شذى - نار الفتنة

وثائقيات

وثائقيات – نار الفتنة 29-3-2019

بين الناجيات من داعش، حديثُ روحٍ لا كلماتٍ فيه. ليلى التي نجحت في الهروب عبر جبل سنجار قبل أن يصل مسلحو داعش بساعات، والسبيةُ المحررة منذ حزيران/ يونيو ألفين وثمانية عشر مارتين تلتقيان، في رحاب معبد لالش، الصبيةَ شذى. هذه الصبيةُ العراقية ُالأيزيدية التي رسمت على وجهها ابتسامةً فيها عذابُ أربعِ سنوات قضتها سبيةً عند داعش. أتت شذى على الموعد، وفي يدها آثارُ الوعكةِ الصحية التي ألمت بها. فهي ما زالت بين حينٍ وآخر تقع فريسةَ الآثارِ النفسية والجسدية التي سببها مغتصبوها. أرادت شذى أن توثق قصتَها ليرى العالمَ ويسمع ما حصل للنساء اللواتي سباهن داعش حين نامت نواطيرُ العالم وأسبلت عيونَها في ذلك الصيف من عام ألفين وأربعة عشر.

كان يومُ جمعة، تتذكر شذى حين جمع مسلحو داعش الرجالَ وأخذوهم. ظهيرةَ 15 اغسطس 2014، اقتيدَ أكثرُ من  500ٍ من رجال قرية كوجو، من بينهم كلُ الاطفال الذين بلغوا الرابعة عشر من العمر، إلى أطراف القرية. وهناك أنزلوهم من الشاحنات وأعدموهم بنيران الأسلحةِ الخفيفة والمتوسطة، وتركوهم جثثا في العراء. في مدرسة تلعفر التي جُمعت فيها كلُ النساء المتبقيات، واجهت شذى أولَ محاولةٍ لجعلها سبية. انتزع أحدُ مسلحي داعش شقيقَها الصغير من يديه، ورماه أرضا ليسحبَها بالإكراه. تجرأت على دفعه وهربت تختبيءُ بين باقي الأسيرات. في شاحنة نقل الحيوانات، وصلت شذى مع أمها واخويها الصغيرين صدام وغيد ومعهن مئاتُ السبايا الايزيديات إلى مدينة الموصل، معقلِ تنظيم داعش وعاصمةِ خلافته المزعومة، تمهيدا لبيعهن ونقلهن كسبايا إلى باقي المدن التي كان يحتلُها في العراق وسوريا. في قاعة السبايا بمدينة الرقة السورية، انتزع مسلحو داعش أخيها صدام وكلَ الأطفال الذين تجاوزوا الخامسةَ من العمر، ليُلحقهونَهم بمعسكرات التدريب ِالعسكرية. أما شذى وباقي الأسيرات، فقد قرر والي الرقة توزيعَهن على مقرات داعش. وبالإكراه، انتقلت شذى مع قيادي عراقي من مدينة البو كمال إلى معسكر الجرحى في المدينة.

في البو كمال العراقية، تحولت شذى من أسيرةٍ خادمة عند داعش إلى أسيرةٍ سبية يملكُها داعشي من مدينة درعا السورية يدعى أبو سالم.  مع أبو سالم، عرفت شذى  معنى الساديةِ وذاقت التعذيبَ وكيَ القدمين والتهديدَ بالاغتصاب الجماعي. استعبد أبو سالم شذى ثمانيةَ أشهرٍ ثم باعها إلى رفيقه ضرغام الليبي. صارت تُباع وتشترى وتؤجر بالأيام والساعات. رجلٌ، اثنان، خمسة، ثلاثة عشر أو أكثر اغتصبوها تباعا. بعضهم أبقاها عنده ساعتين أو ثلاثِ ساعات، وبعضهم بضعةَ أيام قبل أن يبيعَها لمغتصبٍ جديد. وسط المآسي، لم تنسَ شذى ترصُّد أي فرصة للخلاص. واتتها فرصةٌ تمسكت بها بكل ما استطاعته. كان الداعشي أبو عبدالله التركي يفكر بالهروب هو الآخر من انضمامه لداعش. وكانت هي سبيتَه في حينها. سألته السماحَ لها بمكالمةٍ هاتفية قبل هروبه، وكانت هذه طاقةَ الحرية.