بأنامله الخبيرة، يقوم بتشكيل باقات متناسقة من هذه الورود لعرضها أمام محله، لعلها تأسر عيون المارة أو أصحاب السيارات، فيحصل على زبائن جدد يستبشر بهم خيراً، في ظرفية استثنائية فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد. فالجائحة أضرت بكل قطاعات الاقتصاد، وتجارة الورد وردت ضمن خانة القطاعات المتضررة من تداعيات الحجر الصحي العالمي.
بنبرة يغلفها الحزن والحسرة على ما آلت إليه الأوضاع، أخبر يوسف البكيري مراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية هدى لبهالة أن منظر محله الفارغ الذي يخلو من الزبائن يعد الأول من نوعه طيلة 11 سنة، هي المدة التي قضاها في مهنته كبائع ورد.
إلغاء مناسبات الأعراس والحفلات والتجمعات العائلية وزيارة المرضى داخل المصحات الاستشفائية، شل نشاط تجارة الورد وألحق بأصحابها أضراراً مادية وخيمة، خصوصاً خلال ثلاثة أشهر من الحظر التام.
أوضح يوسف البكيري أنه وجد أثناءها صعوبة في التأقلم مع الوضع في ظل غلاء المعيشة وكثرة المصاريف اليومية له ولعائلته المكونة من والدته وإخوته. استخدم البكري مدخرات سابقة، وقروضاً صغيرة من معارفة، حبل نجاة لتجاوز الأزمة .
حاله هذه تحكي حال كل بائعي الورد في المغرب، إذ أن الضرر عمّ على الجميع بسبب تداعيات الجائحة. وبالرغم من استئناف العمل في شهر تموز/ يوليو الماضي، فإن نسبة المبيعات لا تزال متراجعة بشكل لافت، كما أكد البكري.
ولفت بائع الورد إلى انخفاض يصل إلى النصف في أسعار باقات الورد، موضحاً أن الباقات ذات الحجم الكبير التي كانت قبل أزمة فيروس كورونا المستجد تباع ب 23 و 35 دولاراً، أصبحت تباع اليوم ب 11 دولاراً.
كما انخفضت أثمنة الباقات الصغيرة من 8 دولارات إلى 5 دولارات للباقة الواحدة، مع ارتفاع ثمن الورد بالجملة نظراً لضعف الإنتاج، ليقفز ثمن الوردة الواحدة من درهم مغربية إلى درهمين، وهو الثمن الموحد عند أصحاب الضيعات في مدن مراكش وبني ملال وأكادير، إذ تعتبر هذه المناطق الثلاث المصدر الرئيس لإنتاج الورد، وهو ما يعكس وفرة الإنتاج خلال السنوات الماضية، رافقته وفرة المبيعات أيضا.
تحدياً منه للأزمة الحالية، يُبقي يوسف البكيري على باب المحل مفتوحاً طيلة أيام الأسبوع مزيناً بباقات الورود، مواصلا ًمزاولة مهنته، ملماً بتفاصيل الورود، فيتفقد ما ذبل منها ويرميها، ويقص الغصون الطويلة الوالةة حديثاً، ووضعها في إناء مملوء بالماء، لتتفتح وتحافظ على نضارتها لمدة 6 أيام أخرى، لعلّ عاشقاً للورد يقصد محله بحثاً عن باقة متناسقة، فيشعر يوسف بأن جهوده لم تذهب سداً.