في مدينة المالكية في شمال شرق سوريا، يتهافت رجال ونساء وأطفال فور وصول أي شاحنة إلى مكبّ للنفايات، حيث يبحثون عن عبوات بلاستيكية لبيعها وثياب لارتدائها أو حتى بقايا طعام يسدّون بها جوعهم.
وتظهر لقطات شابين يقومان برمي الأكياس البلاستيكية السوداء من الشاحنة فيما يسارع الموجودون إلى استكشاف محتوياتها، ومن حولهم، يتصاعد دخان ناتج عن حرق كميات من النفايات في هذا المكب الضخم.
على الجهة المقابلة، يختلف المشهد تماماً، إذ يخرق هدير آلات استخراج النفط التقليدية الصمت السائد في المكان، ويجري العمل على قدم وساق في واحد من حقول النفط المتعددة التي تُعرف بها محافظة الحسكة.
في المكب، تبحث امرأة عجوز تلف نفسها بشال من الصوف يقيها البرد بين أكوام النفايات المحترقة علها تجد ما يُمكن إنقاذه. وتجمع امرأة أخرى بقايا أرغفة خبز في كيس من القماش المهترئ علّقته على خاصرتها، وتتناول ثالثة من على الأرض ما تبقى في كيس معكرونة
ويبتسم طفل وكأنه حقق انتصاراً بعدما وجد بنطال جينز، بينما يجد أحدهم حذاء أسود اللون في علبة. وتستعين فتاة صغيرة بعصا حديدية خلال بحثها عن عبوات مشروبات غازية تضعها في كيس تحمله على كتفها. وكلما كانت الكمية أكبر كان المردود المالي من بيعها أفضل.
وعلى غرار كثيرين، تنتظر أم مصطفى وصول شاحنة محملة بالنفايات كونها تضم أحياناً “طعاماً جيداً”.
وتقول “ننتظرها كل يوم لنأكل منها، وجدت اليوم بصلاً وتشيبس وبسكويت”.
وتتابع قائلة بكل أسى: “نعيش من قلة الموت.. فالموت أفضل من هذه الحياة”.
وتشهد سوريا منذ بدء النزاع عام 2011 أسوأ أزماتها الاقتصادية والمعيشية التي تترافق مع انهيار قياس في قيمة الليرة وتآكل القدرة الشرائية للسوريين الذين بات الجزء الأكبر منهم تحت خط الفقر.
وتضاعفت أسعار المواد الغذائية، وفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ثلاث مرات في وقت يعاني نحو 9,3 ملايين سوري من انعدام الأمن الغذائي.
في المكبّ، تعثر إحدى الفتيات على مستحضرات تجميل. تبتسم وتسارع إلى وضع قلم أحمر الشفاه في جيبها. وأثناء انهماكهم في البحث، يعمد بعض الأهالي إلى حرق ما يمكن حرقة بهدف التدفئة.