استقالات في العراق وتعثر في تشكيل الحكومة
بعد أن أعلن محافظ الناصرية أحمد غني الخفاجي استقالته من مدينة الاحتجاجات التي طالما خرج شبابها للتظاهر احتجاجا على الواقع المرير الذي تعيشه مدينة الشعراء، والتي تعاني منذ سنوات طويلة من سوء الأوضاع المعيشية والخدمية والتي تسعى منذ رحيل الرئيس السابق صدام حسين للحصول غلى ابسط الحقوق. رغم الثروات الهائلة التي تملكها هذه المحافظات والمحافظات الجنوبية الاخرى استقالة محافظها جاءت بعد احتجاجات تعرضت للقمع العنيف راح ضحيتها ثلاثة محتجين بالرصاص، الاحتجاجات كانت ضد الفقد وارتفاع نسبة البطالة وايضا طالب المحتجون استقالة الخفاجي.
بعد الناصرية النجف التي استقال محافظها لؤي الياسري يوم الجمعة الماضي بعد زيارة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يوم الاربعاء إلى بلدية النجف وأعلن منها أنه سيقيل المحافظ بالطرق السياسية، حيث واجه الصدر المتظاهرين المطالبين بإقالة الياسري في محاولة منه لتهدئة المحتجين النجفيين الذين اتسمت تظاهراتهم بالتصعيد والعنف.
وما إن مر يومان على تصريح الصدر إلا وظهر الياسري أمام الإعلان معلنا تقديم استقالته إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
إذا استقالات متتالية تأتي إثر احتجاجات، مطالبة بتغيير المحافظيَن وتحسين الواقع المعيشي، الاحتجاجات ليست جديدة على المحافظتين والمطالب ذاتها لم تتغير منذ سنوات لكن الجديد هو أنه في ظل أزمة تشكيل الحكومة والصراع على المناصب وتصاعد وتيرة الاتهامات بتزوير الانتخابات، يستقيل محافظ النجف والناصرية في آن واحد لا نستطيع أن نقول صدفة.
لا شيء يحدث من دون تداعيات، محافظ النجف خلال إعلان استقالته كشف عن أشياء كثيرة وعلى ما يبدو أنه لم يعد يهتم وأي يخاف على شيء بعد أن خسر منصبه، الياسري كشف عن ضغوطات وتهديدات له و لعائلته لكنه لم يذكر الجهة التي هددته وأوضح انه لم يصعد الموقف تجاه اي جهة سياسية، وانه ما يريده فقط هو الراحة له ولأسرته، الياسري طفح الكيل عنده قائلا: “أريد ان اكون صريح أنني وصلت إلى حد السأم والانزعاج نتيجة السباب والشتم والافتراءات دون مقدرتي على الرد”، الياسري كشف أيضا عن زيارته للصدر وأنه أوضح له كل الملابسات في البلدية والمحافظة ولم يطلب الصدر منه تقديم الاستقالة، وختم المؤتمر الصحفي بأنه مستعد للمثول أمام القضاء إذا كانت هناك دعوى ضده، وأنه سيحترم القضاء ويخضع له إذا اتخذ أي قرار بحقه.
أسئلة كثيرة كانت تدور في بالي حول الاستقالات والتهديد الذي تحدث عنه الياسري والضغوطات وهل كل هذه الأمور لها علاقة بتشكيل الحكومة، حول هذه القضية جرى حديث بيني وبين مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الدكتور غازي فيصل حسين، وخصنا قناة الآن بالحوار التالي:
كان اول سؤال هل هناك ارتباط بين استقالة المحافظين الاثنين “النجف والناصرية” فأجاب قائلا: ان استقالات المحافظين تختلف اسبابها وطبيعتها ودوافعها فاستقالة محافظ الناصرية في ذي قار ترتبط بأعمال العنف الذي تعرض لها المتظاهرين السلميين وبعد ارتفاع وتيرة العنف والقتل طالب رئيس الوزراء بفتح تحقيق يرتبط بجرائم ارتكبتها الكتائب المسلحة والميليشيات في العراق، وهنا عبر محافظ الناصرية عن استيائه وعدم تحمله مسؤولية هذه الجرائم على اعتبار ان هناك من يرتكب الجرائم وهذا يشكل انتهاكا للأمن والاستقرار في البلاد وهذه عابرة لسلطة المحافظ .
الدكتور غازي وصف استقالة المحافظ بالموقف الشجاع خاصة وانه حدد اسباب استقالته والتي تتعلق بالعنف ضد المتظاهرين السلميين وأضاف رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية حول ما يتعلق باستقالة محافظ النجف “ان هناك العديد من الاخبار التي توالت الايام الماضية وحتى في الأشهر والسنوات السابقة حول النجف عن مسالة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان واعتداءات وجرائم وسرقات وحملة اغتيالات عبر مسدسات كاتمة للصوت استهدفت نشطاء سياسيين وكتاب وأعضاء منظمات المجتمع المدني وأضاف غازي ان الاحتجاجات الشعبية التي حصلت هي ضد الاستبداد والظلم والفساد المالي والسياسي موجود في العراق وحتى اغتيال الصحفيين يعد انتهاكا خطيرا وهناك انتهاكات تتعلق بالجرائم المنظمة وتهريب المخدرات وتبيض الاموال والتجارة المحرمة وهذه الفضائح موجودة في النجف ومحافظات أخرى لكن النجف بصفها مدينه مقدسة فان اهميتها تختلف عن بقيت المحافظات وايضا ان السيد مقتدى الصدر نفسه يقيم في هذه المحافظة وهو جزء من تأريخها. الدكتور غازي اكد أيضا في هذا الحوار، أن الصدر أراد ان يظهر للرأي العام موفقه الحاسم من مسألة الفساد ومواجهة الفساد لان حملته الانتخابية او في برنامجه السياسي كان أساسه مواجهة طبقة الفساد السياسي والمالي وأيضًا وضع تحويل الطبقات الفاسدة الى القضاء والتي نهبت اكثر من ترليون دولار، ومواجهة طبقة المافيات المسلحة التي ترتكب جرائم وانتهاكات خطيرة لحقوق الانسان وتعمل على تهريب النفط حيث ان هناك يهرب نحو 3000 الاف برميل يوميا من البصرة.
الدكتور غازي فيصل حسين أيضا ذكر لموقع اخبار الان ان توجه الصدر السياسي يكون لتصفية شبكات الفساد المالي والسياسي وأيضا القضاء على الكتائب المسلحة المنفلتة التي تشكل خطر لحقوق الانسان والامن العراقي. وحول اختيار الصدر لهذا التوقيت للضغط على محافظ النجف لتقديم استقالته أكد رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية ان الصدر كان يريد ارسال رسالة واضحة انه متمسك بمنهج محاسبة الفساد والسلاح المنفلت.