أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (أ ف ب)
تبدلت أحوال مدينة معرة النعمان من نقطة لبداية التظاهرات إلى مدينة خاوية على حطامها، وبعض من شعارات الشباب الثائر التي بقيت على الجدران الصامدة.
وأعلن النظام السوري، الأربعاء، سيطرة قواته بالكامل على معرة النعمان ثاني أكبر المدن في إدلب، والتي كانت خاضعة لسيطرة فصائل مسلحة شمال غربي البلاد لأكثر من سبع سنوات، وجاء ذلك بعد أيام من القتال العنيف والغارات الجوية في إطار هجوم عسكري مدعوم من روسيا، أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص، لمناطق أكثر أمانا.
في 2011 كانت انطلاقة معرة النعمان مع الاحتجاجات ضد النظام السوري لتصبح فيما بعد أحد رموز التظاهر في محافظة إدلب، وبعد تحول التظاهرات إلى نزاع مسلح وسيطرة الفصائل على المدينة عام 2012، لم تتخلى معرة النعمان عن الخروج في تظاهرات أسبوعية.
تقع معرة النعمان على الطريق الدولي “إم 5″، الذي يربط حلب بالعاصمة دمشق، ويعبر أبرز المدن السورية من حماة وحمص وصولاً إلى الحدود الجنوبية مع الأردن، يرى مراقبون أن قوات النظام تسعى من خلال هجماتها الأخيرة في إدلب إلى استعادة السيطرة تدريجياً على الجزء الذي يعبر إدلب وغرب حلب من هذا الطريق، لتبسط سيطرتها عليه كاملاً.
اليوم أصبح الحطام منتشر في مناطق واسعة من معرة النعمان وتبعثرت أسواق كانت تزدحم يوماً بالزبائن من سوق المجوهرات إلى سوق الغنم وسوق الدجاج وغيرها، وبدّت أبنية أخرى مهجورة تماماً ومحال وقد أقفلت واجهاتها، قبل أربعة أشهر كان عدد سكان معرة النعمان 150 ألفاً، لكن التصعيد دفع السكان لنزوح خارج المدينة.
وكان لمعرة النعمان، كما مدن أثرية أخرى، حصتها من دمار طال تراثها، ففي شباط/فبراير العام 2013، عمد مقاتلون إلى قطع رأس تمثال الشاعر ابو العلاء المعري (973-1057)، واتهم ناشطون في حينه جبهة النصرة، وعرضوا صوراً تظهر تمثالاً نصفياً بني اللون مقطوع الرأس وعليه آثار طلقات نارية.
وابو العلاء هو احمد بن عبد الله بن سليمان، ولد في معرة النعمان في العام 973، وفقد بصره في سن مبكرة بعد اصابته بالجدري، لكن ذلك لم يحل دون طلبه العلم، ومن اشهر قصائده “هذا جناه علي ابي”، وفيها يقول “اثنان اهل الارض، ذو عقل بلا دين، وآخر دين لا عقل له”.
وتحتوي مدينة معرة النعمان على قرى أثرية مدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، وأكثر ما تُعرف به معرة النعمان هو متحف الفسيفساء الضخم، وهو عبارة عن خان عثماني يعود للقرن السادس عشر، يضم مئات لوحات الموزاييك التي تعود للعصرين الروماني والبيزنطي، في عام 2012، التقط مقاتلون معارضون صوراً لهم داخل المتحف.
وفي حزيران/يونيو العام 2015، قالت جمعية حماية الأثار السورية إن المتحف تعرض لقصف “ببرميلين متفجرين” ما أسفر عن تعرضه لـ”أضرار بالغة”، إلا أن المدير العام السابق للمديرية العامة للأثار والمتاحف في سوريا مأمون عبد الكريم يقول لفرانس برس إن لوحات المتحف بخير، مضيفا أنه “خلال السنوات الماضية، كان هناك تعاون مجتمعي عبر موظفين قدامى في مديرية الأثار، عملوا على تحييد المتحف، واستخدموا طرقاً علمية عبر تغطية اللوحات بالرمال لتجنيبها أي أضرار قد تطالها جراء الإنفجارات او تخفيف الأضرار بالحد الأدنى”.
ويُعرف أهالي المعرة، وفق قوله، حتى اليوم “بصناعة الفسيفساء والموزاييك الحديثة”، وكانت ترسل إليهم لوحات فسيفساء أثرية لترميمها.
مصدر الصورة: AFP
إقرأ أيضاً: