وثائقيات | مهمة سرية في إدلب

هذه صورٌ فريدةٌ من نوعها من داخل إدلب، غيرُ خاضعةٍ لأي رِقابة.

بِطريقة خفيةٍ تجاوزنا نِقاطَ التفتيشِ التابعةَ لجبهة النصرة، صوَّرْنا حصرًا جهاديّي تنظيمِ القاعدةِ الصينيين ومن دول آسيا الوسطى المنتشرين في المحافظة.

وهذه صورٌ خاصةٌ من إحدى المعارك لكتيبة الأوزبَك المتمركزةِ في مدينة إدلبَ والتي تقاتلُ جنبًا إلى جانب معَ النصرة.
في أماكنَ كثيرةٍ في إدلب، الشعاراتُ المتطرفةُ تغطي الجدران.
في أماكنَ أخرى، يرفرفُ عَلَمُ تنظيمِ القاعدة، فضلًا عن انتشار أقوالِ أيمن الظواهري زعيمِ تنظيمِ القاعدة.

هذه هي إدلبُ كما لم ترَوها من قبلُ.

دخولُ الصَّحفيين إلى محافظة إدلبَ يكادُ يكون مستحيلًا. الصَّحفيون هناك يهددُهم الخطفُ، أو القتل، أو الاثنانِ معًا. الخطرُ يلاحقُ أيضًا نشطاءَ المعارضةِ السورية المهددين من قبل مسلحي الجماعاتِ المتطرفة وهذا ما اختصر الخِياراتِ في خِيار واحد، الذهابِ سرًا إلى المحافظة التي يَلُفُّها الغموض، والهدفُ الإطلاعُ على حقيقة ما يدورُ فعلًا في إدلب. ثلاثةٌ من مصادرنا، جميعُهم موالون للمعارضة، تصدَّوا لهذه المُهمة المحفوفةِ بالخطر.

الصورُ التي ستشاهدونها معنا صُوِّرتْ جميعُها سرًّا، وهذا سبب افتقار بعض المشاهد إلى الوضوح المطلوب، لكنها تبينُ، على قدْر استطاعتِها، وبما سمحت به الظروفُ، حقيقةَ الوضعِ الميدانيِّ هناك.

ثلاثةُ أشهرٍ، بقيت مصادرنا في المحافظة، تنقلوا في خلالِها سرًا بين مدينة ومدينة، ومن قرية إلى أخرى.

المخاطرة كبيرة، فإلقاءُ القبضِ عليهم يصورون سرًا بالهاتف المتحرك يعني القتل.  

لكنهم وبالرَّغم من ذلك تمكنوا من عبور حواجزِ تفتيشٍ كثيرةٍ لجبهة النصرة، التابعةِ لتنظيم القاعدةِ في سورية، وليس هذا فحسْب، بل استطاعوا تصويرَ تلك الحواجزِ، وغيرِها.

جبهةُ النصرة، كما نعلمً، غيرت إسمَها رسميًا إلى جبهة فتح الشام لكنَّ مصادرَنا أكدوا أن إسمَ جبهة النصرة ما زال يُستخدَمه السكانُ وهو موجود في كلِّ مكان، حتى في بيانات النصرة الرسمية. انظروا، مثلًا إلى هذا الاعلانِ الرسمي الذي نُشر تحت اسم جبهة النصرة حتى بعد إعلانِ تغييرِ اسمها إلى فتح الشام، أو إلى هذا المقرِّ الرسميِّ للجماعة حيث كُتب على جدرانه “جبهةُ النصرة وجبهةُ فتح الشام” معًا. يبدو أن الجماعةَ نفسَها لا تُميّز بين كِلا الاسمَين.

