حققت فتيات عراقيات نازحات في محافظة دهوك حلمهن الكروي واستطعن الالتحاق بنوادي كرة القدم في المحافظة العراقية الواقعة أقصى شمال غربي البلاد.
عشقهن للرياضة و شغفهن برياضة كرة القدم تحديدًا، جعلهن يكسرن الحاجز العشائري والنمط الريفي التقليدي الذي كن يعشن فيه، كما أنهن لم يتركن لمأساة النزوح أن تقف عائقًا بينهن وبين البساط الأخضر لملاعب كرة القدم أو في الصالات الكروية.
تعتبر نافين سعيد أول لاعبة أيزيدية تنضم إلى نادي دهوك الرياضي منتصف شهر كانون الثاني/ يناير من العام الحالي. وهي نازحة من قضاء سنجار تبلغ من العمر 17 ربيعًا، وكانت تسكن في مجمع تل قصب جنوب جبل سنجار.
بدأت نافين من فرق نسوية في المخيمات وبعد تميّزها في لعب كرة القدم، تم استدعائها لنادي دهوك الرياضي، ووصلت بفريقها إلى نهائي دوري إقليم كردستان العراق لكرة القدم في الصالات النسوية.
ليست نافين الوحيدة التي تحب رياضة كرة القدم، بل عشرات من الفتيات النازحات يمارسن هذه الرياضة، إنما من دون دعم من قبل الجهات المختصة، وبعيدًا عن أنظار الإعلام.
عبّرت نافين لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني في العراق ذياب غانم خلف، عن سعادتها العارمة بانضمامها لنادي دهوك، فهي “لطالما كان حلماً أرغب في تحقيقه، وهذه خطوة لإثبات النفس ونشر نموذج من وجه نساء سنجار و تمثيلهن في المناسبات المحلية و الخارجية”.
وأوضحت نافين أن دخولها للملاعب وانضمامها للنادي تم بتشجيع من عائلتها، فضلًا عن شغفها بكرة القدم. وبيّنت أنها تلعب حالياً في دوري كردستان النسوي الممتاز وتحمل الرقم عشرة، كما أنها قادت فريقها للوصول الى نهائي البطولة.
وحول ما إذا كان النزوح قد أثّر عليها سلبًا في شغفها الرياضي، أشارت نافين إلى أن “للفتيات النازحات الكثير من المواهب لكن لا يستطعن ممارسة هواياتهن لأنهن مقيدات بأعراف اجتماعية”.
ولفتت إلى أن واقع النزوح على الرغم من مأساويته، فقد “صارت الفتيات تتمتعن أكثر بحريتهن، كما تخرجت مئات منهن من الجامعات ودخلن مجالات مختلفة”.
لم يكن طريق نافين مفروشًا بالورود، بل واجهت العديد من الصعوبات والعوائق، وتدربت لأشهر عديدة، ومارست كرة القدم لسنوات حتى وصلت إلى مستوى نادي دهوك النسوي وحظيت بالانضمام إلى صفوفه.
من جهته، حضر الاتحاد العراقي النسوي قبل فترة وجيزة مجمع خانكي الذي يضم أغليبة اللاعبات النازحات واختبرهن تمهيداً لاختيار عدد منهن للانضمام إلى المنتخبات العراقية بمختلف فئاتها العمرية.
وقد نال أداء اللاعبات النازحات إعجاب الوفد الزائر، ومن بينهم مدرب منتخب العراقي النسوي للناشئات، وأبدى اهتمامه باللاعبات الذين اختبرهن، معبّرًا عن استغرابه لعدم وجود رعاية لهن.
من جانبه، قال المدرب سمير صبري لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني إنه “من الجيد وجود هذه الفئة في المجتمع السنجاري لأن نساء سنجار تعرضن للظلم و تذوقن مرارة الإرهاب ويستمر عيش كثير منهن في المخيمات”.
وأضاف صبري الذي يقوم بتدريب هذه الفرق النسوية ويهتم بهن و يهتم بهن أن “وجود النمط الاجتماعي تسبب بفقداننا للكثير من المواهب في مختلف المجالات، والرياضة منها”.
وأراد صبري إيصال رسالة توصية إلى مجتمعه عبر “تطبيق خبّر” بضرورة السماح لهذه المواهب النسوية بممارسة هواياتهن والاستمتاع بقدراتهن الجسدية والفكرية.
كما طالب اللاعبات بالاستمرار في لعب الساحرة المستديرة واستثمار إمكانياتهن، وتطوير مهاراتهن من دون الالتفات إلى الماضي، مؤكداً استمرار دعمه لهن دائماً وتزويدهن بالتعليمات الفنية وتدريبهن.
وبيّن صبري إن اللاعبات “يحتجن إلى الملاعب الرياضية في قضاء سنجار بعد تدمير ملاعبها من قبل داعش”، مؤكدًا غياب الدعم من نادي سنجار الرياضي لهؤلاء الفتيات اللواتي يستحقنّ الكثير من الاهتمام.
كما أوضح أنه على تواصل مع الاتحاد العراقي للاستفادة من قدرات المواهب الشابة هذه، مشيرًا إلى وجود حوالى 70 لاعبة كرة قدم في مخيمات النازحين.
وكشف أن “11 منهن تلعبن لنادي شيخان النسوي وواحدة لنادي دهوك، وذلك لعدم وجود رعاية من نادي سنجار الرياضي”.
كما قال إنه تم استدعاء ثلاثة منهن إلى المنتخب العراقي النسوي للناشئات، مشيرًا إلى أنهن “سيدخلن بعد أيام قليلة في معسكر تدريبي مع المنتخب”.
في ذات الإطار، وصفت لاعبة كرة القدم يسرى سليمان شعورها حين تلعب هذه الرياضة بأنه “ولادة جديدة كلما دخلت الى ارضية الملعب”.
ولعبت يسرى التي انضمت إلى نادي بلادي الرياضي أولى مبارياتها مع فريقها الحديد ضمن الدوري العراقي النسوي، واستطاعت رفقة زميلاتها الفوز في أولى مبارياتهن.
واخبرت يسرى مراسل “تطبيق خبّر” أنها “لعبت ضمن الفرق الشعبية النسوية في مخيمات النزوح بشمال العراق قبل انضمامها لنادي شيخان الرياضي لأربعة أشهر”.
ولفتت إلى أن “حبي لكرة القدم وثقتي بنفسي والدعم الذي قدمته عائلتي وأصدقائي لي كان الحافز الأكبر للعب كرة القدم”.
ورأت أنه “من الافضل أن يكون المجتمع داعمًا لهذه المواهب و ليس منتقدًا”، مؤكدة على حقوق الفتيات في لعب كرة القدم. وتمنت سليمان تشكيل فريق من فتيات سنجار يشارك في الدوريات وأن يتم تدريبهن والاعتناء بمواهبهن.