أخبار الآن | طرابلس – لبنان (أ ف ب)
لم تتوقّع سعاد محمّد، أن زوجها الذي اختار خوض غمار البحر على متن أحد قوارب الموت، هرباً من الفقر في شمال لبنان، ستبتلعه الأمواج قبل بلوغه قبرص، ولن تعود حتى جثته إليها.
وتقول سعاد (27 عاماً)، وهي تحضن رضيعها لوكالة فرانس برس بينما تغالبها دموعها “أنتظر جثة زوجي”.
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي الأسوأ في تاريخ لبنان، تكرّرت مؤخراً محاولات الهجرة غير الشرعية، واعترضت السلطات القبرصية واللبنانية خمسة قوارب على الأقل، أقلّت وفق الجانب القبرصي أكثر من 150 مهاجراً سوريا ولبنانياً، وبينهم نساء وأطفال.
خلدون محمد، والد أحد المفقودين، يقول، أنهم “غادروا الاثنين وتوفوا الجمعة.. اثنين، ثلاثاء، اربعاء وخميس، يقولون لنا إنهم بخير. الجمعة توفوا، لا نعرف عنهم شيئا، ابني مفقود في البحر، وصهر أخي وطفلان لا نعرف عنهما أي شيء” .
في منزل والديها في منطقة القبّة، في مدينة طرابلس، إحدى أكثر مدن لبنان فقراً، تمرّ الدقائق على سعاد وكأنّها دهر، وتوضح من دون أن تتمالك نفسها أن “شادي رجل مسكين يعاني من مرض السكري ونوبات في الرأس، لا أم له ولا أب”، مضيفة أنه “هرب من لبنان من شدة الفقر لتأمين المال لنا”.
في أزقة طرابلس، عمل شادي خلال الأشهر الأخيرة على عربة لبيع المثلجات، ولم يكن مدخوله اليومي يتخطى عشرين ألف ليرة، أي دولارين ونصف وفق سعر الصرف في السوق السوداء، بينما سعر كيس الحفاضات 33 ألف ليرة.
وعلى وقع الأزمة الاقتصادية وتدهور سعر صرف الليرة، فقد السكان قدرتهم الشرائية في ظل ارتفاع جنوني في أسعار السلع على أنواعها. وخسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من مصادر دخلهم.
وفاقم انشار فيروس كورونا المستجد ثم الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس، الوضع الاقتصادي سوءاً.