لم يقتصرْ تصويرُنا على حواجزِ النصرة ، بل رصدت عدساتُ هواتِفِنا ملصقاتٍ دعائيةً نشرتها النصرةُ في مختلِف المدن. قربَ  بلدةِ دركوش مثلًا، لوحةٌ كبيرةُ لجبهة النصرة تحاولُ اقناعَ السوريين بالبقاء في بلدهم عِوضًا عن المغادرة بحرًا إلى اليونان ومنها إلى سائرِ دولِ أوروبا. الإعلانُ يسأل:

ماذا تريدُ أن تلبسَ يومَ القيامة؟
سترةَ نجاةٍ أم سترةً عسكرية.

معبرُ باب الهوى معَ تركية هو المنفذُ الرسميُّ الوحيدُ لمحافظة إدلب إلى العالم الخارجي لكنَّ مصادرَنا إكتشفتْ وصوَّرتْ معبرًا آخرَ.

هذا المعبرُ خُصصَ أساسًا لحركة أحرارِ الشام وفصائلَ أخرى معَ أُسرِهم. التسجيلُ والتصريحُ الخاصُّ باستخدام هذا المعبر متاحانِ في أحد مخيمات اللاجئين في تركية. في شاحنات تركيةٍ، يُنقَلُ من من يحصُلُ على هذا التصريح إلى الحدود معَ سورية. قبل الوصولِ إلى القرية التركية الحدوديةِ “غوفيتشي”، يفتشُ الجيشُ التركيُّ جميعَ الراغبين في العبور. ثم يعبُرُ النَّاسُ مشيًا من خلال بوابةٍ في الجدار الحدودي نحوَ بلدة خِربةِ الجوز السورية.

في إدلبَ، شعاراتٌ مؤيدةٌ للنصرة تملأُ المحافظة.
علانيةً ترى الإشادةَ بتنظيم القاعدة.
مئاتٌ، وربما آلآفٌ من الشعارات تُغطي جدرانَ مبانيِ مدينةِ إدلب.
كلُّها شعاراتٌ تُظهِرُ الإتجاهاتِ المتطرفةَ، وكلُّها توضِحُ من هو الحاكمُ هنا.
حتى في كفرنبل – التي طالما عُدَّتْ معقِلًا للفصائل المعتدلة – شعاراتُ تنظيمِ القاعدة لا تغيبُ عن الجدران.

فقط في معرة النعمان هناك إحتجاجاتٌ علنيةٌ أسبوعيةٌ ضد النصرة. وفضلا عن مظاهراتِ المعرة، رأينا شعارًا واحدًا يطالبُ باسقاط جبهةِ النصرة في بلدة تقعُ في ريف جسرِ الشُّغور.

أعددتُ مجموعةً من الخرائط لإشرحَ لكم بالأرقام قوةَ الفصائلِ المختلفة. هذه خريطةُ محافظةِ ادلب. سافر مصادرُنا في ثلاثة طرقٍ رئيسةٍ مجتازين حواجزَ التفتيش التي لابدَّ لهم من المرور فيها. الطريقُ الأولُ الذي سلكوه يبدأُ في معبر بابِ الهوى على الحدود التركية وصولًا إلى مدينة جسر الشغور. لاحظوا نِقاطَ التفتيشِ التي دخلوا منها. اللونُ الأحمرُ الطاغي هو لجبهة النصرة. على هذا الطريق عبروا حاجزين فقط للأحرار كما هو مبينٌ باللون الأخضر وثلاثةَ حواجزَ للحزب التركستاني الإسلامي كما هو مبينٌ باللون الأزرق الفاتح. الأزرقُ الداكنُ يَرمُزُ إلى حاجزين تابعين لجيش الفتح. على هذا الطريق لا نرى أيَّ حاجزٍ للجيش الحر.

الطريقُ الثاني الذي سلكناه يبدأُ من باب الهوى وصولًا إلى خان شيخون. حواجز النصرة باللونُ الأحمرُ مهيمنة على الجميع تليها حواجزُ أحرار الشام باللون الأخضر، وحاجزٌ واحدٌ باللون البرتقالي تابعٌ للجيش الحر.

الطريقُ الثالثُ والأخيرُ هو من معرة النعمان وحتى جسرِ الشغور. اللونُ الأحمرُ الذي يرمزُ إلى النصرة هو في الطليعة يليه اللونُ الأخضرُ لحواجزِ الأحرارِ وحاجزٌ لجيش الفتح وحاجزٌ للجيش الحر.

خلاصةُ القول:  من أصل ثمانيةٍ وثلاثين حاجزَ تفتيشٍ على هذه الطرقاتِ الرئيسةِ الثلاثة، هناك واحدٌ وعِشرون حاجزًا لجبهة النصرة وستةُ حواجزَ لحلفاءِ النصرة من التركستان وجيشِ الفتح. وهناك عشَرةُ  حواجزَ لأحرار الشام وحاجزانِ للجيش الحر.

قوةُ النصرةِ لا تنحصرُ في عدد نقاطِ التفتيش  فحسْب، بل تشملُ المكاتبَ والخِدْماتِ التي تقدمُها للسكان. للنصرة شرطةٌ إسلاميةٌ ومكاتبُ تجنيدٍ ودورُ قضاءٍ وسُجون.

بين عملِهم الإداري والعسكري يجدُ مقاتلو النصرة الوقتَ للإستراحة وتناولِ الطعامِ مع بعضِهم بعضًا كما تُظهرُ هذه الصورُ من داخل إحدى المضافات.

هناك أيضُا أوقاتٌ معينةٌ للعب والمُزاح.

وهناك أوقاتُ الجِّدِّ، وفيها مثلًا ينقلُ السجناءُ من سِجنٍ إلى آخر. المجرمون العاديون يؤخَذون إلى مخافرِ الشرطة الإسلامية ودورِ القضاء، بينما يعتقلُ السجناءُ السياسيون في سِجنٍ سِرّيٍ تحت الأرض يُعرف بالعقاب ويقعُ قربَ كفرنبل.

العقابُ سِجنٌ قاسٍ جدًا تديرُه النصرةُ يدخلُه من يُشتبهُ في أنهم من الجيش السوريِّ الحر، أو أنصارِ النظام أو عملاءِ التحالف أو من مؤيِّدي داعش. سجناءُ سابقون أكدوا لنا أن التعذيبَ شائعٌ في سِجن النصرة هذا،  وكشفوا أن المسؤولَ عن “العقاب” هو أبو يوسف حلفايا أميرُ جبهةِ النصرة في حماة. أما مديرُ السِّجن فيُدعى أبو خديجةَ وهو من صوران ويبلغُ من العمرِ سبعَ عشْرةَ سنةً فقط. وهناك المشرفُ على ذلك كلِّه، المَدعو أبو إسلام متابعة لأنه من مكتب المتابعة الخاصِّ بالنصرة، ويعرفُ أيضا بإسم يوسف العُمَر، يقدِّم تقاريرَه مباشرةً إلى قائد جبهةِ فتحِ الشام أبي محمد الجولاني.

ليس بعيدًا عن سِجن “العقاب” التابعِ للنصرة، نصبتْ حركةُ أحرارِ الشام حاجزًا لها. العلاقةُ والتنسيقُ بين النصرة وأحرارِ الشام جيدانِ على الأرض في معظم الأحيان.

في قرية ملس مثلًا، والتي تسيطرُ عليها أحرارُ الشام رأينا مقاتلين من تونس ضمن صفوفِ النصرة. جاؤوا إلى القرية لشراء البوظة أو “الآيس كريم” من مكان مخصصٍ لذلك مشهورٍ في المحافظة. المقاتلون قالوا لصاحب المحل إنهم فرحون بجهادهم في سورية وإنهم يتنقلون بحرية ومن دون عقباتٍ بين المناطقِ التي تسيطرُ عليها النصرةُ والأحرار.

