أخبار الآن | غزة – فلسطين (تطبيق خبِّر)
صعوبة الحياة التي يعشيها شباب غزة في مختلف النواحي جعلت الرياضيين منهم يأبونَ الاستسلام، فبات اغلبهم يجتهد لاغتنام أي فرصة من أجل تحقيق حلم وتعزيز دور الرياضة في تخطي الصعوبات والتخفيف من حدتها.
على شاطئ بحر غزة وقبيل غروب الشمس بقليل كانت مجموعة من الفتيات برفقة مدربهن يحملن أدوات رياضية ومستلزمات اخرى كالقفازات وواقي اسنان و..، 4 منهن وقفن على شكل مربع وكل واحدة منهم كانت تقف كوتد ليتم لف قطعة من القماش حولهن لعمل حلبة ملاكمة، بينما اشعة الشمس الذهبية تتسلل الى جنبات المكان لتعطي رونقا وجمالا لما يقمن به.
مراسلة “تطبيق خبِّر” الميدانية في فلسطين نيللي المصري تابعت اللاعبات، أصغرهن ست أعوام وأكبرهن خمسة عشرة عاما، اجتمعن في فريق واحد ليتعلمن لعبة الملاكمة التي جذبتهن بشكل كبير، انه فريق المركز الاولمبي للملاكمة بغزة الذي تاسس قبل وقت قليل ليكون الاول على مستوى فلسطين في تعليم الفتيات اللعبة.
شغف الزهرات
لم يكن غريبا ان نجد شغف هذه اللعبة التي يعتقد الكثيرون انها لعبة خشنة وهذا غير صحيح، يعانق حلم الطفلة لميس ابو القمصان 6 اعوام بأن تكون لاعبة مميزة، فهي تجيد حركات الملاكمة توجيه الضربات واللكمات والتصدي بثقة. وقالت: “احببت الملاكمة بعدما شاهدت أختي وهي تمارس اللعبة، وشاهدت الكثير من الفيديوهات عبر اليوتيوب لفتيات يلعبن الملاكمة”، الطفلة ابو القمصان رغم صغر سنها تتمنى أن تصبح لاعبة مشهورة في الملاكمة ومازال أمامها الكثير من الوقت لتحقق حلمها.
وداعا للعراقيل
لم تعد هناك عراقيل مجتمعية كما السابق امام ممارسة الفتيات للرياضة، فدعم الاهل عنصر اساسي لخوض عالم الرياضة.
هيا ابو غبن (12) عاماً تفهم والديها وحرصهم على اشراك ابنتهم في الانشطة الرياضية كان دافعاً كبيراً لها في الانتساب الى المركز الاولمبي للملاكمة، فعبرت قائلة:” كنت اتابع على قنوات اليوتيوب برامج منوعة الى ان ظهر امامي بالصدفة فيديو لفتيات يلعبن الملاكمة، احببت اللعبة وشعرت بأني استطيع ممارستها، وأضافت:” عرفت بوجود مركز رياضي يهتم في اللعبة ووجود فتيات وهذا ما شجعني للانضمام له بعدما وافق الاهل”.
الفتاة ابو غبن تمارس اللعبة منذ 7 أشهر وهي فخورة بأنها اصبحت تتقن مهارات اللعبة، وهذا ما شجع صديقاتها الاخريات للانضمام الى المركز، وفق تعبيرها.
وخلال التدريب تجمهر بعض الشبان والاطفال من مرتادي شاطئ البحر ليشاهدوا الفتيات لاول مرة يلعبن الملاكمة، ولم تتاثر ملك مصبح (15 عاما) بالمشهد، ونظرات البعض لهن باستغراب، جعلت جلَ تركيزها في التدريب والاستماع لتعليمات المدرب، تحدثت عن المركز الرياضي لتعليم الملاكمة للفتيات بأنه كان بمثابة مفاجأة لها، فهي تسكن بجوار المركز، وكانت تشاهد الفتيات يترددن عليه، موضحة:” بحثت عبر الانترنت ووجدت فعلا ان الفتيات بامكانهن ممارسة هذه اللعبة، وقررت الانضمام، خصوصاً أننا في غزة لا نجد اماكن لممارسة الرياضة”، وبعد مضي 5 أشهر على انضمامها للمركز وممارستها اللعبة تشعر الفتاة بثقة كبيرة في النفس، فهي بحسب قولها تمارس لعبة كانت ممنوعة على الفتيات وتستيطع الان الرد على كافة الانتقادات المجتمعية التي توجه لها ولزميلاتها بكل قوة، وختمت بـ”الرياضة ليست عيباَ”.
نجاح فكرة
مدرب الملاكمة اسامة ايوب(35عاما) لاعب ملاكمة سابق، قرر ان يتجه للتدريب بعد ركود النشاط الرياضي في غزة وقرر فتح مركز رياضي يعنى بالملاكمة، أيوب وضع في مشروعه اولويات لاشراك الفتيات وهذا ما فاجأه من استيعاب للاهالي وتقبل الفكرة عكس ما كان يحصل في السابق أي الرفض.
انتسبت الفتيات للمركز واصبح عددهن 25 لاعبة وواصلن التدريبات داخل المركز، وكان الكورنيش وشاطئ البحر مكاناً للتدريب في الهواء الطلق،
المدرب ايوب سعيد بنجاح فكرته، وكون الفتيات لديهن الرغبة الكبيرة في الاستمرار وتحقيق الطموح بأن يصبحن لاعبات ملاكمة، ويؤكد على ان التدريبات صقلت شخصيتهن بشكل مناسب بامكانهن اتخاذ القرار السليم كما يحدث خلال اللعبة، عندما تقرر موعد الضربة والهجمة وبطريقة صائبة.
جدير بالذكر ان لعبة الملاكمة كانت فقط للرجال، ولم تشهد الرياضة الفلسطينية وجود ملاكمات فلسطينيات على الصعيد المحلي، سيما قبل عامين اقام الاتحاد الفلسطيني للملاكمة دورة اعداد مدربات للعبة في غزة وبعدها لم يحدث اي نشاط في الصدد ذاته.