ماذا يحدث في تونس؟
- احتجاجات واسعة دفعت قيس سعيد للإطاحة برئيس الوزراء هشام المشيشي
- الاتحاد التونسي للشغل دعم ضمنيا قرارات سعيّد
- سعيد أعلن جملة من القرارات الجديدة تقضي بحظر التجوال من السابعة مساء وحتى السادسة صباحا لمدة شهر
- سعيد أعفى وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان
تجاذب مستمرّ منذ ستة أشهر بين الرئيس سعيّد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي زعيم أكبر الأحزاب تمثيلاً في المجلس، تسبب بشلل في عمل الحكومة وفوضى في السلطات العامة، في وقت تواجه تونس منذ مطلع تموز/يوليو ارتفاعاً حاداً في عدد الإصابات والوفيات جراء فيروس كورونا.
و إثر احتجاجات في عدد من مناطق البلاد الأحد، أعلن سعيّد في وقت سابق ” الإطاحة برئيس الوزراء هشام المشيشي وإعفائه من مهامه، وتجميد” أعمال مجلس النوّاب لمدة 30 يوماً، في قرار قال إنه كان يُفترض أن يتخذه “منذ أشهر”.
كما أعلن سعيّد عقب اجتماع طارئ عقده في قصر قرطاج مع مسؤولين أمنيّين، أنه سيتولّى بنفسه السلطة التنفيذية “بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة ويُعيّنه رئيس الجمهوريّة”.
واندلعت مواجهات الإثنين أمام البرلمان التونسي غداة تجميد الرئيس قيس سعيّد أعمال المجلس وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه، ما أغرق البلاد في أزمة دستورية بعد أشهر من الصراعات السياسية.
وانتشرت قوات من الجيش أمام مقر البرلمان بمنطقة باردو بالعاصمة ومنعوا الدخول إليه.
الاتحاد التونسي للشغل يشد على يدي سعيِّد
ومن جانبه دعم الاتحاد التونسي للشغل (المركزية النقابية) ضمنيا قرارات سعيّد وقال في بيان الإثنين إن “التدابير الاستثنائية التي اتّخذها رئيس الجمهورية وفق الفصل 80 من الدستور، توقّيا من الخطر الداهم وسعيا إلى إرجاع السير العادي لدواليب الدولة وفي ظلّ تفشّي الكوفيد”.
وأكد الاتحاد العام التونسي للشغل، حرصه على ضرورة التمسك بالشرعية الدستورية في أي إجراء يتخذ في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد لتأمين احترام الدستور واستمرار المسار الديمقراطي وإعادة الاستقرار للبلاد، وذلك إثر التدابير الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية وفق الفصل 80 من الدستور توقيا من الخطر الداهم وسعيا إلى إرجاع السير العادي لدواليب الدولة وفي ظلّ تفشّي الكوفيد.
كما شدد الاتحاد على وجوب مرافقة التدابير الاستثنائية التي اتّخذها الرئيس التونسي قيس سعيد بجملة من الضمانات الدستورية.
وبدوره أكد الغنوشي أن الرئيس لم يستشره قبل أخذ القرارات استنادا إلى الفصل 80 من الدستور التونسي الذي ينص أن على “لرئيس الجمهورية في حالة خطرٍ داهمٍ مهددٍ لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدّولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشّعب وإعلام رئيس المحكمة الدّستورية، ويعلن عن التّدابير في بيان إلى الشعب”.
لكن الرئيس التونسي قيس سعيد رد اليوم الإثنين على اتهامات الغنوشي قائلاً إنه أبلغ مسبقا راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة بنيته استخدام حقه الدستوري، مشيرا إلى أنه لا ينوي أن تسيل قطرة دم واحدة في بلاده.
ويطبق هذا الفصل لمدة ثلاثين يوما ويعهد للمحكمة الدستورية رفض أو اقرار مواصلة العمل به.لكن ومنذ اقرار دستور 2014 لم يتم انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية إلى اليوم وذلك بسبب تجاذبات سياسية حادة بين الأحزاب.
