أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (عطاء الدباغ)
أسبوعان فقط، تمكنت خلالهما شركة نينتندو اليابانية من غزو عقول الشباب وتوجيه أدمغتهم نحو ملاحقة البوكيمونات في رحلة تنقلهم من العالم الافتراضي إلى الواقعي، حتى أصبحوا منومين مغناطيسيا، يتجهون جميعا نحو هدف واحد.
وخلال أسبوعين فقط، غزت اللعبة أسواق الأسهم، إذ ارتفع مؤشر سهم شركة نينتندو بنسبة ١٢٠ في المئة، وحققت نحو ٣٥ مليون دولار، جراء ٣٠ مليون تحميل في العالم، ماجعلها أكثر الألعاب درا للأرباح.
لعل ما جنته الشركة اليابانية من أموال طائلة خلال فترة قصيرة، يعد جانبا ايجابيا يعود عليها بالنفع، ولكن بالنظر إلى حالنا وما جنيناه نحن، لم يكن سوى هدر المزيد من الوقت، وتوجيه عقول شبابنا إلى غير مسارها.
ويبدو أنه لا حدود ولا محظور لمحبي هذه اللعبة، فهي تدفعهم يوميا إلى ممارسات غير مألوفة في مجتمعاتنا.
فتخيل معي أخي القارئ، أن تمتلأ الحدائق والساحات والميادين، بأعداد كبيرة من هواة اللعبة، وهم يبحثون عن شخصيات كرتونية لاصطيادها، أحبوها يوما في مسلسل كرتوني !!
وتخيل بأن أسامه يمشي يوميا مكبا على وجهه، عيناه لا تكادان تفارقان شاشة هاتفه، يسرع حينا ويتوقف حينا آخر حتى يجد ضالته – ونذًكر هنا بأن أسامه كان يبحث عن وظيفة قبل أيام !!
وتخيل سارة – الفتاة البالغ عمرها ١٣ ربيعا – تتوجه أسبوعيا من مكان إقامتها في مدينة الشارقة إلى أبوظبي العاصمة، بمسافة قدرها نحو ٢٠٠ كيلومتر، نزولا إلى رغبة اللعبة، التي حددت لها بوكيمونا في ذاك المكان، عليها أن تتكبد عناء الطريق من أجل اصطياده !!
وتخيل أيضا، بأن شبانا تجاوزوا سياج أحد المطارات، أثنا مطاردتهم إحدى تلك الشخصيات الكرتونية !!
وتخيل كيفما شأت من مواقف أخرى باتت واقعا، دفعت ببعض الدول إلى التحذير وسن القوانين على مستخدمي التطبيق، حفاظا على سلامتهم وسلامة الآخرين.
وعلى الرغم من أن اللعبة قد أثارت مخاوف لدى الكثيرين، لما لها من آثار اجتماعية عكسية على الشباب والأطفال والمجتمع، وأثارت أيضا مخاوف التقنيين إزاء بعض البرامج التي يحمًل منها التطبيق، في قدرتها على التجسس والاختراق، إلا أن هذا لا يمنعنا من إنكار الحقيقة، بأن اللعبة حققت نجاحا كبيرا، في كمية عدد المستخدمين وأرباحها الكبيرة، وحصولها على اهتمام إعلامي كبير، فما هو السر يا ترى وراء ذلك؟
لن أتحدث عن مضار اللعبة ومنافعها، فقد سبقني إلى ذلك كثر، لكني سأتحدث عن لعبة أخرى أطلقها مطورون سعوديون مؤخرا، اسمها "تكلم مع هاشم"، تتبلور فكرتها بأنها أول لعبة عربية بشخصية تفاعلية ثلاثية الأبعاد، وهي الأولى من نوعها من حيث الفكرة والمحتوى التعليمي والأسلوب الحديث، ببساطة.. يتفاعل "هاشم" مع صوت الطفل وحركة أصبعه، ويأكل ويلعب معه كرة القدم، ويمكن للطفل أن يحصد النقاط من خلال جعل الشخصية التفاعلية "هاشم" أن يصلي ويتعلم وينام ويأكل وغير ذلك، إضافة إلى تعلم الأدعية والأذكار اليومية، ويمكنه الاستفادة من هذه النقاط بشراء الملابس والطعام ليعيش ويكبر.
هنا لا أتحدث عن الفارق الاجتماعي بين اللعبتين "بوكيمون غو" و "تكلم مع هاشم"، لكني أتحدث عن نجاح وانتشار إحداهن على الأخرى، وهذا ما يدفعنا إلى الحديث مجددا، حول أسباب ضعف التطبيقات العربية مقارنة بنظيرتها الأجنبية، ولا شك أن أبرز الأسباب، تكمن في ضعف التمويل وغياب الدعم الحكومي، سواء على المستوى المادي أو التقني أو المعنوي، ناهيك عن غياب القطاع الخاص في هذا المجال.
مع العلم، أن عوائد تطبيقات الهواتف الذكية وصلت إلى ٥٠ مليار دولار سنة ٢٠١٦، ومن المتوقع أن ترتفع إلى أكثر من ١٠٠ مليار دولار سنة ٢٠٢٠، بحسب ما ذكرت شركة آي هورايزون، ومعظم تلك العوائد لا تصب في اقتصادات العالم العربي !
لذا من الواجب على حكوماتنا أن تولي اهتماما بهذا السوق الذي يدر مليارات الدولارات سنويا، إضافة إلى الاستفادة من أفكار شبابنا ودعمها في مجال انتاج التطبيقات، وأخيرا الحصول على تطبيقات وألعاب تتناسب مع هويتنا وثقافتنا العربية، تحمل طابعا تعليميا وترفيهيا في آن واحد.
ختاما.. أتوجه بالشكر لصانعي لعبة "بوكيمون غو"، لأنهم لم يتركوا لنا مجالا لكتابة مقال جديد حول الطرق المثلى للإستفادة من إجازة الصيف؛ أتوقع بأن شبابنا وجدوا ضالتهم وملئوا وقتهم في صيد البوكيمونات !!