أخبار الآن | دمشق – سوريا (اسوشيتد برس)
في أحد أيام الصيف من العام الماضي ، خرج الحرس الجمهوري من المنظمة الخيرية التي أسسها أغنى رجل أعمال سوري وابن خال رئيس النظام السوري رامي مخلوف، حاملين معهم صناديق المستندات وأجهزة الكمبيوتر، وفي الوقت نفسِه ، تم استجوابُ مديرِ المؤسسةِ الخيرية في القصر لاشتباهٍ بالفساد، بحسب ماذكرت اسوشيتد برس.
وتضمنت البياناتُ المصادَرة، أسماءَ الآلافِ من مقاتلي الميليشيات الذين دعموا النظام السوري في الحرب الأهلية المستمرة منذ تسعةِ سنوات ، بما في ذلك الرواتب التي حصلوا عليها من جمعية البستان ، التي أسسها رامي مخلوف.
ووفقاً لوكالة اسوشيتد برس، كان الحادثُ الذي وقع في آب\أغسطس الماضي، مؤشراً لبَدْءِ تضييقِ الخناقِ على مخلوف، مما يشيرُ إلى بداية نهايةِ دورهِ كأكبرِ ممولٍ لعائلة الأسد.
الحملةُ غيرُ المسبوقةِ للجمهور، شبَّ فتيلُها بسلسلةٍ من مقاطع فيديو بُثت على Facebook” خرج بها رامي مخلوف للعلن.
وكشفتْ الحملةُ هشاشةً جديدة لرأس النظام السوري المحاصَر ، وأعطت لمحةً نادرة عن مؤامرات الدائرة الداخلية غيرِ الشفافة التي تضم سيدةً أولى قوية، ومنافسَاتٍ تجارية.
الأسد ، الذي مكث 20 سنةً في السلطة حتى الآن ، نجا من قرابة عقدٍ من الحرب بدعمٍ روسي إيراني وطبقةٍ من رجال الأعمال المخلصين له، وساعد عدد من رجال الأعمال هؤلاء، في إنقاذِ النظام والمصالح الاقتصادية من خلال تشكيل ميليشياتِهم الخاصة.
بَيْدَ أن النظام السوري لا يزال في المصاعب.
فقد انخفضت الليرة السورية إلى ألفٍ وثمانِ مئةٍ مقابل الدولار، من 50 ليرةٍ قبل الحرب.
وارتفعت الأسعارُ بشكلٍ كبير ، ونقصٍ في الكهرباء والوقود.
سوريا ، التي كانت دولةً مصدرة للنفط ، تعيش الآن على خطِ ائتمانٍ من إيران التي تواجه مشاكلها الاقتصادية الخاصة، ويعيشُ أكثرُ من ثمانين بالمئة من السكان في فقر مُتْقِع.
العقوباتُ التي كانت سارية قبل الحرب، تعني أن سوريا بالكاد تستطيع تصديرَ أيّ شيء ، والعقوبات الأمريكية الجديدة تهدد بزيادة خنق البلاد.
مع الحملة الصارمة ، يبدو رئيسُ النظامِ السوري، عازمًا على وضع الاقتصاد تحت سيطرته بشكل أقوى، وتعزيزِ خزائنِ الدولة الفارغة.
وقال جهاد يازجي، رئيسُ تحريرِ تقرير سوريا، إنّ “انهيارَ رامي المحتمل، هو في الغالبِ، انعكاسٌ لتغييرٍ على رأس النظام” ، في اللاعبين وليس في السياسة، على ما ذكرت وكالة اسوشيتد برس.
وذكر أن الممثلين الجدد يتنافسون مع القوى التقليدية داخل الأسرةِ على المواردِ المتقلصة.
على سبيل المثال ، سعت سيدة سوريا الأولى أسماء الأسد بشكل متزايد، إلى تَمَرْكُزِ جميع الأعمال الخيرية تحت رعايتها، وهي ترأس الصندوق السوري للتنمية ، حيث يتِم توجيهُ معظم المساعدات الخارجية لإعادة الإعمار بعد الحرب.
عائلةُ مخلوف هم شركاءُ عائلة الأسد منذ فترة طويلة، ولكن يبدو الآن أنه تم تهميشه بالكامل.
ارتفع رامي مخلوف إلى جانب بشار الأسد ، الذي خلف والدَه في عام 2000، واستفاد من التحرر الاقتصادي ، وأصبح مخلوف شخصيةً ساحقة في الأعمال السورية ، والأهمُ من ذلك هو السيطرة على أكبر شركة اتصالات ، “سيريتل”.
