أزمة الملوخية في إدلب بين خيالات الجولاني وواقع مرير
عنوان جانبي قد لا يلفت انتباهك معظم الوقت لكنه يمر أمامك طيلة الوقت.. “أزمة الملوخية في إدلب”، البعض لم يسأل، لكننا تساءلنا ما نوع الأزمة؟
إليكم بعض الأحداث المتعلقة بالأزمة أولا، أوضحها لنا مراسلنا في سوريا..
الأمر لا يتمحور حول الملوخية فقط، بل الفلفل الأحمر، لكن أصبح هناك تدقيق على الملوخية أكثر من اللازم، لدرجة أنه تم اعتقال إعلامي لأنه كتب منشورا كوميديا عن الأمر
مراسل أخبار الآن
بالطبع الأمر ليس بهذه السطحية، فلا شيء يمر مرور الكرام، ويرتبط بلعبة اقتصادية مفادها التحكم بالموارد، يتبعها الجولاني زعيم جبهة النُصرة، إذ أنه أصبح المتحكم مع التجار خاصة مع الاختلاف الكبير بينها وبين ريف حلب.
بين رواية الجولاني وواقع لم يُكشف عنه
حينما التقى الجولاني بعدد من المهجرين من حلب وريفها، ويقمون في إدلب للحديث عن وضع الساحة العسكرية وحالها، تطرقت تغطية اللقاء إلى “أزمة الملوخية” ومنع دخولها، وبالطبع برر حينها القرار بأنه “محاولة لحماية المنتج المحلي ومنع تضرر الفلاحين في مناطق نفوذها.
لكن في باطن الأمر، سعر الفلفل الأحمر والملوخية في إدلب أصبح أضعاف أضعاف سعرها في حلب على سبيل المثال لا الحصر، ومن ثم تحقق جبهة النُصرة أرباحا مادية كبيرة.
أحد التعليقات قالت: “الأهالي يسعون لجلب الخضراوات من ريف حلب بسبب سعرها المنخفض، إذا ما قورن سعرها في إدلب، إذ يتحكم تجار الحرب في الهيئة بالأسعار ويحتكرون المواد”.
وفقا لوصف جبهة النُصرة ومع قواعد منع التوريد والاستيراد للملوخية كأنها من الممنوعات، وصف الجولاني الأمر بأنها تمر عبر “تركيا، ما يجعل في الأمر ضررا للمزارع لأن البضاعة المحلية لن تباع مثل المستوردة”.
لكن في واقع الأمر، ليس كذلك، لأن تركيا ليست من البلاد التي تصدر هذا النبات بهذه الكثافة، بجانب، أن الجولاني فعل ذلك رغبة في التحكم في الأسعار، لأنه بعد ذلك أمر بمنع استيرادها من معبر الغزاوية كذلك.
على سبيل المثال، حساب رد عدوان البغاة، نشر إحصائية من عائدات الفحص التكميلي لشهادة الثانوية العامة في إدلب، هيئة تحرير الشام تجني حوالي 87 ألف دولار من هذا الفحص، لكن نصف طلاب المدارس يظلون دون أي كتب حتى نهاية العام وكذلك دون تدفئة في أبرد الأيام.
معارضو هيئة تحرير الشام، دشنوا وسما بعنوان #معا_ضد_الملوخية، بعد إعلان حكومة الهيئة تمديد حظر استيرادها.
لكن حكومة الهيئة لم تكن يوما حريصة على مصلحة الفلاح لكن أملا في التحكم في الأسعار، لأنها لا تمنع بقية المنتجات الزراعية من تركيا على سبيل المثال لا الحصر.
الهدف الرئيسي من قرار الجولاني كان خلق سوق محلية تستهلك المنتج المحلي بأسعار كبيرة للغاية مقارنة بأي سعر خارجي وخلق أزمة من لا شيء، طمعا في تحقيق أكبر مكسب مادي ممكن.
بعض المنتقدين قالوا إن سعر الفلفل الأحمر يصل إلى 7 ليرة تركية أي ما يعادل 1040 جنيه سوري، وسعر كيلو الملوخية يصل إلى 10 ليرات أي ما يعادل 1485 جنيه سوري.
لم يكن هدف الجولاني وهيئته سوى استهلاك المواطن والمزارع معا، لتحقيق مكاسب تجارية ومادية بحتة، كان هذا هو الهدف الرئيسي، خاصة وأن الهيئة لا تسيطر بشكل كامل على قطاع الزراعة في إدلب.
هناك العديد من المزارعين المتضررين من توقف التجارة، واستمر الحظر كذلك لخضروات أخرى مثل البطاطس والبصل، والمستهلك والمزارع معا يدفعان الثمن للجولاني وجبهته.
واقع يعكس الحقيقة في إدلب
مبررات الحظر ليست منطقية تماما، خاصة وأن البقعة الجغرافية ليست بالحجم الكبير الذي يسمح بمثل هذه القرارات، ناهيك عن أن الأسواق نفسها صغيرة.
وإن كان القرار سيعكس شيئا فهو السطحية الاقتصادية والإدارية التي كانت وراؤه، لأنه خلف جدلا وسخرية وسخطا كبيرين للغاية في أوساط القرار.
الفارق في الأسعار بين إدلب وحلب بات كبيرا للغاية، بل وما زاد من سوء الأمر هو صعوبة إمكانية جلب أي شيء من من حلب إلى إدلب بسبب هيئة تحرير الشام.
على سبيل المثال، الملوخية كانت تباع بـ90 قرش تركي والآن سعرها يتخطى الـ10 ليرات، وتحولت إلى ما يشبه مفارقة ساخرة، بين تهريبها على طريقة المخدرات وتحريمها وتجريمها.
هيئة تحرير الشام تحاول التحكم في كافة نواحي الحياة في إدلب، لكن قراراتها لم تكن يوما مدروسة، بل تلاقي دوما سخطا من السكان، لأن الدافع الأكبر هو الحصول على المال من المواطنين بغض النظر عن تأثير القرارات على حياتهم وليس كما يزعم الجولاني.