“نشر هذه الكلمات التي أكتبها لكم أصدقائي و رفاقي الأعزاء ستكون بإذن الله خطوة كبيرة و جديدة لأجل سماع صوتنا، صوت الشباب العربي.
خلال هذه السنة القاسية، الكثير منا تألم، فقد أصدقائه، أقاربه، أو عائلته، البعض يأس من الحياة و الآخر خسر عمله أو قاطع دراسته، لكل منا قصة.
لدي انا كذلك قصة أريد أن أشاركها معكم؛ قصة عشتها خلال هذه السنوات الماضية يوما بعد يوم و حدثا بعد حدث.
يُطرح علي دوما نفس السؤال “كيف وصلت إلى مكانتك و كيف تستطيع أن تقف أمام رؤساء الدول والحكومات دون قلق أو توتر وأنت لا زلت شابا أو طفلا صغيرا”.
أتذكر أن صديقا عزيزا عليّ سألني يوما مازحا: “للقاء رئيس دولة، هل تخاطبه بالتليفون دقائق قبل الموعد و تخبره “أنا قادم إليك أو ماذا ؟”
أود إجابة الجميع أن الطريق كان طويلا، شاقا، مليئا بالعقبات والصعوبات و العديد من المرات سألت نفسي “هل علي أن أغادر وأستسلم أو هل أستمر”.
في الحقيقة، عندما تريد النجاح هناك بالتأكيد عدد كبير من الناس سوف يشجعونك و يساندوك و لكن هناك أيضا من سيجعلك تيأس و تفقد الأمل و العزيمة. النجاح قصة تحدي و كان التحدي الأكبر الذي كان علي تجاوزه صغر سني.
عندما كنت في المدرسة العمومية التونسية و كنت أرى الأحداث اليومية التي يشهدها عالمنا، حروبا و معاركا و صراعات، كان إحساس يفيض من جوهر قلبي يجعلني أريد أن اعبر عن صوتي.
بدأت أحداث ما يعرف بالربيع العربي وثم الحرب في شقيقتنا ليبيا وسورية و…
كنت لا أفهم سبب هذه الحروب حيث كانت ترعبني وأتذكر أنني كنت في غرفتي في تونس عندما قشعر بدني وسمعت لأول مرة طلقة نارية في حياتي، كان عمري 6 سنوات.
بدأت حينها كتابة روايات حول السلام أو بالأحرى كانت خواطر أعبر فيها عن أحلامي؛ أحلام طفل صغير يبحث عن الأمان والهدوء والاستقرار في ظل الأزمات التي تجتاح عالمنا.
الكثير من الناس قالوا لي “عمرك صغير و الحياة كلها أمامك، استمتع بطفولتك و لا تهتم بالأشياء الأخرى”.
استمتعت بكل لحظة من حياتي بطفولتي وكان لي العديد من الأصدقاء و لم أضيع ثانية واحدة من هذه الفترة الرائعة والعزيزة على قلبي لكنني كنت أريد كذلك أن أستفيد من الوقت لأن وجهة نظري لعالمنا كطفل أو كشاب كانت تختلف عن وجهة نظر كبار المسؤولين البالغين من العمر.
يقال إن الأطفال يتشاجرون يوما و يتصالحون اليوم التالي ويصبحون أعز الأصدقاء، نعم ذلك صحيح.
لأن لا شيء على هذا الكون أغلى و أعز من السلام، كل الأمور لديها حلول ولو حتى أصعبها لكن هذه الحلول تأتي عبر النقاش و الحوار على الطاولة وخير دليل على ذلك هو وحدة وطننا العربي الغالي ووحدة البيت الخليجي.
استمريت في كتاباتي وحصلت على جوائز دولية و كرمتني اليونسكو والأمم المتحدة والالكسو عندما كان عمري 7 سنوات لكن الجوائز بوحدها لا تغير عالمنا نحو السلام والاستقرار.
طلبت لذلك لقاءً مع أحد كبار المسؤولين عالميا ودوليا وبعد أسابيع من الانتظار جاوبني و دعاني لمقابلته، كانت البهجة والفرحة تغمر قلبي لأنني كنت على وشك سرد أحلامنا، نحن الأطفال والشباب، إلى أحد كبار المسؤولين الذين بيدهم القرار، لكن عكس انتظاري، لم يكن ينظر إلي إو حتى ربما يعلم أنني أمامه فكان يتجاهلني بأتم معنى الكلمة.. لم أجعل من ذلك قلقا أو سببا للتوتر وتابعت قولي وأتذكر أنني قلت له “أحلم بالسلام”.
بدأت أفكاري تعجبه و تجذب انتباهه حيث اقترح علي موعدا ثانيا و خلال ذلك الموعد قال لي “لأكن صريحا معك، عندما أخبروني أن عمرك 8 سنوات فلم أرى منفعة في مقابلتك وأؤكد لك أن نفس الرسالة التي كتبتها أنت، بنفس قوة محتواها وأفكارها، لو أرسلها إلي شخص بالغ من العمر 30 عاما، لكنت قد قبلت مباشرة مقابلته”.
أصبح في المستقبل ذلك المسؤول من أعز أصدقائي لكن وعدت نفسي من ذلك اليوم أنني “لن أجعل أبدًا من عمري أو صغر سني عائقا أمامي بل سأجعله في فائدتي، الطريق طويل أمامي كي أنجح في نشر السلام والتسامح بين الأمم لكن العزيمة و الأمل والتفاؤل معي ولن يغادراني”.