أخبار الآن | إدلب – سوريا (تطبيق خبِّر)
اعتاد النظام السوري والميليشيات المُساندة له قصف مناطق المدنيين والمزارع المُحيطة بها جنوبيّ إدلب، بشتّى أنواع الأسلحة المحرمّة دوليًا، منها صواريخ الطائرات الجوية، والقذائف المدفعية والصاروخية المحمّلة بالقنابل العنقودية، مُتبعًا في ذلك سياسة الأرض المحروقة لتهجير المدنيين من مناطقهم.
هذا القصف، خلف وراءه مخلفات غير منفجرة أبرزها (القنابل العنقودية) التي تنتشر في نطاق واسع بين الأحياء السكنية، والأراضي الزراعية ومدى خطورة انفجارها التي تؤدي الى وفاة المدنيين بمجرد لمسها وتحويلهم الى أشلاء، الأمر الذي يُسبب عائقاً كبيراً أمام عودة الكثير من المدنيين إلى مناطقهم.
سيّدة من البارة تناثرت أشلاؤها بفعل مخلفات القصف
ناشطون في ريف إدلب تداولوا مؤخراً صورًا على مواقع التواصل الإجتماعي، تظهر ثيابًا مهترئة وأدوات زراعية بدائية تعود لسيّدة في العقد السابع من عمرها، وهي من بلدة البارة في منطقة جبل الزاوية جنوبيّ إدلب، قُتلت اثر تعرضها لانفجار من مخلفات القصف أثناء عملها في أرضها الزراعية وفقًا لـ “محمد الابراهيم” من أبناء البلدة، والذي قال لمراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في إدلب محمد العمر: “فُقدت السيّدة “صبحية” لأيّام عدّة بعد توجهها الى أرضها الزراعية الواقعة بالقرب من بلدة البارة، وبعد بحث طويل استمر لنحو عشرة أيّام، عثرنا على ثياب مُمزقة وبعض أدوات الزراعة كانت بحوزة السيّدة أثناء توجهها الى أرضها من أجل العمل”.
وأضاف: “لم نجد أثراً لجثمان السيّدة، وإنما هناك أثار للدماء على الأرض، وقد تناثر جثمانها نتيجة شدّة الانفجار، لافتاً إلى أن الانفجار ناجم عن شيء من مخلفات القصف الغير متفجّرة لربما يكون قنابل عنقودية، أو صواريخ صغيرة أو ألغام”.
وأشار في حديثه الى أن “جلّ الأراضي الزراعية المجاورة للبلدة تملؤها مخلفات القصف نتيجة تعرض البلدة وأطرافها في السابق للقصف الكثيف من قبل طائرات النظام الجوية، وقذائف المدفعية والصاروخية”.
فرق إنسانية تُعرض حياتها للخطر لإزالة مخلفات القصف
تعرضت مساحات واسعة في منطقة ريف إدلب الجنوبي في السابق ولغاية الآن لقصف ممنهج غير مسبوق، ترك خلفه مخلفات خطرة خصوصًا منها “القنابل العنقودية” المحرمة دوليًا، التي لم تنفجر حيث يوجد عدد كبير منها في الأراضي الزراعية بين الأعشاب التي تُغطي سطح الأرض، وسط مخاوف العائدين من خطورتها، وقد بحثت الفرق المختصة في (الدفاع المدني السوري) عن تلك البقايا لإزالتها حفاظًا على أرواح المدنيين.
وفي هذا الخصوص، قال “مصطفى الحاج يوسف” مدير دائرة الدفاع المدني السوري في محافظة إدلب لمراسل “تطبيق خبِّر”: “نتلقى بلاغات من المدنيين عن وجود مخلفات للقصف سواء في المنازل التي تعرضت للقصف أو في الأراضي الزراعية التي يعمل بها المُزارعون”، وأضاف: “نقوم بدورنا في إرسال فرق هندسية لإزالة مخلفات القصف الى أماكن بعيدة عن المناطق السكنية للتخلص منها، أو تفجيرها في مكانها في حال استعصى الأمر على تفكيكها”.
مخلفات القصف شبح يهدد مُزارعي جبل الزاوية
شهدت مناطق ريف إدلب الجنوبي، عودة نسبية للنازحين بعد دخول المنطقة في اتفاقية (وقف إطلاق النار)، وذلك من أجل خدمة أراضيهم وزراعتها على الرغم من الخطورة التي يتعرضون لها لاسيما مع وجود ضحايا تعرضوا لانفجارات من بقايا القصف أثناء عودتهم الى ديارهم وأراضيهم، وهذا ما يثير حفيظة الأهالي حيال خدمة أرضهم، وسط عجز المزارعين عن حراثة أرضهم دون التأكد من خلوها من الذخائر خصوصًا منها الأراضي المُغطاة بأعشاب الربيع.
أبو أحمد، مُزارع من منطقة جبل الزاوية، قال لمراسل “تطبيق خبِّر”: “قبل البدء بعملية حراثة الأرض، أقوم بتفقدها من بقايا القصف مثل القنابل العنقودية، وقنابل الهاون والمدفعية التي لم تنفجر حتى لا أقع ضحية انفجارها، وبعد التأكد من خلوها من أثار المخلفات، أقوم بحراثتها، لافتًا الى أنه لا يستطيع حراثة أرضه كاملة نظراً لوجود مساحات كبيرة مغطاة بالعشب الطويل، وهو ما يثير الخوف من احتوائها على هذه الذخائر وعدم قدرتنا على كشفها، لذلك نتداركها لكي لا نعرض أنفسنا للخطر”.
من جانبه، يقول “غسّان” وهو مزارع في منطقة جبل الزاوية لمراسل “تطبيق خبِّر”: “أثناء عملية الحراثة على أطراف بلدتي، لمحتُ جسمًا معدنياً صغيراً غريباً في الأرض، أوقفتُ حينها الجرار الزراعي وتوجهت نوحه ليتبين لي أنه قنبلة عنقودية من مخلفات قصف سابق على المنطقة”.
وأضاف: “قمت بدوري على الفور بإبلاغ فرق الدفاع المدني عن وجود القنبلة، وبقيت بعيداً عنها حتى وصل الفريق وقام بإزالتها، ثم واصلت العمل في الأرض والخوف ينتابني من أن يكون هناك المزيد من القنابل المغطاة بين الأعشاب، وأكون ضحيتها أثناء مروري عليها لا قدّر الله”.
عشرات من الضحايا المدنيين قضوا في أراضيهم، منهم من تعرض لإصابات بالغة انتهت ببتر احدى أطرافه نتيجة لانفجار بقايا من قصف سابق كانت قد تعرضت له بلداتهم، على الرغم من العمل المتواصل الذي تقوم به فرق الدفاع المدني على إزالة هذه المخلفات، إلا أن كثرتها في الأراضي الزراعية تُرهق الفرق الهندسية لوقت طويل أثناء البحث عنها، مما يجعل الأراضي الزراعية بعد الحملة الأخيرة اشد خطراً على الأهالي مما كانت عليه سابقاً.
للمزيد:
في إدلب.. فريق “الأمل” يدرّب ذوي الإحتياجات الخاصة على كرة القدم لدمجهم بالمجتمع
توتر في إدلب.. قتلى وجرحى خلال فض “اعتصام الكرامة” على طريق “M4”