أمتلك نظام الأسد قبل الحرب سلاح جو ضخم نسبياً، حيث بلغ عدد طائراته قرابة 800 طائرة معظمها من الإتحاد السوفيتي (يملك النظام طائرات نفاثة، ومروحيات سوفيتية، لكنه يملك نوعاً واحداً من الطائرات المروحية الفرنسية وهي الغازيل) تتنوع طائراته بين مروحية (191)و نفاثة (569) وتتوزع على مجموعة من الأسراب الاعتراضية والقاذفة والنقل وأسراب الحوامات الهجومية، إضافة لطائرات النقل، وعشرات المطارات، وشاركت قواته الجوية في حرب 1967 وحرب تشرين (أو ما يعرف بحرب يوم الغفران) وحرب لبنان 1982، حيث خاضت واحدة من أكبر معارك الطيران النفاث في التاريخ البشري، و منيت بخسائر فادحة بلغت حوالي 100 طائرة في معارك جوية غير متكافئة وغير مدروسة..
فعلياً لم تقم القوى الجوية للنظام بأي دور هجومي فعال خلال تاريخها إلا في الحرب الأخيرة على الشعب السوري، واقتصر عملها خلال الأربعين عاماً الماضية على الدور الدفاعي مع بعض الإستثناءات النادرة، وسجلت طائرات الأسد مستوى قياسياً في مستوى عدد الطلعات الجوية خلال السنوات الثلاث الماضية، وتعتبر مطارات المزة وحماة والضمير والشعيرات والسين والتيفور وديرالزور وكويرس وأبو الظهور وغيرها، من أشهر المطارات في الحرب الدائرة منذ ثلاثة أعوام و نيف.
و بسبب معاركه مع الجيش الحر خسر النظام العشرات من طائراته، و تقلصت قدرات قواته الجوية بمعدل النصف تقريباً من ناحية عدد الطائرات (معظم خسائره ميغ 21-23 سوخوي 22)، و خسر عدداً من المطارات آخرها مطار الطبقة العسكري .
تعتبر معظم طائرات النظام قديمة وبعضها يعود للستينيات من القرن الماضي، والكثير منها تجاوز عمره التشغيلي، وأحدث ما يمتلك النظام من الطائرات هو طائرات ميغ 29 و سوخوي 24 و ميغ 25، ومجموعها لا يتجاوز 100 طائرة، ولايزال يشغل بعض من النوعيات المنسقة حتى في بلد المنشأ (ميغ 21 ميغ 23)، اضافة لقاذفات سوخوي 22 وطائرات تدريبية ل39، وحتى طائرات النظام الأحدث تعتبر نسخاً مخفضة المواصفات من النسخ الأصلية، ولا تملك كافة مواصفاتها (نسخ تصديرية أو ما يعرف بنسخة القرد)، وحتى نوعيات الذخائر و بخاصة الصواريخ جو- جو القادرة على حملها، تعد متخلفة ومنخفضة القدرة نسبياً، ومداها عموماً أقل بكثير من مدى صواريخ جو – جو الامريكية.
تتركز منطقة العمليات المتوقعة للطيران الأمريكي فوق شرقي سوريا (تشمل ديرالزور والحسكة والرقة )، وهذه المنطقة تحتوي مطارين فاعلين فقط (بعد أن خسر الأسد مطار الطبقة مؤخراً)، أحدهما عسكري في ديرالزور، والأخر في القامشلي ويستخدم من قبل طيران النظام للدعم اللوجستي، وتخلو هذه المنطقة تقريباً من أي شكل من أشكال الدفاع الجوي الصاروخي للنظام أو أي قدرات جوية مؤثرة (باستثناء عدة طائرات في مطار دير الزور معظمها ميغ 21)، وحتى تكاد تخلو من أي قدرات صاروخية بالستية (في حال فكر باستهداف المطارات التي يفترض أن تقلع منها الطائرات الامريكية في العراق و الخليج العربي)، ويعتبر وجود النظام فيها أشبه بجزر متباعدة معزولة في بحر واسع من المناطق الخارجة عن سيطرته.
يعتمد تنظيم وانتشار المطارات والقواعد الجوية في سوريا نفس العقلية والاستراتيجية الدفاعية التي اعتمدت في نشر منظومة دفاعه الجوي الصاروخية، والتي تفترض أن الخطر الأساسي مصدره الجنوب والغرب، لذلك تتركز المطارات في المنطقة الوسطى والجنوبية بشكل أكبر من أي منطقة أخرى، اضافة لعدة مطارات في المنطقة الشمالية.