إلتقت مصادرُنا أيضًا سوريين تلقَّوا تدريباتٍ عسكريةً في مخيمات حزبِ التركستان الإسلامي التابعِ  للنصرة. يقولون إنّ التعاونَ بين النصرةِ وأحرارِ الشام قويٌّ لدرجة أنّ المقاتلين السوريين في مخيم التركستان يدرسون كتبًا نشرتها حركةُ أحرارِ الشامِ الإسلامية. طُبِعت تلك الكتبُ في تركية. أحدُ المواضيعِ المذكورة في الكتب يتعلقُ بكيفية التعاملِ معَ السبايا.

المرأة سواء كانت من اهل الكتاب او مجوسية او عربية فانه يجوز استرقاقها. ويجب ان يراعي امير الجهاد المصلحة في هذا الامر لان الاسترقاق قد يحدث الدعاية الكاذبة المغرضة خصوصا مع الضعف.

في جبل الزاوية، صُودرتْ ممتلكاتُ أعضاءِ الجيش السوري الحر الذين طُرِدوا من المِنطقة.
في الجديدة، رقمت أحرارُ الشام بالطلاء منازلَ المسيحيين التي هجرها أصحابُها، ثم استولَوا عليها.

النصرةُ تفعلُ الشيءَ نفسَه. في بلدة اليعقوبية، رقمتِ النصرةُ بيوتَ المسيحيين وصادرتَها لجنتُها العَقارية، لتعطيَها عمومًا للمقاتلين الأجانبِ أو القادة. معظمُ المسيحيين غادروا قراهُم ما عدا المُسنين منهم.

على جدران اليعقوبية شعاراتٌ لتنظيم القاعدة في بلاد الشام.
في اليعقوبية أيضا، افتَتحتِ النصرةُ مسجدُا، لجذب من بقي من هؤلاء المسنين المسيحيينَ، سمَّوهُ : مسجدَ سيدِنا عيسى عليه السلام.

في مكانٍ قريبٍ، أنشؤوا مركزَ السيدة مريم لتحفيظ القرأن. في بلدة القنية القريبةِ، لا تختلفُ الصورة.

حتى سنةِ ألفين وثلاث عشرة كان تمثالُ السيدة العذراء منتصبًا هنا لكن داعش دمره عندما كان في المِنطقة. اما الآنَ فترفرفُ رايةُ النصرةِ السوداءُ مكانَ التمثال. على أحد أبوابِ المسجد، علقت جبهةُ النصرة منشوراتٍ تعلنُ فيها مزادًا علنيًا على المحاصيل الزراعيةِ لأراضي المسيحيين الذين هجروا منازلَهم. تُعطى المحاصيلُ موسميا للمزارع الذي يدفع المبلغَ الأكبرَ لجبهة النصرة.

حياةُ المدنيين اليوميةُ في محافظة إدلبَ صعبةٌ للغاية. مصادرُنا رأتْ كثيرًا من النازحين ومخيماتٍ لهم، وسمعوا أصواتَ الطائراتِ الروسيةِ والسوريةِ الحربية في سماء المنطقة. السكانُ فقراءُ، بل أشدُّ حاجةً من الفقراء ، فثلاثون دولارًا شهريًا تُعدُّ راتبًا جيدًا.

بعضُ الأماكنِ في محافظة إدلبَ القريبةِ من الحدود التركيةِ لم تتأثر كثيرًا بالحرب. أبوابُ المحالِّ التجاريةِ ما زالت مفتوحةً، والحياةُ مستمرةٌ، لكنَّ هذا الوضعَ قد يتغيرُ طبعًا في أيِّ لحظة. أما المدن والقرى الأخرى، ومنها مدينةُ إدلبَ كانت، وما زالتْ هدفًا لغارات وهجماتٍ عنيفة. الحركةُ تنشَطُ فيها عندما تتوقفُ الغاراتُ، لكنها سُرعانَ ما تعودُ إلى ما يشبهُ الموتَ عندما يعودُ النظامُ أو الروسُ إلى مهاجمة المدينة. يحكمُ مدينةَ إدلبَ جيشُ الفتح، وهو تحالفٌ عسكريٌ يضمُّ النصرةَ والأحرارَ وفصائلَ أخرى. جدرانُ إدلبَ الكثيرةُ تروي قصةَ القوانينِ المفروضةِ على أهلها . في وسَطِ المدينة، إعلانٌ يروجُ الزِّيَّ الإسلاميَّ للنساء من العبايا والخمار والجوارب والقُفازاتِ والثمنُ ألفانِ وستُمئةِ ليرة سورية تعادلُ اثنيِّ عشَرَ دولارًا.

