الصغار والكبار والحوامل يختارون طريق البحر هربا من أزمة اقتصادية خانقة في تونس
- يزدهر عمل المهربين للمهاجرين غير الشرعيين
- يضعون 40 شخصا في قارب مخصص لـ9
تعيش تونس أسوأ أزماتها الاقتصادية إذ تآكلت الطبقة المتوسطة وأصبحت تكافح لتوفير قوت يومها، وتدهورت معظم الأعمال والوظائف باستثناء عمل واحد بات ينمو سريعا مؤخرا.
وفي وقت ترتفع أسعار السلع الأساسية مدفوعة بالتضخم العالمي الناجم عن غزو روسيا لأوكرانيا، يزدهر عمل المهربين للمهاجرين غير الشرعيين من تونس نحو السواحل الأوروبية عبر البحر الأبيض المتوسط.
وتنامت عمليات الهجرة غير الشرعية من تونس نحو أوروبا مؤخرا لأسباب مختلفة أبرزها الوضع الاقتصادي الصعب، بحسب الصحفي التونسي، أيمن الزمالي.
وقال الزمالي لموقع “الحرة” إن عمليات الهجرة المتنامية مؤخرا “لم تعد تقتصر على الشباب والمهمشين، بل أصبحت ظاهرة تمتد إلى مختلف شرائح المجتمع بما في ذلك الطبقة الميسورة”.
ومنذ أسابيع، تتفاوض تونس المثقلة بالديون من صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بقيمة 4 مليارات دولار يفتح إمكانيات للحصول على قروض أخرى من السوق الدولية بنسب فائدة أدنى.
وقال أحد المهربين لصحيفة “التايمز” اللندنية في ميناء صفاقس على بعد 200 كيلومتر جنوب شرق تونس العاصمة، إن “الأمور سيئة للغاية لدرجة أننا قد نحجز للجدات في العام المقبل”، في إشارة إلى أن الهجرة غير الشرعية باتت مغرية لكل الأعمار.
وأضاف المهرب الذي عرفته الصحيفة باسم أحمد: “الفقراء، الأغنياء، النساء الحوامل – الجميع يغادرون وعملي ارتفع بنسبة 30-50 بالمئة منذ العام الماضي”.
بدوره، أشار الزمالي إلى أن “الظاهرة الجديدة تتمثل في محاولات هجرة لأساتذة التعليم والأكاديميين والفئات الاجتماعية المتوسطة والميسورة التي باتت أيضا ترغب في خوض مغامرة محفوفة بالمخاطر.
وأرجع الصحفي التونسي أسباب الهجرة غير الشرعية المتنامية إلى “الأوضاع الاقتصادية الصعبة جدا” بصفة أساسية، إضافة إلى “ضيق الأفق الاجتماعي”، علاوة على “عدم الوصول إلى استقرار سياسي ينعكس على فئات واسعة من التونسيين”.
أعداد كبيرة من المهاجرين
وبحسب “التايمز”، فإن حوالي 13 ألف مهاجر من تونس أبحروا بشكل غير شرعي إلى إيطاليا هذا العام من بينهم 10 آلاف مواطن تونسي.
وفي هذا الإطار، قال المحلل في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، مات هربرت، لصحيفة “التايمز” إن “عدد المغادرين هذا العام قد يتجاوز عام 2021، لذلك سنواصل التغلب على المستويات التي شهدناها في الربيع العربي”.
وقال المهرب أحمد إنه نظم 20 رحلة بالقارب هذا الصيف إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية على بعد 144 كيلومتر فقط من سواحل تونس.
وأضاف: “ما دام الناس في تونس محبطين للغاية، فإن فقط هذه الأعمال ستنمو”.
وتمر البلاد بأزمة خطرة أبرز ملامحها انخفاض النمو الاقتصادي (أقل من 3 بالمئة) وارتفاع معدلات البطالة (ما يقرب من 40 بالمئة لدى الشباب) وزيادة الفقر (نحو أربعة ملايين شخص)، وفقا لفرانس برس.
بعد عشر سنوات من العمل كمهرب للبشر في ميناء صفاقس التونسي، يقول أحمد إنه اشترى السيارات والدراجات النارية وأسس شركة لغسل أرباحه بعد أن جمع 15 ألف دولار من المدخرات.
وتابع: “كان بإمكاني أن أكسب الكثير لو كنت حشدت المزيد من الناس في القوارب دون الاهتمام حال موتهم، لكن ضميري وثقافتي لا يسمحا بذلك”.
ويدعي أحمد أن أي مسافر يحجز من خلاله ويعيده خفر السواحل التونسي يحق له الحصول على رحلة أخرى مجانا شرط أن لا يقدم اسمه للشرطة.
بصفته سمسارا، استأجر مهربين لقيادة القوارب نحو إيطاليا قبل التظاهرة بأنهم من المهاجرين. وقال إنه عند الوصول “سيدخلون مركزا للمهاجرين في إيطاليا، ويقبلون العودة إلى الوطن ويمكن أن يعودوا في غضون 15 يوما”.
وأشار إلى أن المنافسين يملئون القوارب بالناس بحيث يضعون 40 شخصا في قارب مخصص لتسعة أفراد فقط دون أن يكون معهم قائد للرحلة.