أصبح اسمه مرادفاً لقوة الأسد، في وقت مبكر من الصراع ، أحرق المتظاهرون شركاتِه، وتوارى مخلوف عن أعين الناس.
ظهرت علاماتُ الشقوقِ العام الماضي، في الربيع الماضي ، حينما انتقدت صحيفةٌ يملِكُها مخلوف رجل الأعمال المنافس ، سامر فوز ، الذي يعتبر مقربًا من أسماء الأسد عرّابةَ السلطة في سوريا.
بعد فترة وجيزة ، تم تدقيقُ حساباتِ جمعيةِ مخلوف البستان الخيرية ، مع الغارة على مكاتبها واستجواب موظفيها ، والتي تم الإبلاغُ عن تفاصيلها في وسائلِ الإعلامِ العربية وأكدها رجلُ أعمالٍ سوري مقيمٌ خارج سوريا، يُدعى فراس طْلاس.
وقال طلاس إن السيدة الأولى كانت تقود الحملة، إنها تحاول تأمين مستقبل أطفالها الثلاثة ، خوفاً من ترسيخ الثروة العائلية في أيدي مخلوف وأبنائه الذين يعيشون في دبي. ويقدر ثروة مخلوف بـ 13 مليار دو، إن المراجعة كانت القطيعة الأخيرة بين مخلوف والأسد”.
بعد ذلك ، تم استبدال مدير ومحاسب البستان بأرقام قريبة من القصر ، وتم دمجُ الميليشيات التابعةِ لها في القوات المسلحة، وفي هذا العام ، تم الاستيلاءُ على أصولِ مخلوف مؤقتًا ، وتم منعهُ من السفر.
ورد مخلوف، الذي لم يعلقْ أبدًا بتعليقات عامة ، بمقاطع الفيديو الخاصة به على Facebook ، والتي صدمت البلاد ، وحولت النزاع العائلي إلى “دراما متسلسلة”.
وبدا، أنه يعتمد على دعم المجتمع العَلَوي، والذي يُشَكِل الجزء الأكبر منه الميليشيات الموالية للنظام السوري التي دعمها منذ فترة طويلة.
نَجْلُ وزيرِ الدفاعٍ السوري الأسبق فراس طلاس، قالَ “إنّ ضعفَ النظام، هو الذي جعلَ من الممكنِ بثُ مثل هذه الانقسامات في العلن”.
وبحلول نهاية العام ، قام النظام السوري بشكل علني، بتسمية مخلوف ورجالِ أعمالٍ أو مسؤولينَ آخرين في حملة ضد الفساد، ووصفت وسائل إعلام النظام، التي كانت تسميهم ذاتَ مرةٍ “طبقةَ رجالِ الأعمال القوميون” ، أصبحت الآن تُطلِقُ عليهِم اسمَ “المستفيدين من الحرب”.
وتحدث مسؤولون عن اختلاسِ مليارات الليرات السورية، وقال النظام السوري إنّ مخلوف مَديْنٌ لها، بمبلغ مئةٍ وثمانين مليون دولار.
تم الاستيلاء على الأصول بشكل مؤقت من أيمن جابر ، تاجر الفولاذ والنفط متزوج من ابن عم الأسد. كما أصيب حسام قطرجي ، تاجر نفط قوي ، سهّل تهريب النفط من شرق سوريا ولديه ميليشيا. كما تم تسمية عم السيدة الأولى ، طريف الأخرس ، تاجر طعام.
وتشير التقارير إلى أنّ معظم رجال الأعمال هؤلاء دفعوا مستحقاتهم للنظام.
في غضون ذلك ، يبدو أنّ روسيا ، التي تحرِصُ على ترجمة دورها العسكري في سوريا إلى مكاسب اقتصادية وسياسية ، تفقِد صبرها على الفوضوية المليئة بالفساد.
وقال فيتالي نومكين، الخبير البارز في شؤون الشرق الأوسط ،ومقَرُّه موسكو، إنّه سيرحب بخَطواتِ دمشق لتشديد السيطرة على الاقتصاد.
ووصف كيريل سيميونوف، الخبير السوري في مجلس الشؤون الدولية الروسي، الحملةَ بأنها إعادة توزيع للأصولِ بين “الاقتصاد العسكري لعائلة الأسد.
وقال لصحيفة “كوميرسانت” التجارية اليومية الرائدة في روسيا، “أصبح مخلوف حلقةً ضعيفة في السلسلة”، “والنظامُ السوري بحاجة إلى أموال، أو أن ينهار نظامُه ، فلماذا لا تُأخذ الأموال من شخص يمكنه الدفع”.
إقرأ أيضاً: