أخبار الآن | سوريا – iranwire
تسعى إيران إلى اختراق المجال الثقافي السوري، مستهدفة بشكل بارز الفقراء المحرومين في مناطق ذات أهمية استراتيجية رئيسية.
فمن خلال عدد قليل من مشاريع البناء الصغيرة والبرامج التعليمية، وأيضاً تعليم اللغة الفارسيّة وتوزيع الهدايا وتقديم المساعدات، تهدف إيران إلى تشكيل هوية شيعية طائفية بين الشباب السوريين، على أمل الحصول على موطئ قدم استراتيجي طويل الأمد في البلاد.
وتعمل الأجهزة العسكريّة والأمنيّة في طهران على تعزيز تواجدها الطائفي في سوريا من خلال إنشاء قواعد شيعية في المناطق التي تسيطر عليها بالاشتراك مع النظام السوري. تقول المصادر أنّ “هذا يهدف إلى احتضان الضغوط الخارجية خصوصاً تلك القادمة من روسيا، التي تحاول إضعاف نفوذ إيران داخل سوريا”.
وفي السياق، قال نوار شعبان، الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، أنّ “إيران منذ دخولها سوريا تولي اهتماماً كبيراً بالنظام العسكري والأمني الداخلي للبلاد. ولكن على مدى سنوات من القتال، فإنّ قوتها العسكرية والحاجة إلى استخدام القوة قد تضاءلت. لذلك وجدت إيران نفسها على مفترق طرق: إما الاستمرار في الخط العسكري، أو دخول قطاعات أخرى في سوريا”.
ولهذا السبب، فإن إيران حاولت اختراق صفوف العناصر الأصغر سناً في المجتمع السوري بمثل كشافة المهدي، المنتشرة حول دير الزور ونبل والزهراء ومجموعات أخرى، كما أنها عززت دور منظماتها، مثل منظمة الرسول الأعظم، والجهاد للبناء.
وأوضح شعبان أنّ “كثفت إيران مشاريعها الخدماتية في المناطق الفقيرة والمناطق التي تدار بشكل سيء، بهدف الحصول على شعبية واسعة النطاق. يمكن أن تستغل إيران الفقر وضعف البنية التحتية في دير الزور لتعزيز مصالحها الخاصة، إذ نصبت مباني صغيرة مثل المطابخ والعيادات، وجرى إبلاغ الناس أن هذه المشاريع قدمتها إيران، لطمأنتهم أنه لا يتم التخلي عنهم في فترة ما بعد داعش”.
ويأتي هذا في نفس الوقت الذي تنضم فيه إيران إلى قطاع الثقافة السورية، إذ ترعى المسرحيات ودورات اللغة من أجل كسب ولاء وحب السكان الشيعة. كذلك، تستهدف إيران الناس الذين سئموا الحرب ويشعرون بالإهمال من قبل النظام السّوري.
ومؤخراً، بدأت إيران باستحداث مبنى جديد يُسمى “برايت لايت” في محافظ دير الزور، وهو يقع بالقرب من المركز الثقافي الإيراني، وسيعمل فيه موظفون إيرانيون لتعليم اللغة الفارسيّة للأطفال السوريين.
ومن أجل جذب الطلاب إلى المعهد، خصصت إيران 20 ألف ليرة سورية شهرياً لكل طالب يلتزم بالدراسة هناك، على أن يتمّ استقبال الأطفال من سن 6 إلى 15 سنة. كذلك، فقد خصص الإيرانيون مكافأة مالية كبيرة للطلاب المتفوقين في دراستهم.
وأنشأت إيران معاهد لتعليم اللغة الفارسية بهدف تقريب الأطفال والشباب من المسؤولين الإيرانيين والأفغان، وتسهيل التواصل معهم. ويأتي ذلك بالإضافة إلى نيتها توزيع مجلات باللغة الفارسية لتوصيل رسائلها إلى سكان محافظة دير الزور.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ أنّ عملاء إيرانيين محليين يأتون لتوزيع الهدايا والألعاب على الأطفال في المنطقة. وفي الآونة الأخيرة، تم توزيع هدايا على الأطفال تحمل عبارة “تضحية الحسين”، وذلك في افتتاح المركز الثقافي. ومع هذا، قامت الميليشيات الإيرانية أيضاً بتوزيع سلال غذائية على المدنيين في بداية يوليو/ تموز في مدينة الميادين في محاولة لكسب دعم الشعب.
وإزاء هذا المشهد، فإنّ إيران تتحرك لتوطيد نفوذها على المدى الطويل في سوريا، من خلال بوادر حسن النيّة واكتساب أشخاص شيعة جدد، كما أنها “تحاول نشر الإيديولوجية الشيعية بين السوريين السنة من خلال المساعدات الإنسانية”، وفقاً لما ورد في تقرير سابق لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.
ووفقاً لموقع “iranwire”، فإنّ محاولة إيران نشر الشيعة في سوريا تعتبر بمثابة خطوة تكتيكية، وترى طهران في منطقة دير الزور نقطة العبور الرئيسية بين العراق وسوريا، إذ تقع على الممر الذي يربط إيران بساحل البحر الأبيض المتوسط، كما تكتسب أهمية استراتيجية بالنسبة لإيران لأنها تربط العاصمة السورية دمشق ولبنان، معقل حزب الله اللبناني.
وبذلك، فإنّ المنطقة تشكل خزاناً بشرياً يغذي الميليشيات الإيرانية، وانضم الآلاف إلى صفوف الحرس الثوري هناك. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك المنطقة العديد من آبار النفط ، وهي مصدر دعم مالي للضباط الإيرانيين في سوريا.
فهد الشليمي: الشراكة الصينية – الإيرانية ستزيد من عدوانية النظام الإيراني
قبل أيام وأمام البرلمان الإيراني أعلن وزير الخارجية جواد ظريف عن اتفاق مدته 25 عاماً بين إيران والصين، ومن دون أن يذكر التفاصيل ظهرت في تسريبات مختلفة، وتدور حول التعاون الأمني والعسكري والاقتصادي بين البلدين.
مصدر الصورة: getty
للمزيد:
بعيداً عن عتمة الإرهاب.. استكمال عمليات ترميم مسجد النوري في الموصل (صور)