مريم تحدت المرض بريشتها وألوانها الزيتية
- مريم عانت كثيرا عندما قصّت شعرها
- الصمود والعزيمة تؤدي إلى الانتصار على المرض
نحن لا نكتب أقدارنا، ولكن ربما نستطيع أن نصنع قصصا في حياتنا، في خضم الحياة ومعتركها قد يطرق أبوابنا زائر ثقيل لا نستطيع صده لكننا نتكيف مع قدومه، فالحياة مليئة بالمنعطفات الجميلة أحيانا والقاسية أحيانا أخرى.
بين أيدينا قصة تحد كتبت فصولها مريم قلال التي أصيبت بسرطان الثدي لكنها شفيت بعد رحلة علاج دامت ثماني سنوات.
قناة الآن التقت مريم قلال لتحدثنا عن قصتها مع مرض السرطان وكيف تمكنت من التغلب عليه. بدأت قصة مريم مع المرض منذ مارس 2014.
لكن استيعاب المرض لم يكن سهلا بالنسبة لها فهي أم لثلاث بنات أصغرهن لم تتجاوز السنة من عمرها، السرطان حرمها من حق الرضاعة الطبيعية.
تقول مريم أنها كانت مفاجأة صاعقة لكنها تداركت الأمر سريعا، وقررت خوض التحدي مع المرض الخبيث بدل الاستسلام للحزن، ثماني سنوات خضعت خلالها للعلاج الكيميائي ورضخت لتشخيص الطبيب بضرورة استئصال ثديها.
لم يكن الأمر سهلا بالنسبة لمريم التي كانت تحب شعرها الطويل وبشرتها النظرة لكنها تسلحت بالقوة والصبر لتتمكن من تجاوز أحلك فترات العلاج بالكيميائي والتغيرات الجسدية التي حدثت لها وتقبل مظهرها الجديد.
لم تنكر مريم فضل حب العائلة ومساندة الأصدقاء لها لتجاوز محنتها وأكدت والبسمة لم تفارق شفتيها، أنها كانت تستمد الطاقة والعنفوان من أفراد أسرتها عندما رأت أن حبهم لها لم يتغيّر، رغم تغير شكلها.
من خلال تجربتها أشارت قلال إلى أن نفسية المريض تتحكم في سير العلاج ونسبة نجاحه، فكلما حافظ على معنويات مرتفعة كان العلاج أقل ضررا لأثرها القوي على الجهاز المناعي، موضحة أنها شفيت من السرطان، لكنها لا تزال تخاف فكرة عودته مجددا ..
طيلة فترة العلاج تسلحت مريم بالابتسامة والتفاؤل وحب الذات والحياة لتتمكن من التأقلم وخاصة التحاور مع مرض عنيد تقول أنها أقنعته أن لا مكان له في حياتها فغادر دون رجعة ..
أخذت الشابة على عاتقها مهمة توعية النساء في محيطها بسرطان الثدي- بتوجيه نصيحة لجميع النساء باستشارة الطبيب فورا في حال ملاحظة أي من العلامات التحذيرية، مثل كتل متصلبة أو عقد ونتوءات بالثدي أو تغير لون الثدي.
في الأثناء لم تكتفِ مريم بالانتصار على السرطان بل صنعت من آلامه عالما مليئا بالألوان المشرقة، اكتشفت موهبتها في الرسم وترجمت كل ما عاشته من آلام وآمال في لوحات زيتية جميلة تحاكي مراحل وأطوار معركتها الطويلة مع سرطان الثدي.
رسائل أمل تبعث بها مريم من خلال لوحاتها الفنية تقول من خلالها أن السرطان زائر غير مرغوب فيه في عالمنا لكنه لا يستطيع التغلب على كل امرة تسلحت بحب نفسها وحب الحياة والانسجام مع الذات مهما طرأ عليها من تغيرات جسدية، فالجمال بالنسبة لمريم جمال روحي أبدي وجمال الجسد زائل لا محالة.
مريم واحدة منَ العديد منْ قصص الانتصار على سرطان الثدي في تونس التي تحتفي سنويا بشهر أكتوبر الوردي للتوعية بهذا المرض والتشجيع على ضرورة التقصي المبكر عن سرطان الثدي.
يوم الأحد التاسع من أكتوبر شاركت المئات من النساء التونسيات في الدورة السابعة لـ “ماراثون نوران” “مراطون وردي ” كان بحضور أخصائيين صحّيين في مجالات الأورام والتغذية والتدخين والأمراض الصدرية، للإجابة عن استفسارات الحضور
وكان فرصة هامة للتحسيس بأهمية السلوكيات الوقائية للتقليل من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي، على غرار ممارسة النشاط البدني بانتظام واتّباع العادات الغذائية المتوازنة والابتعاد عن التدخين وعن استهلاك الكحول، فالنشاط البدني المنتظم يقلّل من خطر التعرّض للسرطان بنسبة 27%،ومن خطر رجوع المرض بنسبة 24%.
ويمثّل سرطان الثدي 30% من مجموع الأمراض السرطانية ومن المتوقّع ارتفاع عدد الإصابات الجديدة بسرطان الثدي في تونس إلى موفى سنة 2022، إلى ما بين 3500 و4000 حالة.