نجاح وتقدّم.. الجزائريات يتألقن في عالم الهندسة
كشف تقرير دولي جديد أنّ الجزائريات تمكّنّ خلال السنوات الأخيرة من كسر احتكار الرجال لدراسة الهندسة، وقطعن شوطاً كبيراً في تأكيد قدراتهن على مواجهة الهيمنة الذكورية على هذا القطاع.
ووفقاً لموقع “al-fanarmedia” الالكتروني، فقد ارتفع عدد المهندسات في الجزائر من 35% في العام 2005 إلى 47.1% عام 2017.
الجزائر في طليعة الدول العربية لناحية نسبة خريجات الهندسة
ومع هذا، فقد تصدرت الجزائر القائمة التي تُبرز نسبة خرّيجات الهندسة في الدول العربية، وذلك بنسبة 48.5%، تليها مصر بنسبة 45.5%، ثم تونس 44.2% وسوريا بنسبة 43.9%، وسلطنة عُمان بنسبة 43.2%، والمغرب بنسبة 42.2%، وذلك بحسب تقرير منظمة اليونسكو” التابعة للأمم المتحدة، والذي يصدرُ كاملاً خلال نيسان/أبريل المقبل تحت عنوان “السباق مع الزمن من أجل التنمية بطريقة أفضل”.
وفي هذا الإطار، قالت كريمة بالسايحي، أستاذة العلوم الاجتماعية بجامعة قسنطينة، أن “تقدم المرأة الجزائرية في هذا التخصص مؤشر نجاح خصوصاً وأنه كان إلى وقت قريب حكراً على الرجال”. وأضافت: “نظراً لكون محيط العمل أغلبه من العمال الرجال، فإن دخول المرأة للعمل في هذا القطاع لم يكن سهلاً لكن النساء الجزائريات نجحن في ذلك”.
وتُعدّ الجزائر رائدة عربياً من حيث نسبة الإناث الملتحقات بالجامعة، مقارنة بالمعدل العربي، إذ تشير الأرقام إلى أن أكثر من 60% من إجمالي الطلاب الملتحقين بالجامعة هم من الإناث، وذلك وفق دراسة حديثة عن “تمكين المرأة العربية” صادرة عن صندوق النقد العربي.
إلى ذلك، تضمّ الجزائر أكثر من معهد وجامعة مختصصة لتدريس الهندسة. فبالإضافة إلى مدرسة عليا بمنطقة الحراش بقلب العاصمة الجزائر، يوجد 19 معهداً موزعاً في مختلف أنحاء البلاد، يدرس بها ما يقرب من 21 ألف طالب أكثر من 30 بالمئة منهم إناث. وتستغرق دراسة الهندسة بمختلف تخصصاتها 5 سنوات، بعدها يمكن للخريجين التوجه لسوق العمل أو استكمال دراستهم العليا.
بدوره، قال عيسى زكريني، عضو المجلس الوطني للمهندسين المعماريين في الجزائر: “لا أعتقد أن تقدم المرأة الجزائرية في هذا التخصص مفاجئ، فمنذ ثورة التحرير 1954 والمرأة لديها حضور كبير في الشأن العام، وتعمل شأنها شأن الرجل في مجال الهندسة والأشغال العمومية وغيرها من المجالات”.
وتعتبر دراسة الهندسة مكلفة نوعاً ما، إذ يحتاج الطلاب لشراء معدات قياس ورسم وطباعة مخططات كبيرة مما يعدّ عبئاً على الكثير من الأسر ذات الدخل المحدود أو المتوسط. ورغم هذا، فإن الكثيرات يُقبلن على دراسة الهندسة بتشجيع من ذويهم نظراً لارتفاع دخل العاملين في هذا القطاع.
ويقول زكريني: “يشيع الاعتقاد أن التخصص يدرّ على صاحبه أموالاً كبيرة، كونه يتعامل مع مشاريع ضخمة ومؤسسات عقارية محلية وأجنبية. الجزائر شهدت طفرة عقارية كبيرة قبل 10 سنوات أو أكثر بقليل حيث كانت مكاتب الهندسة تحصل على صفقات كبيرة، تغير بها حال الكثير من المهندسين، وهي نفس الفترة التي عرفت فيها الجامعات توافد الأعداد الكبيرة من الطالبات وحتى الطلبة لدراسة التخصص”.
من جهة أخرى، يمتلك العاملون في هذا المجال فرصة العمل الحر أو الخاص أو الحكومي مما يجعله ملائماً للكثيرين بحسب ظروفهم ورغباتهم.
وتقول العديد من الطالبات إنهن إلتحقن بدراسة الهندسة بتأثير من ذويهم. وفي هذا السياق، تشير صليحة بن تواتي، وهي طالبة في السنة الثالثة بمعهد الهندسة المعمارية بجامعة باتنة شرق الجزائر، إلى أنّها التحقت بالتخصص كونها ابنة مهندس معماري.
وتضيف: “شجعني والدي على الالتحاق بكلية الهندسة، بالطبع إطلاعي على مكتبته الغنية بالكتب في هذا المجال شجعني كثيراً”.
وتلتحق الطالبات الجامعيات بدراسة العلوم والهندسة بتأثير من ذويهم غالباً. وهنا، تقول كنزة بارة، التي تدرس الهندسة المعمارية بالسنة الثانية بجامعة سطيفة، أنها لم تدخل المعهد عن حب، وأنّ والدها أرشدها إلى التخصص، كما نصحها أقاربها بذلك وكانت مضطرة للتأقلم تلبية لرغبة العائلة.
ومع ذلك، تعتقد فهيمة لواتي، التي درست الهندسة بتوجيه من والدها أيضاً، أن هذا التخصص مناسب جداً للمرأة، وقالت: “تعتمد الهندسة على الكثير من فنون التشكيل التي تحتاج إلى لمسة أنثوية، وتجد المرأة فيها شغفها”.
أما مفيدة بوطوقة، خريجة الهندسة، لا تجد أن العمل في هذا التخصص مثالي تماماً. فإلى جانب مصاريف الدراسة المرتفعة، فإن “الإنخراط في سوق العمل ليس سهلاً”، وتضيف: “إنّ إدارة عمل خاص في هذا المجال مكلف جداً، ورغم تقبل المجتمع لعمل المرأة في هذا المجال إلا أن كثيرين يعتبرون أنها غير مناسبة لتحمل أعباء مشاريع كبيرة، كما يرفض البعض العمل تحت إشرافها”.
من جهته، ينفي شريف داودي، وهو عامل بناء منذ 25 عاماً، تلك الفكرة ويؤكد أنه “لا يرفض العمل تحت إشراف امرأة”، ويقول: “قبل 5 سنوات من الآن، لم أكن أصادف خلال عملي مهندسة تشرف على مشاريع وتتابع العمال. اليوم، يوجد أكثر من 3 مهندسات يقمن يومياً بمتابعة العمل داخل مشاريع سكنية أعمل بها بمنطقة تينار بولاية سطيف شرق الجزائر”.
حقوق المرأة في تونس.. هوة شاسعة بين القوانين والممارسة
كادت نادية “تخسر كل شيء” حتى طفلتها، عندما تقدمت خلال فترة الإغلاق السنة الماضية بشكوى قضائية ضد زوجها العنيف، في ظل صعوبة تطبيق المؤسسات التونسية للقوانين الرائدة في البلاد على صعيد مكافحة العنف ضد المرأة.