لبنانيون يأسوا من تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد

  • أزمات اقتصادية وسياسية متفاقمة تعصف بلبنان
  • صعوبة توفير الوقود يدفع اللبنانيون لعدم للبقاء في المنازل
  • انقطاع التيار الكهربائي لمدد تتجاوز 22 ساعة
  • انهيار قياسي لليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي

 

أزمة تلو الأخرى تجعل الحياة أسوأ مما هي عليه، هكذا يؤمن كثير من اللبنانيين في ظل أوضاع اقتصادية متفاقمة، وتراكم الأزمات التي دفعت كثير من المواطنين إلى السفر خارج لبنان أملا في أوضاع معيشية أفضل.

ودفعت أزمة الطاقة، الناس في لبنان إلى حلول غير مألوفة في إطار بحثهم اليائس عن المتطلبات الاساسية للحياة، من الهواء النقي الى الكهرباء ووقود السيارات وحتى مجرد ثلاجة عاملة.

وقالت آيلا الأم الثلاثينية “منذ يومين لم نحصل على دقيقة كهرباء واحدة في المنزل. الأولاد لم يعد باستطاعتهم النوم”.

وأضافت لوكالة فرانس برس وابنها البالغ خمس سنوات في حضنها وابنتها مستلقية على الأريكة “هنا يمكن لأولادي أن يكسبوا بعض الراحة لبضع ساعات في مساحة مكيفة”.

ويشكل انقطاع التيار الكهربائي لمدد تتجاوز 22 ساعة يوميا، تقليدا جديدا في بلد تفتقر أسواقه إلى أغلب السلع  تقريبا من الوقود إلى الدواء فالخبز وكافة المواد الاساسية.

ويعبر سكان لبنان عن ضيقهم ونفاد صبرهم، خلال أي مقابلة إعلامية، في ظل عدم قدرتهم على الصمود مع انهيار اقتصادي بلا قعر نقل البلاد الى حالة معاكسة لما كانت عليه بالمطلق.

وأشارت آيلا المواطنة اللبنانية إلى الأزمة قائلة :”ما نمر به يفوق الخيال. لم يتبق لدينا أي شيء، نحن محرومون من كل شيء، حتى النوم”.

وأردفت “هذا هو الجحيم على الارض“.

في أحد محلات الحلاقة يئس أحمد من عودة التيار الكهربائي، فما كان منه إلا أن استخدم ضوء هاتفه الخليوي ليشذب لحية أحد الزبائن.

وقال وهو يعاني من انقطاع التيار الكهربائي: “نعمل في ظروف بائسة للغاية”.

في أماكن أخرى اختار أصحاب صالونات التزيين أن يضعوا كراسي الحلاقة على الأرصفة لاستغلال الضوء الطبيعي وسط انعدام الكهرباء.

رفاهية الاختيار منعدمة في لبنان

وأطاح الانهيار الاقتصادي بالعملة الوطنية، إذ فقدت الليرة الكثير من قيمتها أمام الدولار الأمريكي ما دفع بأربعة من كل خمسة أشخاص تحت خط الفقر.

لكن وتيرة الانهيار البطيئة تسارعت هذا الشهر بعد إعلان حاكم البنك المركزي رياض سلامة عدم القدرة على الاستمرار في دعم المحروقات.

وفي أعقاب هذا الإعلان ساد الهلع وخفض موزعو المحروقات الكميات التي يتم توزيعها لتصطف أرتال من السيارات أمام محطات الوقود بانتظار أن يتمكن اصحابها من تعبئة خزاناتها قبل تحديد السعر الجديد لصفيحة البنزين.

وأدى ترك بعض السائقين لسياراتهم ليلا أمام المحطات خوفا من خسارة دورهم في اليوم التالي الى إغلاق شوارع العاصمة المعتمة.

معظم إشارات المرور أطفأت انوارها قبل أشهر، ولحقت بها مصابيح الانارة بعد وقت قصير، وكذلك لافتات المحلات ما تسبب بشعور بالمرارة لدى سكان المدينة.

لكن في الصباح عندما يعود أصحاب السيارات لمتابعة جولة الانتظار أمام محطات الوقود، فان الشعور العام يتحول إلى مزيج من الغضب المتفجر واليأس الصامت.

أبو كريم سائق تاكسي قال لوكالة فرانس برس “سيارتي متوقفة في طابور أمام المحطة منذ يومين، لكني لم أتمكن من الحصول على الوقود”.

وسأل “هل هناك شيء مذل ومهين أكثر من هذا؟”، فيما طابور السيارات يمتد لكيلومترات خلفه.

ووصف أبو كريم زعماء البلد المتهمين بالفساد والاهمال بأنهم يعيشون في فقاعة مختلفة، قائلا “لا ينقصهم شيء، لا كهرباء ولا وقود ويعيشون منفصلين تماما عن الواقع”.

إجبار على عدم التحرك بسبب نقص الوقود

في الأسابيع الأخيرة، اضطر الموظفون إلى ملازمة منازلهم أو النوم في أماكن العمل بسبب صعوبة التنقل وغياب اي خيارات أخرى في ظل الشح المستمر للوقود.

نقص الكهرباء والوقود أجبر ايضا الكثير من المقاهي والمطاعم على إغلاق أبوابها لتعذر الاستمرار في خدمة زبائنها.

أما تلك التي لا تزال مفتوحة فيتردد اليها غالبا أشخاص يريدون شحن هواتفهم والحصول على قسط من الراحة في أماكن تشغل مكيفات التبريد.

مخبز شهير له ثمانية فروع في جميع أنحاء لبنان أضطر إلى إغلاق ثلاثة منها وخفض ساعات العمل حتى يتمكن من البقاء.

"حياة أشبه بالتعذيب".. لبنانيون يشكون صعوبة العيش مع تزايد الأزمات الاقتصادية

وأدى لجوء أصحاب الأعمال إلى السوق السوداء للحصول على الوقود اللازم لابقاء الثلاجات عاملة طوال الليل إلى رفع تكاليف التشغيل بشكل كبير.

وقال المسؤول في المخبز ايلي زوين لفرانس برس “اضطررنا الى شراء صفيحة المازوت عشرين ليترا من السوق السوداء ب500 الف ليرة لبنانية (333 دولارا بالسعر الرسمي) لتشغيل المولد”.

وأشار إلى أن هذا يزيد خمسة أضعاف عما كان يدفعه الشهر الماضي.