ما مصير المختطفين العراقيين؟
كم أم وأخت وزوجة عراقية لا تزال تبحث عن فقيدها الذي اختطفته ميليشيات تابعة لاحزاب سياسية وأخرى موالية لإيران، ناهيك عن الذين اختطفهم تنظيم داعش وقتلهم ابان احتلاله لبعض المدن، فالميليشيات وداعش وجهان لعملة واحدة.
مؤخرا تم العثور على مقبرة جماعية في منطقة جالي بناحية الاسحاقي في صلاح الدين تضم رفات عدد من الاشخاص، وجهاء وشيوخ عشائر الاسحاقي بمحافظة صلاح الدين أكدوا أنها تضم العشرات من جثث المغيبين في فترة تحرير مناطقهم من احتلال داعش الإرهابي في العام 2014.
عائلات عدة تبحث عن مصير اولادها المغيبين، كُتبت أسماؤهم في ملف وأغلق ولم يجرؤ أحد على فتحه أو حتى الحديث عنه، فالميليشيات وقادتها اصبحوا أقوى من الدولة، في مايو الماضي أصدر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بيانا وجه فيه وزارة الداخلية بالعمل على كشف مصير المختطفين والمغيبين، ومر نحو 8 اشهر، والحال على ما هو عليه، بل وغاب الملف مثل اصحابه.
ومنذ انطلاق ثورة تشرين ازداد عدد المختطفين وتم استهداف المحتجين والناشطين، وتضاربت الارقام عن اعدادهم، ورغبة مني لمعرفة تفاصيل موثقة اجريت اتصالا مع “عمر الفرحان” مدير المركز العراقي لتوثيق الجرائم. ليزودنا بالارقام الموثقة لديهم، فرد قائلاً:
“بعد أكثر من عام على انطلاق ثورة تشرين في محافظات العراق وعلى الرغم من تعهد الكاظمي ومن قبله عبد المهدي في حماية المدنيين والمتظاهرين، إلا أن عمليات القمع وانتقام الميليشيات مستمرة، فمنذ بداية الثورة عملوا على اختطاف واعتقال عدد كبير من المتظاهرين السلميين في بغداد وبقية المحافظات، وبلغت الأعداد لغاية نهاية عام 2020 أكثر من (2.900) ناشط ومتظاهر أفرج عن بعضهم، وغيب أكثر من (70) ناشطا ولم يعرف مصيرهم، منهم (علي جاسب، وعبدالمسيح روميو، وأسامة التميمي، وتوفيق محمد حسن عطوان، ومزان لطيف، ومحمود علي خزعل، وسجاد ستار) وغيرهم، وقد تابع المركز مصير هؤلاء بإرسال شكاوى إلى منظمة الأمم المتحدة لمعرفة مصيرهم من قبل الحكومة، وتتعذر هذه الأخيرة (أي الحكومة) بعدم وجود أي معتقل لديها وهذا ما يثير المخاوف أكثر، لكون مصيرهم اصبح مجهولا والجهات التي اختطفتهم هي الميليشيات، في حين بلغ عدد القتلى في صفوف المتظاهرين أكثر من (750) وعدد المصابين أكثر من (25.000) بعض الاصابات بليغة وخطرة وأدت إلى اعاقة دائمة.
الفرحان كشف أيضا أنهم رصدوا وجود معتقلات سرية في بغداد وحزامها، وهي تضم معتقلين من المتظاهرين وغيرهم منها في اللطيفية وقرب جامع النداء وسط بغداد وغيرها.
واكد أن “المركز العراقي لتوثيق الجرائم لديه موظفون ومتطوعون يتواصلون مع الضحايا واسرهم من أجل الوقوف على الحقيقة وجمع المعلومات ومساعدتهم أو تقديم شكوى نيابة عنهم للجهات الدولية. مضيفا أن هناك فرقاً في كل محافظة ولجنة قانونية تعمل على القضايا من الناحية القانونية ومن ثم نقدمها كملفات إلى الجهات الدولية المعنية”.
ومثلما ذكرت في أول المقال بأن “الحكومة عاجزة عن كشف مصير المختطفين”، اكد كلامي “عمر الفرحان” مدير المركز العراقي لتوثيق الجرائم عندما سألته، لماذا لا تتواصلون مع الحكومة للوصول الى المختطفين؟
فأجاب قائلا:
“لم نتواصل معهم، لأننا نعرف ردهم، فضلا عن أن هذه الجهات هي من تقوم بالانتهاك سواء كانت وزارة الداخلية أو الدفاع أو الأمن الوطني، ومع ذلك قمنا مع منظمات دولية بإرسال رسالة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة “مصطفى الكاظمي” للمطالبة باطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المختطفين قسرا، ولم نلق ردا من قبلهم لا سلبي ولا إيجابي”.
حتى المركز العراقي لتوثيق الجرائم تعرض بدوره للتهديد وتعرضت اغلب صفحاته على مواقع التواصل إلى القرصنة من قبل الميليشيات والجيوش الإلكترونية لانه يجمع معلومات حول ملف لا يرغب أي طرف بفتحه، خصوصاً وأن لديهم أسماء ومعلومات عن المختطفين وعن مكان وزمان اختطافهم بحسب مدير المركز الذي أكد أن التهديدات لم تثنيهم عن واجبهم الإنساني والقانوني الذي يحتم عليهم تحقيق العدالة وإنصاف المظلومين وتقديم الجناة إلى المحاكم لأن رسالتهم إنسانية.
تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن