مختصون في نابل يصدرون مجلة توعوية عن التوحد
بادر عدد من المربين المختصين العاملين في مركز الحمائم 2 لأطفال التوحد بمحافظة نابل التونسية بإصدار مجلة توعوية تثقيفية حول اضطراب التوحد تحت عنوان :التوحد؟ إيجا نحكيو! اسمع مني وماتسمعش عليا!
تُعنى هذه مجلة بتوعية المجتمع باضطراب التوحد، وجاءت ببادرة من المربية المختصة مروى شندول.
وساهم في إعداد المجلة محمد صبري الجربي، وهو أستاذ أنشطة رياضية، وبتأطير من مديرة مركز الحمائم 2، التابع للجمعية التونسية للنهوض بالصحة النفسية فرع نابل.
بهذا الخصوص، قالت مروى شندول لمراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في تونس ليلى بن سعد، إنه تم التفكير في إصدار هذه المجلة انطلاقًا من التجارب اليومية والصعوبات التي تعترض أخصائي التوحد والاحتياجات العلاجية والتعليمية لهذه الفئة والمحيطين بهم.
ومن هنا فكرت مروى شندول في إيجاد سبل لتوعية الولي والمجتمع ككل بشأن اضطراب التوحد، بما في ذلك الفضاءات الأخرى للأطفال، كالمحاضن ورياض الأطفال والمعلمين بالمدارس، وتوعيتهم بكيفية التعامل مع طفل التوحد.
تهدف المجلة، ولأول مرة في تونس، إلى التعريف بطيف التوحد، ومساعدة الإطار البيداغوجي والأولياء ومعلمي المدارس الإبتدائية المدمجة على متابعة الأطفال على أسس علمية صحيحة.
وأبرزت مروى شندول أن “الفكرة جاءت من إحساس الذنب الذي لمسناه في عيني أم طفل التوحد”.
ومن هنا يسعى المختصون إلى تأطير الولي وتحضيره نفسانيًا ليتقبل طفله، وتغيير نظرة الولي لابنه الحامل لطيف التوحد، وتقديم التعريف الصحيح للتوحد على كونه ليس مرضًاو وإنما هو اضطراب نفسي.
بدوره، قال محمد صبري الجربي، أستاذ أنشطة رياضية ملائمة ساهم في إعداد المجلة، إنه تم إجراء دراسة علمية وبحوث حول اضطراب التوحد ونظرة المجتمع له.
وأوضح الجربب لمراسلة “تطبيق خبّر” أنه لاحظ أن الاحتكاك اليومي مع الأطفال الحاملين للتوحد، هو في حد ذاته كان حافزًا كبيرًا للانطلاق في التعمق.
كما أضاف أن الأرقام مذهلة حسب تقرير اليونسيف لسنة 2020، إذ يوجد قرابة 19% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين و17سنة، يشكون من صعوبات نفسية.
مليون طفل توحد بتونس في 2030
ولفت إلى أن عدد المصابين بالتوحد حسب الدراسات، كان في سنة 2009 في حدود 100ألف شخص بتونس، أما اليوم، فيتجاوز العدد نصف مليون شخص، ويتوقع أن يصل إلى عدد المصابين بالتوحد إلى مليون قبل نهاية سنة 2030.
ذكر تقرير اليونسيف أيضًا أن الحكومة التونسية لا تقوم بالمجهودات اللازمة والضرورية لدعم هذه الفئة من الأشخاص.
كما تم التوصل من خلال الدراسة التي أجراها المختصون المعدون للمجلة إلى أن المجتمع تطغى عليه كلمة “العطف” و”نظريات النقص” عند مشاهدة طفل التوحد في الشارع.
كذلك أبرز المربي المختص محمد صبري الجربي أن المجتمع التونسي لا يعرف مفهوم التوحد، ويرى أن الطفل المصاب بالتوحد يجب عليه ألا يذهب إلى المدرسة، كما يظن أن أسباب التوحد تعود إلى تربية الوالدين، أو تعلق منذ الصغر بالأجهزة الإلكترونية.
من هذا المنطلق، تم التفكير في إصدار المجلة بهدف تغيير المعتقدات الراسخة لدى المجتمع، من الأقران والعائلة وأصدقاء العائلة والجيران، وغيرهم.
من الأهداف الأخرى لإصدار المجلة هو أن دعم الطفل المصاب بالتوحد يتم بطرق علمية متعددة.
وتقدم المجلة تعريفًا للتوحد كونه اضطراب في النمو، وليس طريقة عيش يختارها الشخص المصاب به، إذ لا علاقة له بالتربية والأخلاق.
كما تحتوي المجلة على صورة معبرة لطفل التوحد والصراعات التي يواجهها في الإدماج المدرسي، إلى جانب لمحة عن المؤشرات الأولية التي تساعد المدارس والمحاضن ورياض الأطفال والمعلمين والمجتمع ككل، والولي بصفة خاصة، على التوعية المبكرة لمفهوم اضطراب التوحد.
يوجد بالمجلة كذلك، دليل على الفريق المتدخل، أي الجهات التي يتوجه إليها الولي عند ظهور مؤشرات التوحد، ومن بينها غياب أو تأخر النطق، وغياب التواصل البصري، وعدم الاهتمام بالاخرين، وتفضيل طفل التوحد للعب بمفرده.
تجدر الإشارة إلى أن مركز الحمائم 2، التابع للجمعية التونسية للنهوض بالصحة النفسية فرع نابل، يؤم 20 طفلًا من أطفال التوحد، يقدم لهم حصص دعم وعلاج للمدمجين منهم بالمدارس، ممن يعانون من صعوبات التعلم، ويُعنى بمجال صعوبات التوحد لدى هذه الفئة.
في هذا الخصوص، قالت نورهان زقروتي، مديرة مركز الحمائم 2، لمراسلة “تطبيق خبّر”، إن هذه المؤسسة تعمل كذلك على تكوين وتأطير المرافقين المدرسيين لطفل التوحد، وتقدم الأنشطة التوعوية للمجتمع.
بعد إصدار المجلة، وبمناسبة شهر التوحد المخصص في نيسان/ أبريل، سيتم إعداد دليل تربوي، عبارة عن كتيب حول كيفية التعامل مع طفل التوحد في البيت.
بالرغم من الأنشطة المتعددة للمركز وما تقدمه الجمعية التونسية للنهوض بالصحة النفسية فرع نابل لأطفال التوحد وعائلاتهم، فإن هذه الجمعية تعاني من نقص التجهيزات والمعدات والوسائل البيداغوجية.
في هذا الإطار، طالبت إدارة المركز السلطات المعنية، وعلى رأسها وزارة الشؤون الاجتماعية، بتوفير الدعم المادي لها.