جملة من القرارات الرئاسية الحازمة
وفي جديد التطورات التي حدثت اليوم الإثنين، أعلن الرئيس التونسي،قيس سعيد، الإثنين جملة من القرارات الرئاسية الجديدة تقضي بحظر التجوال من السابعة مساء وحتى السادسة صباحا لمدة شهر.
كما أقال الرئيس التونسي الإثنين كلا من وزير الدفاع ابراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان غداة قراره تجميد أعمال البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه، ما أغرق الديموقراطية الناشئة في أزمة دستورية بعد أشهر من الصراعات السياسية.
وأعلنت رئاسة الجمهورية في بيان، أن سعيّد “أصدر أمرا رئاسيا قرّر من خلاله إعفاء وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي والوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان”.
صبرت كثيراً
وقال سعيد في مستهل خطابه، إنه سيتحمل المسؤولية كاملة من أجل الشعب التونسي، مضيفاً أن ما اتخذه من قرارات كانت وفقاً لما ينص عليه الدستور ولم تكن انقلاباً، وأن الشرعية يجب أن تتناغم مع مطالب الشعب.
وأوضح “أن الانقلاب يكون بالخروج عن الشرعية أما هو فقد لجأ للدستور” مؤكداً أن ثمة أطراف نكلت بالشعب التونسي واعتقدت أن البلاد لقمة سائغة.
وذكر الرئيس التونسي، أنه صبر كثيراً وحذر أكثر من مرة ولم يكن هناك قبول، لكن أطرافاً تقاسمت الدولة وكأنها ملكهم.
كما ودعا، الجميع للهدوء وعدم الرد على استفزازات البعض، فيما طمأن رجال الأعمال عن سلامة دولة القانون في تونس.
ردود فعل دولية
وبالطبع، أثار قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد ليل الأحد بتجميد عمل البرلمان لمدة ثلاثين يوماً وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه، ردود فعل عدّة في الداخل والخارج.
وأبدت الولايات المتحدة الإثنين قلقها إزاء إقالة الرئيس التونسي قيس سعيّد لرئيس الحكومة ودعت إلى احترام “المبادئ الديموقراطية” في البلاد التي تعد مهد “الربيع العربي”.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي “نحن قلقون إزاء التطورات في تونس”، وأعلنت أن “التواصل قائم على أعلى مستوى” وان واشنطن “تدعو إلى الهدوء وتدعم الجهود التونسية للمضي قدما بما يتوافق مع المبادئ الديموقراطية”.
وأعربت كذلك متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية ماريا أديبهر لصحافيين عن أمل بلادها في عودة تونس “في أقرب وقت ممكن إلى النظام الدستوري”.
واعتبرت أن “جذور الديموقراطية ترسّخت في تونس منذ 2011” في إشارة إلى الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. وأوضحت أن بلادها “قلقة للغاية” مما جرى.
إلى ذلك، أعلنت الدبلوماسية الفرنسية الاثنين أن باريس تأمل “بعودة المؤسسات الى عملها الطبيعي” في تونس “في أقرب وقت”، وذلك بعد قيام الرئيس قيس سعيد بتعليق عمل البرلمان وإقالة رئيس الوزراء.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية انييس فون دير مول إن “فرنسا تتابع باكبر قدر من الانتباه تطور الوضع السياسي في تونس”.
واضافت أن باريس “تأمل احترام دولة القانون وعودة المؤسسات الى عملها الطبيعي في اقرب وقت، بحيث تستطيع التركيز على التصدي للازمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية”.
عربياً، تلقى الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، اتصالاً هاتفيًا اليوم، من وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج في الجمهورية التونسية عثمان الجرندي.
وأكد الأمير فيصل خلال الاتصال، على حرص السعودية على أمن واستقرار وازدهار الجمهورية التونسية الشقيقة ودعم كل ما من شأنه تحقيق ذلك.