ادعت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون الخميس على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومسؤولة في البنك المركزي بجرم “الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة” في عملية إدارة الدولار المدعوم، وفق ما أفاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس.
وقال المصدر القضائي إن عون ادعت على سلامة ورئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دبّاغ بجرم “الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة”. كما ادعت على ميشال مكتّف وهو صاحب شركة بارزة تستورد الدولار من الخارج وعلى الصرّاف عبد الرحمن الفايد بجرم مخالفة قرار إداري. وأحالتهم جميعاً على قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور لاستجوابهم.
وأوضح أنّ الادعاء “مبني على معطيات تفيد بأن عملية صرف الدولار المدعوم لم تذهب كلّها في الاتجاه المحدد لها” أي دعم استيراد المواد الغذائية الأساسية، بل “جرى توزيع مبالغ كبيرة على صرافين محظيين حققوا أرباحاً طائلة على حساب دعم الأسر الفقيرة”.
وقال إنّ قيمة “المبالغ التي ذهبت إلى جيوب صرافين ومؤسسات مالية تفوق الخمسة ملايين دولار” في وقت يرزح لبنان تحت عبء أسوأ أزماته الاقتصادية.
ويواجه سلامة الذي كان يعدّ على مدى سنوات عراب استقرار الليرة، ضغوطاً متزايدة. وتحمّله جهات سياسية في لبنان مسؤولية انهيار العملة الوطنية وتنتقد بشكل حاد السياسات النقدية التي اعتمدها باعتبار أنّها راكمت الديون. إلا أن سلامة دافع مراراً عن نفسه قائلا إن المصرف المركزي “موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال”.
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي المتمادي منذ العام 2019، فقدت الليرة قرابة ثمانين في المئة من قيمتها مقابل الدولار في السوق السوداء، فيما لا يزال السعر الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات، ما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد المستوردة وخصوصاً الغذائية منها.
وفي محاولة للحدّ من غلاء الأسعار في بلد يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر، أقرّ مصرف لبنان في أيار/مايو آلية يوفّر بموجبها الدولار المدعوم، أي وفق سعر صرف 3900 ليرة، لدعم استيراد المواد الغذائية الأساسية والمواد الأولية لصناعتها.
وتسلّم القضاء اللبناني الأسبوع الماضي مراسلة من القضاء السويسري تتضمّن طلب مساعدة بتحقيق جنائي تجريه بشأن تحويلات مالية من لبنان.
وتتطرق المراسلة، وفق ما قال مصدر قضائي لبناني، إلى تحويلات بقيمة 400 مليون دولار، تخصّ سلامة وشقيقه ومساعدته ومؤسسات تابعة للمصرف المركزي، بينها شركة طيران الشرق الأوسط وكازينو لبنان.
إلا أنّ النيابة العامة الفدرالية في سويسرا أوضحت أن طلبها مرتبط “بتحقيق حول غسل أموال (…) على ارتباط باختلاس أموال محتمل من مصرف لبنان” من دون أن تذكر أسماء المشتبه فيهم.
وكرّر سلامة من جهته التأكيد على أن “أي تحويلات لم تحصل من حسابات لمصرف لبنان أو من موازناته”.
ويتهم محللون ومراقبون زعماء سياسيين ومسؤولين بينهم سلامة، بتحويل مبالغ ضخمة من حساباتهم إلى الخارج، إثر تظاهرات شعبية غير مسبوقة بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2019 ضد الطبقة السياسية، رغم فرض قيود مصرفية مشددة تمنع التحويلات المالية الى الخارج.