تتداخل شبكة القيادة والتحكم و الإتصال الخاصة بالدفاع الجوي مع القوى الجوية، ويتشاركان نفس المشاكل البنيوية والهيكلية، من مركزية القيادة وبطء تدفق المعطيات والاستجابة وقدم التجهيزات، والعقلية التي تحكم استخدام هذه القوة، وهذا ما ظهر جليا خلال السنوات التي سبقت الحرب، ابتداء بقصف موقع الكبر 2007 وصولا إلى قصف قاسيون 2013، حيث لم يتم أي اعتراض حقيقي للطائرات المغيرة لأسباب متعددة منها ما هو متعلق بالتجهيزات الالكترونية القديمة للطائرات ورادارات الانذار و امتلاك الغرب لخبرة في التعامل مع هذه التجهيزات و تحييدها، (اضافة لضعف خبرة الطيارين السوريين في المعارك الجوية، فآخر اشتباك جوي حقيقي للطيران السوري يعود لأواسط الثمانينيات من القرن الماضي) وكذلك خشية قيادة النظام من الرد المحتمل على إسقاط أي طائرات اسرائيلية فوق سوريا..
ففي عام 2007 عندما كانت القوى الجوية والدفاعات الجوية للنظام في أفضل حالاتها، لم يتم أي تصدي حقيقي للطائرات المغيرة، علما أنها مرت ضمن المناطق الدفاعية لأكثر من مطار و بطارية دفاع جوي، (عجزت القوى الجوية للنظام عن التعامل مع حالات قصف منعزلة وغير موجهة تجاه بنيتها التحتية، وهذا يعطي إشارة واضحة إلى أنها سوف تنهار بشكل دراماتيكي في حال تم استهدافها بشكل مباشر)، اضافة للتأثير المعنوي الكبير لخسارة عشرات الطائرات دفعة واحدة في حال حصول اشتباكات مع الطائرات الامريكية (أوضح مثال على وضع الطائرات السورية في أية مواجهة محتملة ما حدث مع الطائرة السورية التي اسقطتها طائرة تركية دون أن يعرف الطيار حتى باتجاه الطائرة التركية، وأسقط الطيار دون أن تتسنى له الفرصة ليقوم بأي رد فعل).
في حال قرر الأسد محاولة منع أي هجوم أو غارات على القسم الشرقي من سوريا، فستواجه قواته الجوية معضلة حقيقية، ليس سببها قدم الطائرات فقط، بل أيضا بسبب تركز مطاراته الفاعلة غربي سوريا وتركز طائراته فيها وشبه استحالة تسيير دوريات منتظمة لتغطية المنطقة الشرقية جوياً، وفي حال تعطيل راداري الإنذار المبكر الموجودين في ديرالزور والحسكة، فلن يتمكن من اكتشاف الطائرات المغيرة (في حال عدم التشويش على راداراته) إلا بشكل متأخر، و سيكون إرسال الطائرات لاعتراضها متأخراً جداً بحكم بطىء تدفق المعطيات والأوامر وطول زمن الاستجابة، بالإضافة للمسافة الكبيرة نسبياً التي سيتوجب على الطائرات قطعها لو أقلعت من مطار الضمير أو الشعيرات أو التيفور أو السين قبل وصولها إلى شرقي ديرالزور مثلاً، ما يجعل من اكتشافها و اسقاطها أمرا سهلاً من قبل الطائرات الأمريكية، بحكم امتلاكها لأنظمة استطلاع و قيادة محمولة جواً AWACS، تستطيع كشف الطائرة لحظة اقلاعها، اضافة إلى أن الشمال السوري بمجمله مغطى بمظلة من صواريخ باتريوت المنصوبة في تركيا والعائدة لحلف الناتو، وتغطي حتى مدينة الرقة، هذا ما يزيد صعوبة الأمر على طائرات نظام الأسد، في حال فكر دخول تلك المناطق (بهدف اعتراض الطائرات الامريكية).
مشكلة أخرى هي العدد المحدود من الطائرات الفعالة ميغ 29-25 (حوالي 75 طائرة) نسبيا التي يمتلكها الأسد، فطائراته من نوع ميغ 21 و ميغ 23 ستكون فرصتها ضئيلة جدا للنجاة في أي معركة ضد المقاتلات الامريكية الأحدث بعقود، وستواجه أعدادا أكثر بكثير من تلك التي واجهتها سابقاً، علماً أن مقاتلاته منيت بخسائر كارثية خلال حرب 1982، مع أن الفارق التقني لم يكن بنفس المستوى الحالي، والآن ستواجه نفس أنواع الطائرات التي امتلكها النظام في 1982 طائرات أحدث بعقدين على الأقل، ومدى أسلحة يصل إلى الضعف في معارك يبدو أن نتيجتها محسومة سلفاً، وستتكرر مجزرة الطيران السوري فوق البقاع 1982، لكن هذه المرة بيد الطيران الأمريكي (تقنياً يقدر مستوى الخسائر في أي مواجه بين ميغ 21 و f16 بخمسة إلى واحد و ثلاثة إلى واحد مقابل الميغ 23 أي أن النظام سيخسر خمس طائرات ميغ 21 قبل أن يتمكن من اسقاط طائرة f16 واحدة أو ثلاثة طائرة ميغ 23).
وفعليا ستكون أكبر معضلة تواجه الأسد هي إجبار طياريه على الإقلاع بطائراتهم لمواجهة الطائرات الأميركية المتطورة، بدل قصف المدنيين العزل اللذين اعتادوا القاء البراميل المتفجرة عليهم طوال 3 سنوات.