخصصية، فضلاً عن خسارة جزء كبير من المعدات والأجهزة الطبية. لكن جهازها الطبي سطّر حكاية صمود في حب الموصل، يرويها لنا مدير مستشفى إبن سينا التعليمي د. فائز ابراهيم الذي باشر جهود إعادة النبض للقطاع الصحي في اليوم التالي لإعلان تحرير الموصل عام ٢٠١٧.
يؤكد د. ابراهيم على الدور المهم لوزارة الصحة ومقاول البناء وقسم الهندسة في المستشفى والطاقم الطبي خلال رحلة إعادتها للخدمة المستمرة منذ صيف ٢٠١٧. كما يثمّن جهود طلبة الطب المنتسبين لها الذين شاركوا في مهام تنظيفها وترتيبها وحتى سحب الأجهزة الطبية من تحت أنقاض مباني المجمع الطبي الأيمن لتنقل للمبنى الحالي للمستشفى. أخذنا في جولة كانت مفعمة بالفخر والشغف ببيته الثاني، كما يسميها.
غرفة بعد غرفة وسرير بعد سرير، كبر هذا المستشفى البديل بجهود طاقمه وتبرعات الأهالي وبعض الجهات. فلولا هذه التبرعات لما استطاعت الإدارة النهوض به، فتكلفة نقل جهاز الرنين المغناطيسي على سبيل المثال هي مئتي مليون دينار عراقي.
الآن، تضم المستشفى جناحا خاصاً من ثمانية غرف، عدا باقي الغرف ذات الأسرّة المتعددة. ووصلت المستشفى لأن نفضت عنها غبار ما عانته تحت سيطرة داعش.
أن تبدأ من الصفر شيء، وأن تبدأ من تحت الأنقاض شيء آخر. وإدارة المستشفى ليست فقط تأمين فحوصات طبية وأدوية. فهناك جهود خدمية يقودها جنود مجهولون لتأمين سلاسة عمل المستشفى ونظافتها. قسم الصيدليات مثلا عاد للعمل بطاقة استقبال مريضين في اليوم الواحد وصار الآن يخدم حوالى ثلاثة آلاف مريض يوميا.
كان مستشفى ابن سينا التعليمي في المجمع الطبي الأيمن بيتهم حتى أتى داعش وفصل بين الأهل والأخوة. صمدوا في وجه العاصفة.. أيام ومضت وعادوا ليبنوا معاً بيتهم الطبي حيث عائلتهم هي أهل الموصل والعراق. في الجزء الثاني من حكاية صمود، نسمع قصصاً جديدة عما حدث إبان سيطرة داعش، ونشاهد أفضل غرفة عمليات في العراق جهزت بجهود الطاقم الطبي للمستشفى، حباً للحياة ورداً على ظلام داعش.
من الظلمات إلى النور | حكاية صمود.. الجزء الثاني