سلسة من الظلمات إلى النور
على أنغام الأغاني التراثية المنبعثة من مذياع السيارة، وصلنا بلدة شاريا في محافظة دهوك العراقية… كنا على موعد مع صيادٍ لا يحمل بندقيةَ صيد أو أيَ سلاح معهود يُستخدم لصيد الطير والطرائد.. أو حتى البشر… الناشط في حقوق الإنسان بهزاد فرحان مراد يوثق تاريخاً أسودا مرت به مناطقُ عديدة في العراق، وتحديدا ما جرى للأيزيديين في سنجار ليٌقدَّمَه للمحافل المختصة، لعل العدالة تتحقق. أسميناه صيادَ داعش..
استعرض لنا بهزاد نماذج عديدة للتوثيق الذي نفذه. منها ما يوثق كنيات مسلحي داعش ومنها ما يوثق أسماءهم الحقيقية. وهي نماذج وثقت أيضا متاجرتهم بالأطفال والنساء والسلاح وغير ذلك، ودفعهم أموالاً طائلة في جرائم ضد الإنسانية يندى لها الجبين.
معتمداً على ما نُشر في الأذرع الإعلامية لداعش، وثق صياد داعش صور الأطفال الأيزيديين الذين ظهروا في الموقع الإلكتروني بهدف معرفة مصيرهم وتحريرهم إن أمكن. ووثق أيضا وجوه المسلحين الذين ظهروا كأدلة على جرائمهم، وغالبيتهم من المهاجرين الذين أتوا من دول عربية وأوروبية كما يقول. جمع أكثر من ١٢٠٠ مقطع مصور.
متطوعاً، يؤسس بهزاد لمتحف يكون لبنة للاستفادة منه في استمرار الحياة. طوّر مهاراتِه بالتوثيق عبر دورات ساعدته في مواجهة عوائق عديدة. تغيرت شخصيته كثيراً كما لاحظ أصدقاؤه. فعمليات إنقاذ الإيزيديات التي شارك فيها ترمي على أكتافه حِمل أرواح إلى أن تصل برّ الأمان. ونحن نرافقه لزيارة امرأة محررة، أخبرنا أن أطفالاً ويافعين كثر لا يزالون أسرى عند عائلات مسلحي داعش.
ساهم بهزاد بتحرير ٥٤ أيزيدية من السبي الداعشي، معظمُهن من الأطفال. غالبية المحررات كن في سوريا. وساعدته في مهامه هذه، شبكات مدنيين داخل المناطق التي يسيطر عليها داعش. عملت هذه الشبكات على تهريب النساء من منطقة إلى أخرى حتى تتسلمهن قوات سوريا الديموقراطية، ليتم نقلهن بعد ذلك إلى سنجار. نصل منزل المحررة أم إيمان التي كانت وعائلتها أسرى عند داعش في تلعفر. شرح لها عمله لملاحقة مسلحي داعش وطلب مساعدتها في التعرف على صور بعضهم، كما صور بعض الأطفال الأيزيديين.
لم تتعرف أم إيمان على أحد في الصور التي عرضت عليها خلال زيارتنا. لكن صياد داعش سيعرض عليها مزيداً من الصور في جهود تنال مساهمة من الاتحاد الأوروبي. وهو يتمنى دعماً لمشروع المتحف. متحف متنقل يزور المدن والبلدات، أو متحف إلكتروني يمكن لكل العالم زيارته. متحف يريده بهزاد رسالة تساعد في تحقيق العدالة، حتى من أولئك الذي تخفّوا بلباس مدني عند دحر داعش.