صفاء صالح
لحظات صعبة عاشها ركاب قطاري سوهاج
صباح الجمعة الماضية، كان صالح عابد، يتحدث مع أحد ركاب القطار، 157، الذي خرج من محافظة الأقصر متجها إلى الإسكندرية. لاحظ كلاهما بطئا شديدا في حركة القطار، ثم كانت الصدمة حين اصطدم قطار آخر، 2011، بالقطار الذي يستقلانه، وهي لحظات لا يدرك صلاح ما الذي حدث بعدها، سوى أن إفاقته كانت بسيارة إسعاف تتجه به إلى مستشفى حكومي في سوهاج.
هكذا مرت لحظات الصدمة على صالح، الشاب الذي كان يقضي أحد مشاويره رفقة زملاء له، ولم يعرف بعد كيف هي حالتهم جميعا: “حين صدمنا القطار لم أشعر بشيء، أغشي علي، ولم أفق سوى بسيارة الإسعاف حين طلبت منهم الاتصال بأسرتي ليخبروهم بما حدث، وأني ما زلت حيا” بهذه الكلمات يصف الشاب الذي لم يتلق تعليما نتيجة انشغاله بالعمل في الزراعة، تلك اللحظات التي مر بها.
خلف الحادث عشرات القتلى ومئات المصابين بحسب تصريحات رسمية، وكان نصيب صالح منها خمس غرز طبية برأسه، وعددا من الجروح المتفرقة في كل أنحاء جسده، وهي تجربة مريرة، تعد الأولى له في حوادث القطارات، المتكررة في مصر، بتفاوت درجاتها: “مشهد المشفى في اللحظات الأولى من الحادث كان مرعبا، الدماء في كل مكان، والصراخ سيد الموقف”.
ما يقوله صالح حول لحظات اصطدام القطار بالآخر، يوافق ما قالته سمرة سالم، التي خرجت من منزلها بنجع حمادي، متجهة إلى القاهرة، ولم تشعر سوى بأتربة وهزة عنيفة، أسقطتها على الأرض، ولم يعد بوسعها التحرك، وكانت ترى كل ما يدور حولها، حتى جاء شاب وانتشلها من الأرض: “كان هناك كرسي يضغط على صدري، ولم يكن بوسعي التنفس بشكل سليم، حتى جاء هذا الشاب وأخرجني”.
في منزل مجاور لمحل تصادم القطارين بقرية الصوامعة غرب، بسوهاج، أجلس أهل القرية السيدة، قبل أن يتم نقلها لمستشفى طهطا العام، لتلقي العلاج المناسب، وهناك وجدت تفاعلا كبيرا من رواد المستشفى، ومن أهل المركز، الذي ذهبوا لخدمة المصابين: «الشباب حولي من أول لحظة، ربما لأني في مثل أعمار أمهم، وليس لدي مرافق هنا، أتممت الـ52 عاما منذ فترة».
الدمار الذي اعقب الحادثة في سوهاج
وزير النقل المصري يحدد المتسبب في حادث سوهاج
وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، ووزيرة الصحة، ووزير التعليم، قد تفقدوا مكان الحادث، وتقرر صرف تعويضات سواء لأهالي المتوفين أو المصابين، وبحسب وزير النقل، الفريق كامل الوزير، فإن سبب الحادث تفعيل فرامل الطوارئ، وفقا لما قاله بإحدى الفضائيات اليوم السبت: “السائق نزل لمحاولة تشغيلها، بمساعدة الكمسرية المساعدين، كان القطر الثاني جاي من الخلف”، لافتا إلى أنه تم تحذير سائق القطار الخلفي بكل الوسائل التحذيرية الميكانيكية والكهربائية والهاتف المحمول، لكنه لم يستجب لأي من ذلك.
وحمل الوزير الخطأ على سائق القطار الخلفي: “كان فين وقت التحذير والكبسولة اللي اتضربت وكل دي تفاصيل هيكشفها النائب العام”.
بين الحياة والموت لا تملك سوى الأمل
هذه التفاصيل التي سيكشفها النائب العام، لها أهميتها بحسب عادل حلمي، الذي أصيب في ذلك الحادث أيضا، وكان ينام فوق المكان المخصص للحقائب، مستسلما للنوم، فرحلة السفر ستستمر لمدة 12 ساعة، لكن الفترة كانت أقصر، والوجهة لم تكتمل.
يتذكر عادل حين توقف القطار على غير عادته في منطقة بقرية الصوامعة، حتى حصلت الحادثة، التي يذكر الشاب منها جذبه من ملابسه من خلال زجاج المترو، وإخراجه: “كانت لحظة قاسية، أنت بين الحياة والموت، ولا تملك سوى الأمل”.
نقل عادل إلى مستشفى سوهاج الجامعي، ضمن آخرين، وزعوا على 12 مستشفى قريب من موقع الحادث، وكانت حالة الزحام في الساعات الأولى من الحادث كبيرة، فالمصابين كثيرون، وأهلهم كذلك، وأفراد القرية خرجوا لمد يد العون بكل وسيلة: “وجود الناس من حولك أمر لطيف، دعمهم لك ومشاركتهم مصابك قد يخفف عنك بعض الحزن”.
اصطدام القطار بمؤخرة آخر، أثرت على ثلاث عربات بشكل كبير، كما أثرت على مقدمة القطار القادم من الخلف، وهي لحظات اصطدام كان أحمد كمال على مقربة منها، فأرضه الزراعية ومنزله قريبان من الحادث: “مر كل شيء صعبا، صوت الاصطدام كان مخيفا، ولحظات انتشال الجثث، ومساعدة المصابين أيضا، لأول مرة في حياتي أرى مشهدا مثل هذا وأتمنى أن يكون الأخير”.