تحتاج إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أن تثبت في وقت مبكر أن الولايات المتحدة لن تسمح لروسيا باستغلال مبدأ سيادة الدولة في سوريا لتجاوز القانون الإنساني الدولي وتعريض ملايين السوريين والاستقرار الإقليمي لمزيد من الخطر.
وبحسب مجلة “نيوزويك” الأمريكية، فإنّ السوريين يحيون في غضون شهر، الذكرى الـ10 لبدء انتفاضتهم ضد النظام السوري، وذلك في ظل حرب عصفت بالبلاد وأدت إلى تشريد الملايين. فمن عدد سكان سوريا قبل الحرب الاهلية البالغ 23 مليون نسمة، يوجد الآن 5.6 مليون لاجئ سوري معظمهم في تركيا ولبنان والأردن، في حين أنّ هناك 6.7 مليون نازح داخل سوريا.
ووسط كل ذلك، فإن معظم النازحين بحاجة إلى مساعدات إنسانية دائمة، خصوصاً أنّ البؤس ضربهم، في حين أنّ فيروس كورونا المستشري يعمّق المآسي في صفوفهم.
وبحسب المجلة الأمريكية، فقد ضغطت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على حكومة النظام السوري من خلال فرض عقوبات، كما جرى نشر قوات أمريكية في شرق سوريا، إلا أنه لا توجد تسوية سياسية للنزاع السوري في الأفق.
وأظهر تحرك مليون لاجئ سوري نحو أوروبا في العام 2015 حالة عدم الاستقرار السياسي التي نتجت عن الأزمة الإنسانية في سوريا. ووفقاً لـ”نيوزويك”، فإن المعاناة الإنسانية وزعزعة الإستقرار ستزداد بشكل مؤكد ما لم تكن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن مستعدة للرد على الممارسات الروسية التي من شأنها أن تعرقل تدفق المساعدات وتعزز نفوذ الرئيس السوري بشار الأسد.
ومع هذا، فإن الأمر الأكثر إلحاحاً هو ضمان المساعدات الإنسانية لنحو 3 ملايين نازح سوري في شمال سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة، والذين لن يعودوا إلى ديارهم بسبب أجهزة الأمن السرية السورية الحاقدة والتي تريد الإنتقام، بحسب “نيوزويك”.
وعلى مدى السنوات الـ6 الماضية، قام المانحون الدوليون بإرسال المساعدات إلى هؤلاء الأشخاص اليائسين، من الدول المجاورة، في إطار عملية للأمم المتحدة يوافق عليها مجلس الأمن كل 6 أشهر.
ومع ذلك، فإن روسيا تعرقل كل هذه الجهود، وعلى مدى الأشهر الـ18 الماضية، استخدمت موسكو سلطتها في مجلس الأمن لخفض عدد المعابر الحدودية المسموح بها لتوصيل المساعدات من 4 إلى واحد.
على إدارة بايدن تعزيزعملية المساعدة التابعة للأمم المتحدة في بقية سوريا
وفي التصويت المقبل لمجلس الأمن في يوليو/ تموز، ستهدف روسيا إلى وقف آخر عملية مساعدة عابرة للحدود، وبالتالي وقف شحنات المواد الغذائية، الأمر الذي سيتسبب في فرار الملايين من الناس. ولهذا، يجب أن تكون إدارة بايدن مستعدة لاستبدال عملية الأمم المتحدة هذه بآلية مانحين دوليين.
ويمكن للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن تتولى هذا الدور. ولترجمة ذلك بالفعل، يتعيّن على إدارة بايدن البدء في وضع خطط للتدخل لصالح الأمم المتحدة والتشاور مع الشركاء الآن. وسيتطلب هذا الجهد أيضاً تبريراً قانونياً لعملية دولية تحل محل دور الأمم المتحدة. كذلك، يجب أن يركز فريق بايدن على شرعية الاستجابات الدولية عندما تجوع الدول ذات السيادة الناس وتثير عن قصد عدم الاستقرار الإقليمي.
ووفقاً للمجلة، فإنّ إدارة بايدن تحتاجُ أيضاً إلى تعزيز عملية المساعدة التابعة للأمم المتحدة في بقية سوريا، إذ أنّ حكومة النظام تعرقل تحركات طواقم المساعدات الدولية وتعيق قوافل المساعدات للناس اليائسين في إدلب، كما قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك لمجلس الأمن في 20 يناير/كانون الثاني.
ومع هذا، تفرض الحكومة السورية على الأمم المتحدة العمل فقط مع المنظمات المرتبطة بها، وعلى سبيل الهلال الأحمر السوري، وقد قبلت الأمم المتحدة بهذه القيود من أجل مواصلة برامج المساعدة في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام والتي يقطنها حوالى 11 مليون شخص.
وستدعم روسيا إعادة انتخاب الأسد لفترة ولاية جديدة مدتها 7 سنوات في انتخابات مزيفة مقررة مبدئياً في الربيع المقبل، وستسعى موسكو بعد ذلك إلى الحصول على تفويض مطلق للأسد لتوجيه جميع عمليات المساعدة التي تقدمها الأمم المتحدة في سوريا.
في غضون ذلك، تطالب روسيا والصين بالاحترام الكامل لسيادة الحكومة السورية، وعلى مدى السنوات الـ10 الماضية استخدمت موسكو وبكين حق النقض ضد 14 قراراً لمجلس الأمن من أجل حماية حكومة الأسد. وفعلياً، فإن الروس والصينيين يؤثرون على مسار الحرب، لكنهم لا يقدمون سوى القليل جداً لجهود الأمم المتحدة للمساعدة الإنسانية حتى مع إنفاق الولايات المتحدة أكثر من 11 مليار دولار للمساعدات الإنسانية للسوريين.
ولمواجهة هذه العقبات، يجب على إدارة بايدن أن تضع مع مانحين آخرين، معظمهم من الأوروبيين، مجموعة من المبادئ التي تحكم العمل الإنساني للأمم المتحدة في سوريا. وإذا رفضت دمشق المبادئ، فإن المانحين يحتاجون إلى إعادة تقييم ما إذا كان ينبغي أن تذهب أموال مساعداتهم إلى عملية الأمم المتحدة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، أو إذا كانت هذه الأموال ستوفر تأثيراً أفضل في مجتمعات اللاجئين بالدول المجاورة وفي شمال سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة، بحسب “نيوزويك”.
ولهذا، فإنّ الهدف من هذه الخطوات ليس تسييس الأزمة الإنسانية، علماً أنه سبق للحكومة السورية أن فعلت ذلك من خلال منع المساعدات تحت غطاء سياسي روسي.
صحافية إستقصائية في ميدوزا : لا يمكن للفاغنر أن تعمل في سوريا إلا وفق قواعد الجيش الروسي
على الرغم من أن المرتزق الروسي في مجموعة فاغنر الروسية المعروفة بشركة “بي ام سي فاغنر” مارات غابيدولين قد قرر وقف نشر مذكراته عن الفترة التي قضاها مرتزقاً في سوريا، فإن محتوى ما في مذكراته، وفق ما أوردته صحيفة ميدوزا الروسية، قد أحدث ضجة كبيرة وجعله حديث العالم.