ظهرت 7 دول على الساحل الأفريقي على قائمة المواقع الـ10 الأخطر في العالم لناحية الإرهاب.
من بين هذه الدول بوركينا فاسو، ومالي اللتين تقعان في الساحل الأفريقي، وهو حزام يمتد على طول 5000 كيلومتر أسفل الصحراء الكبرى. ويمتد الساحل الإفريقي ليشمل كامل المسافة من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر.
في الأشهر الـ15 السابقة قُتل ما يزيد عن 6600 مدني على يد مجموعات جهادية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
أما حاليًا، فالحكومات المحلية في مسعى جاد للتفاوض مع هذه المجموعات الإرهابية في حين أن الغرب وعلى رأسه فرنسا يتحفظ تجاه الأمر. ما الذي سيحدث؟
بدأ الأمر قبل 8 سنوات عندما كان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على بعد 50 كلم من عاصمة مالي، باماكو. وأصبحت سيطرة التنظيم على البلاد أمرًا حتميًا. إلا أن التدخل العسكري الفرنسي أنقذ الموقف وأرغم التنظيم على التراجع، لكنه أخفق في القضاء على المجموعة الجهادية. ومنذ ذلك الوقت لقي 50 جنديًا فرنسيًا وأكثر من 3000 جندي مالي حتفهم بالإضافة إلى 140 من قوات حفظ السلام على يد الجهاديين.
ولسنوات عدة، رفضت دول الساحل الأفريقي بشكل قاطع الخوض في حوار مع الإرهابيين. ولكن في نهاية العام 2019 صرّح رئيس جمهورية مالي إبراهيم أبو بكر كيتا أنّه نظرًا للعدد المهول للقتلى في الساحل الأفريقي فإن الوقت قد حان لقرع أبواب جديدة. ثم فتح قنوات اتصال مع إياد أغ غالي وهو قائد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المدعومة من القاعدة.
ولا يخفي المجلس العسكري في مالي – الذي تسلم زمام الحكم مكان الرئيس كيتا بعد انقلاب ناجح في أغسطس/آب – رغبته في التفاوض مع المجموعتين الإرهابيتين الأكثر دموية في الساحل: تنظيم داعش في الصحراء الكبرى وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
سبق وأن تفاوض المجلس مع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في سبيل تحرير 4 رهائن من ضمنهم شخصين غربيين ورمز معارض من مالي. لم يقتصر الثمن الغالي على دفع مبلغ 30 مليون يورو بل أيضًا إطلاق سراح 204 من الجهاديين بعضهم اعتقلوا من قبل القوات الفرنسية.
وبعد هذا النجاح الساحق، علّق إياد أغ غالي قائلًا إنه لم ينس أمر آلاف الواعظين المعتقلين في المملكة العربية السعودية وموريتانيا والجزائر وتونس والنيجر في تلميح إلى المزيد من عمليات التبادل.
وعلى مر السنوات الماضية وإثر اندفاع 600 جندي فرنسي، نجحت فرنسا في قتل قائدين جهاديين بارزين. ففي يونيو/حزيران قُتل عبد المالك درودكال وهو أمير تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وفي نوفمبر/تشرين الثاني قُتل با أغ موسى وهو القائد العسكري لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نوفمبر أن فرنسا “لا تتحاور مع الإرهابيينن بل تقاتلهم”. إلا أن موقف باريس لانَ في ديسمبر/كانون الثاني عندما أعلنت إمكانية الحوار مع مجموعات جهادية محددة، ولكن ليس مع قيادة فرعي القاعدة وداعش. بيد أنّ هذا لا يعني نهاية عمليات مكافحة الإرهاب التي ينخرط فيها الجيش المالي. على العكس تمامًا، فقد لقي ما يزيد عن 100 جهادي مصرعهم منذ بداية يناير/كانون الثاني وألقي القبض على أكثر من 20 فردًا وتمت مصادرة كمية كبيرة من الأسلحة.
كان موقف حكومة بوركينا فاسو حاسمًا لجهة رفض التحاور مع الإرهابيين إلى حين أعلن رئيس الوزراء كريستوف دابيري في البرلمان قبل أسابيع أن “أعظم الحروب انتهت على طاولة الحوار”. وأضاف دابيري أنه من أجل التوصل إلى حل للأزمة الأمنية يتوجب إيجاد طرق للحوار مع من يقفون خلف الهجمات الإرهابية بغية تحقيق السلام.
في الوقت عينه وأثناء قمة دول مجموعة الساحل الساحل الأفريقي الخمس وفرنسا (فبراير/شباط 15-16)، التمست دول المنطقة لاسيما مالي وبوركينا فاسو من فرنسا الإبقاء على تعزيزاتها المتمثلة بـ 5100 جندي في الساحل. وللمفاجأة، جاءت الإجابة بالقبول على لسان الرئيس الفرنسي.
وأعلنت تشاد إرسالها 1200 جندي إلى المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو لدعم قوة مجموعة الساحل الأفريقي لمكافحة الإرهاب.
وقد تعهد الرئيس الفرنسي بالقضاء على المجوعات الجهادية وخصوصًا القاعدة وداعش. وتلتقي مالي وبوركينا فاسو مع فرنسا عند هذا الهدف على الرغم من محاولتيهما التقرب من تلك المجموعات.
من المرجح أن القاعدة وتنظيم داعش في منطقة الساحل الأفريقي لن يقفا عند حدود مالي وبوركينا فاسو. وانطلاقًا من مقاطع فيديو للقاء جمع قيادات في القاعدة في فبراير/شباط 2020، حذر مدير المخابرات الفرنسية من أن المجموعة تسعى لتوسيع نطاق عملياتها في ساحل العاج وبنين.
ويرى البعض أن التفاوض مع الجهاديين خيار تعجيزي، مع العلم أن مبدأ الإرهابيين الأساسي في المفاوضات “كل شيء أو لا شيء.”
أحد لم ينجح يومًا في التفاوض مع تنظيم القاعدة…
تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن