الجزائر تتهم المغرب بالقيام بأعمال عدائية ضدها
- العلاقات بين الجزائر والمغرب تشهد تدهوراً كبيراً
- الجزائر تتهم المغرب بالقيام بأعمال عدائية ضدها
تشهدُ العلاقات بين الجزائر والمغرب أزمة جديدة بارزة، إذ أعلنت الحكومة الجزائرية مؤخراً أنها ستُعيد النظر في علاقاتها مع جارتها المغرب، وذلك بعدما اتهمتها بالقيام بـ”أفعال عدائية”.
ومع هذا، فإن الحكومة الجزائرية أكدت أيضاً أنها ستكثف المراقبة الأمنية على حدودها الغربية.
وفي الواقع، فإن العلاقات بين الجزائر والمغرب متوترة منذ عقود لا سيّما في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية المُتنازع عليها.
وتدعم الجَزائر جبهة البوليساريو المسلحة التي تطالب باستقلال الصحراء المغربية عن المغرب وهي منطقة تعتبرها الرباط ضمن أراضيها.
وفي وقتٍ سابق، كان العاهل المغربي الملك محمد السادس دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إلى العمل سوياً من دون شروط، من أجل “تطوير العلاقات الأخوية” و”بناء علاقات ثنائية أساسها الثقة والحوار”. كذلك، قال العاهل المغربي للجزائريين بأنّ “الشر والمشاكل” لن تأتيهم أبداً من المغرب.
وفي خطاب ألقاه يوم 31 يوليو/تموز بمناسبة “عيد العرش”، أكد ملك المغرب أن الوضع الحالي للعلاقات بين الرباط والجزائر لا يرضى المغرب، وليس في مصلحة الشعبين الجزائري والمغربي، وغير مقبول من طرف العديد من الدول”.
ودعا الملك محمد السادس إلى “فتح الحدود بين البلدين باعتبار أنها الوضع الطبيعي بين بلدين جارين، وشعبين شقيقين”.
ماذا عن التوتر الجديد؟
ولم تكد تمرّ أيام على دعوة ملك المغرب لإحياء العلاقات بين بلاده والجَزائر، حتى خرج وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد بتصريحات من الرباط اعتبرتها الجزائر مستفزة لها.
وفي ختام أول زيارة من نوعها للمغرب منذ تحرك البلدان نحو التطبيع قبل عام، قال لابيد خلال مؤتمر صحفي: “لقد ناقشنا موضوع الصحراء والقضايا التي تهم البلدين، ولم نتطرق لأي صفقات تخص السلاح”.
وأضاف: “تتشارك إسرائيل والمغرب القلق بشأن دور دولة الجَزائر في المنطقة، التي باتت أكثر قربا من إيران وهي تقوم حاليا بشن حملة ضد قبول إسرائيل في الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب”.
وعلى الأثر، ردت وزارة الخارجية الجَزائرية في بيان على تصريحات لابيد، وقد اتهمت المغرب بتحريض وزير الخارجية الإسرائيلي على الإدلاء بهذه التصريحات المُسيئة للجزائر.
ومع هذا، فقد وصفت الوزارة تصريحات لابيد بـ”المغلوطة” و”الاعتباطية”، مُعتبرة أنها ” تعكس رغبة المغرب المكتومة لجرّ إسرائيل في مغامرة خطيرة موجهة ضد الجزائر وقيمها ومواقفها الثابتة”.
ومع هذا، فقد اعتبرت الجَزائر وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة بأنه “المُحرّض الحقيقي” على ما وصفته بـ”التصريحات الكاذبة والخبيثة الصادرة عن المغرب بشأن الجزائر ودورها الإقليمي وعلاقاتها مع دولة ثالثة”.
وأشارت إلى أن “هذه المغامرة الخطيرة التي تراهن على الأسوأ، تشكل إنكاراً رسمياً لليد الممدودة المزعومة، والتي تستمر الدعاية المغربية في الترويج لها بشكل مسيء وعبثي”.
أعمال عدائية
وجاء القرار الجَزائري بمراجعة العلاقات مع الرباط خلال اجتماع استثنائي لمجلس الأمن في الجزائر، ترأسه الرئيس عبدالمجيد تبون وخُصص لتقييم الوضع بعد الحرائق التي تم اعتبارها بمثابة أفعال جرمية.
وأشار بيان للرئاسة الجَزائرية إلى أن “الأفعال العدائية المستمرة التي يقوم بها المغرب ضد الجَزائر اقتضت إعادة النظر في العلاقات بين البلدين”.
وفي حين أن البيان لم يوضح طبيعة تلك الأفعال العدائية، فإنه أشار إلى أنه سيكون هناك تكثيف للرقابة الأمنية على الحدود الغربية مع المغرب، علماً أن تلك الحدود مغلقة منذ العام 1994.
وكانت التحقيقات كشفت أنّ “شبكة إجرامية مُصنّفة على أنها منظمة إرهابية كانت وراء الحرائق، بحسب اعتراف أعضاء موقوفين”.
وألقت الشرطة الجَزائرية القبض على عشرات الأشخاص للاشتباه في تورطهم في “الحرق العمد” وقتل رجل اتُهِم زوراً بإشعال الحرائق.
وقُتل ما لا يقل عن 90 شخصاً، بينهم 33 جندياً، في حرائق الغابات التي وُصِفت بأنها الأشرس وسط موجة حر شديدة في 9 أغسطس/آب عبر أجزاء من شمالي الجزائر، خاصة تيزي وزو في منطقة القبائل، شرقي العاصمة.
واعتقلت السلطات الجَزائرية 61 شخصاً على خلفية الحادث، وبث التلفزيون الجزائري اعترافات قال إنها لأعضاء في الحركة أكدوا تورطهم في الحادث.
وجاء في بيان الرئاسة الجَزائرية: “قرر مجلس الأمن الأعلى تكثيف جهود الأجهزة الأمنية للقبض على باقي الأفراد المتورطين في الجريمتين، وكذلك جميع أعضاء الحركتين الإرهابيتين اللتين تهددان الأمن العام والوحدة الوطنية”، في إشارة إلى “الحركة من أجل تقرير مصير في منطقة القبائل” وجماعة “رشاد” المعارضة اللتين تم تصنيفهما منذ مايو/أيار الماضي على أنهما “إرهابيتان”.
وتُلقي الجزائر باللوم على المغرب في دعمه المزعوم لـ”الحركة من أجل تقرير مصير في منطقة القبائل” الجزائرية -وهي حركة انفصالية في منطقة القبائل.
وأضاف البيان أن الجزائر تهدف إلى “القضاء التام على الحركتين، لا سيّما حركة التحرير التي تتلقى دعم ومساعدة جهات أجنبية وهي المغرب وإسرائيل”.
وحاولت وكالة رويترز الاتصال بكل من وزارتي الخارجية المغربية والإسرائيلية، ولكنها قالت إن أيًا منهما لم يكن جاهزا للتعليق فورًا على اتهامات الجَزائر.
والشهر الفائت، استدعت الجَزائر سفيرها في المغرب للتشاور، وذلك بعد أن أعرب مبعوث المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، عن دعمه لتقرير المصير لمنطقة القبائل التي وصفها بأنها “خاضعة للاستعمار الجَزائري”.
وتُعرف منطقة القبائل الأمازيغية التي انطلق منها الحراك في الجزائر بطبيعتها المتمردة منذ عشرات السنين، بدءًا من تمرد عام 1963، مروراً بـ”الربيع الأمازيغي” عام 1980، والربيع الأسود عام 2001، وحتى حراك 2019.