لكنَّ المدينةَ الأكثرَ دمارًا على الإطلاق بحسَبِ مصادرِنا هي جسرُ الشغور. فقد سيطرتِ الفصائلُ الاسلاميةُ المعارضةُ على هذه المدينة في نيسان/أبريل سنةَ الفين و خمس عشْرة. منازلُها اليومَ مدمرةٌ تمامًا، أكثرُ مبانيها سُوِّيَتْ بالأرض، شوارعُها مهجورة. إنها مدينةُ أشباح.

جسرُ الشغور يسيطرُ عليها عسكريًا حزبُ التركستان الإسلاميُّ، مقاتلوه من الأويغور، أكثرُهم جهاديون صينيون، إلى جانب مقاتلين آخرينَ من دول آسيا الوسطى. جاؤوا إلى سورية، كما يقولون للجهاد، وهم تابعون لجبهة النصرة. هنا ولأولِ مرة، تمكنت مصادرُنا من تصوير مقرٍ لهم خارجَ المدينة. تمامًا، كما فعل الأحرارُ والنصرة، رقَّم التركستان منازلَ خصومِهم. هذه العَقاراتُ السوريةُ صادرها مقاتلو الاويغورُ الأجانب.

خارجَ جسرِ الشغور، بنى التركستانُ معسكراتِهم، كهذا الواقعِ في ريف المدينة.

فضلا عن المدينة، ينتشرُ التركستانُ، وهم قوةٌ يُحسبُ لها حِسابٌ، في معظم قرى ريفِ جسر الشغور. تقدِّر مصادرُنا عددَ المقاتلين معَ عائلاتهم بما بين عشَرةِ آلافٍ  وعشرين ألفًا. القائدُ الأبرزُ  للتركستان يدعى إبراهيم منصور وهو لا يزالُ يسافرُ من سورية وإليها ، حيث رآهُ شهودٌ في محافظة إدلب. وكشف مقاتلون سوريون ايضا تدربوا في معسكرات التركستان أنهم بايعوا زعيمَ حركةِ طالبانَ الأفْغانية.

هذه الصورُ من ريف جسرِ الشغور حيثُ للتركستان وجودٌ قويٌ. نساؤهم غُطِّيت تمامًا. أحدُ المقاتلين،يتنقل معَ زوجته، على دراجة نارية. وهذه صورٌ من مِنطقة الزنبقي وهي أكثرُ المناطقِ التركستانيةِ سريةً قربَ الحدودِ معَ تركية. يُمنعُ منعًا باتًا تصويرُ هذه المِنطقةِ أو دخولُها لوجود سِجنٍ كبيرٍ فيها. هنا يعيشُ حصرًا مقاتلو الإيغور القادمون من الصين معَ زوجاتِهم وأطفالِهم. يتنقلون على الدراجات النارية ولا تفارقُ البندقيةُ اكتافَهم. على الجدران شعاراتُهم  وفي الشوارع أطفالُهم يلعبون وعلى سطوحِ المباني، وفي الحقولِ ألواحٌ شمسيةٌ لتوليد الكهرَباء لمنازلِهم.

بعد التنقلِ في إدلب ثلاثةَ أشهرٍ، استخلصتْ مصادرُنا ثلاثَ نِقاطٍ أساسية:
الأولى : وجودُ التركستان أكبرُ بكثيرٍ مما كان متوقّعًا، فعددُهم لايقلُّ عن عشَرةِ آلافِ فرد.

