علاقة الجمهور بالكاتب مهمة للغاية لأنها تزرع الأمل والتفاؤل
عندما نشرت كتابي الأول اكتشفت عالما كان مختلفا عن التجارب التي كنت قد عشتها سابقا. كنت قد انهيت المرحلة الأهم في الكتابة و كان كتابي أمامي، كنت أمسكه بيدي و كنت أرى أنه أصبح كتابا “حقيقيا”، واقعا ملموسا.
الكثير منا خلال مرحلة الطفولة كان يحلم بهذه اللحظة العجيبة و الخيالية، انا كذلك قد حلمت بها و حلمي تحقق. كل حلم يستحق أن يصبح حقيقة.
كنت استمتع فعلا بتلك اللحظة و لم أكن اضيع ثانية واحدة منها. كنت اراها نتيجة اشهر و اشهر من الانتاج و الخيال و التأليف و الكتابة. بعد كل هذه الأوقات الممتعة، اكتشفت أن الخطوة الأهم كانت أن يكتشف الجمهور رسالتي و يتعرف عليها لأنه و لا كتاب حي دون جمهوره، و دون نصائحه و آراءه و إرشاداته التي تمكننا من رسم طريق المستقبل.
أول خطوة
نشر الكتاب يمثل فقط أول خطوة في الطريق الطويل الذي هو طريق السلام. كنت احتاج إلى الاحساس الذي كان ينميه الجمهور في أعماق قلبي. علاقة الجمهور بالكاتب مهمة للغاية لأنها تزرع الأمل و التفاؤل. بعض المرات،
أراها مثل المفتاح الفعلي للعالم الأدبي.
بدأت مرحلة حفل التوقيعات التي كان قد سبق و رأيتها في شاشات التلفزيون و قرأت عنها في الجرائد لكنني لم أعشها شخصيا و لا مرة واحدة في حياتي. كانت الفرصة أكبر بكثير من فقط توقيع كتب، كنت التقي باناس من ميادين و أماكن كلها مختلفة.
اخبرني مدير دار نشري أن هذه التجربة سوف تكون لها ذكريات تاريخية اتذكرها طوال حياتي لانها اللحظات الأحلى و الأروع في حياة كاتب و مؤلف.
كان إحساسا استثنائيا أن ترى أناس تعرفهم شخصيا بين جمهورك و آخرون لا تعرفهم
أول حفل قمت به كان بإحدى أكبر المكتبات الفرنسية، مكتبة كليبر الشهرية في مدينة ستراسبورغ. كان هناك الكثير و الكثير من الناس و لم أتمكن حتى من عد عددهم. كنت أرى لأول مرة الاشعاع الذي كان قد حققه بطل رواياتي مارتان وازيون، فهمت حينها أهمية محور السلام و منذ تلك اللحظة يعيش السلام في قلبي و لن يغادره أبدا.
كانت قد أتت خصيصا معلمتي للغة الإنكليزية وبعض من أصدقائي. كان إحساسا استثنائيا أن ترى أناس تعرفهم شخصيا بين جمهورك وآخرون لا تعرفهم و لكن سوف تربطك بهم “علاقة أدبية”، إحدى أجمل العلاقات.
كان هناك بالتأكيد العديد من الأطفال و الشباب و لكن ليس فقط. كان الجمهور من كافة الفئات العمرية و كان ذلك يكذب كل من أخبرني يوما ما أن قصص السلام فقط قصص نجدها في حكايات الطفولة.
كان السلام أقوى بكثير من ذلك. لم يكن الحفل حفلي الأخير بل تداولت العديد من مناسبات التوقيع و كل مرة كانت الفرحة و السعادة تزداد في جوهر قلبي و كنت اتعلم أشياء جديدة.
عندما أصدرت كتابي حول التنمر في تونس، وقعت روايتي في معرض الكتاب بالكرم. زارني حينها قسم كامل من تلاميذ مدرسة تونسية كان قد سبق و زرتهم. أخبروني أنهم قرأوا الكتاب و أصبحوا خبراء في التعامل ضد التنمر.
الدموع سالت من عيني عندما رأيت أنني نجحت في هذه المهمة التي دوما تمنيت اتمامها. هذه المهمة القيمة و الغالية التي تتمثل في تحقيق حلم الأطفال.
حلم الطفولة هو حلم بسيط لكن حلم يستطيع أن يغير العالم. حلم السلام.
اقتربت مني طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات و أخبرتني أنها نجحت في تجاوز التنمر التي كانت تعاني منه منذ سنوات عديدة… نجحت لأنها فهمت أنه يجب التحدث عاليا و بقوة ضد العنف و الهرسلة، ليس من ذنبنا أن نكون مختلفين ؛ ليس من ذنبنا أن يكون لون بشرتنا مختلفا، ليس من ذنبنا أن نفكر بطريقة مختلفة.
اليوم هو اليوم العالمي للتوعية بخصوص مرض “المهق” أي انعدام لون الجلد، أطلب منكم في هذه الفرصة، أصدقائي الأعزاء أن تساندوا كل الأشخاص المصابين بالمهق كي لا يحسوا أنهم معزولون في هذا العالم؛
الشعور بالعزلة من أكثر الأحسايس المؤلمة. لنقف معا لأجل التسامح !