الثانيةُ: صحيحٌ أنه لا يزالُ هناك بضعُ فصائلَ معتدلةٍ في إدلب لكنَّ هؤلاءِ المعتدلين يكادُ لا يكونُ لديهم حواجزُ تفتيشٍ ولا يسيطرون إلا على مقارِّهِم.
أما الثالثةُ فهي أن إدلبَ تُظهِرُ اختطافَ الثورةِ السوريةِ من قِبَل فصائلَ متطرفةٍ، في صفوفِها كثيرٌ من المقاتلين الأجانب.

في نهاية رحلتِهم غادر مصادرُنا محافظةَ إدلب بمساعدة مهربين إلى تركية، وللوصول إلى نقطة العبور، مروا عبرَ حاجزٍ تابعٍ للتركستان ثم توقفوا عند مكتبٍ تابعٍ للنصرة قربَ خربةِ الجوز للحصول على إذن للخروج. دفع كلٌّ منهم ما يعادلُ خمسةَ عشَرَ دولارًا ، إنها ضريبةٌ للمجاهدين تُفرضُ على كلِّ من يريدُ المغادرة، قالها لهم المسؤولُ عن مكتب النصرة الحدودي. أما من لا يريدُ مغادرةَ إدلبَ أو من لا يستطيعُها يعيشُ في خوفٍ مستمر. أكثرُ سكانِ إدلبَ يخشَون القادمَ ، ولعلهم يعلمون أن حملةً عسكريةً قادمةٌ إليهم لا تميزُ بين مدنيٍ وعسكري. 

‏معظم اللقطات التي تابعناها الى الآن تم تصويرها قبل الاعلان عن تاسيس هيئة تحرير الشام. كما تعرفون ان جبهة النصرة غيرت اسمها اكثر من مرة منذ اندلاع الاحداث في سوريا. بدلت النصرة اسمها اولا الى جبهة فتح الشام في يوليو من العام الفين وستة عشر ولكن مؤخرا في فبراير من هذا العام اصبحت تعمل تحت اسم هيئة تحرير الشام. لذلك وبعد ان اُعلن عن تاسيس هيئة تحرير الشام ارسلنا مصادرنا مرة اخرى بشكل سري الى محافظة ادلب لمعرفة ما اذا كان تغيير الاسم جلب معه تطورات معينة على الارض. وهنا اعرض عليكم اهم التغييرات التي لاحظناها : 

‏اولا:  معظم نقاط التفتيش اصبحت مجهولةَ الهوية. في معظم الاحيان لا توجد اعلامٌ تميز حواجزَ النصرة عن تلك الخاصة بالاحرار مثلا. بعضُ الحواجز تم اخلاؤها وكذلك بعضُ المباني الخاصة بالنصرة كهذا المبنى مثلا في دركوش. السببُ يعود الى الخوف من الاستهدافِ من قبل االطيران الامريكي او الروسي.

‏ثانيا: تمت ازالةُ شعاراتِ القاعدة في بلادِ الشام عن الجدران. على هذا المبنى في دركوش مثلا هكذا كانت الصورةُ في الماضي اما الان هكذا اصبحت بعد اازالة شعار القاعدة. اسم الظواهري تم الطلاءُ عليه في بعض الاحيان ايضا على الرغم من بقاء اقواله وكلماته على الجدران. من الواضح ان الجماعة تريد اخفاء صلتها بالقاعدة.

‏اما الفرق الثالث والأخير هو أن اللافتاتِ الجهاديةَ السوداء والملصقاتِ تم استبدالُها جزئيا بملصقات ملونة مثل هذه. مضمونُ الاعلانات هي نفسُها تشجع على تطبيق الشريعة لكن التصاميم اصبحت ملفتةً بالوانها. الهدف من ذلك يبدو لجعل رسالتهم اكثر جاذبية للسكان المحليين.. 
 

 

جنان موسى – قناة الآن

للإطلاع على كل “وثائقيات الآن” اضغط هنا