أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (نهاد جريري)
للمرة الأولى منذ تأكيد قتل أبو بكر البغدادي وإعلان اسم الخليفة الجديد، المتحدث باسم داعش يقدم كلمة صوتية مدتها ٣٧ دقيقة بعنوان “دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها” حدّد فيها معالم مرحلة جديدة من إرهاب التنظيم من دون أن يتطرق إلى هوية الخليفة الجديد التي تظل محلّ جدل. الكلمة بتاريخ ٢٧ يناير ٢٠٢٠ تتزامن مع إعلان “صفقة القرن” المتعلقة بوضع فلسطين وحلّ الدولتين.
النقاط الرئيسة:
● المرحلة الجديدة في تاريخ داعش تتعلق بقتال اليهود في كل مكان
● حتى الآن، لم تكن فلسطين على قائمة أولويات التنظيم لإيمان التنظيم بأن قتال اليهود أرجأ حتى “آخر الزمان”
● يحاول التنظيم لملمة أوصال التنظيم بعد الخسائر التي مني بها في العراق وسوريا
● حرب مفتوحة على كل من هو ليس داعشياً سواء من حيث الملّة أو الاعتقاد بالديموقراطية والحكم المدني
الظهور الثاني
منذ الإعلان عن خليفة داعش الجديد، أبي إبراهيم الهاشمي القرشي، ونحن نسأل سؤالين: من هو؟ وما هي أولوياته؟
الأول لم يُحسم بعد ولا يبدو أن داعش أنفسهم معنيون بذلك فواضح أن الأمر بات يتجاوز اسم الرجل ورسمه.
أما الثاني، فثمة إجماع بين المتابعين أن أولويات “المرحلة” هي لمّ شتات “الخلافة” المزعومة بعد أن خسرت مصادرها البشرية والمالية بهزيمتهم في غرب العراق وشرق سوريا وأخيراً بقتل “الخليفة الأول” أبي بكر البغدادي في إدلب في أكتوبر الماضي.
وفعلاً، لا سبيل أفضل لتحقيق ذلك من إعلان مرحلة جديدة تكون القدس عنواناً لها بحسب ما جاء في كلمة “دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها” التي قرأها الناطق الجديد باسم داعش، أبو حمزة المهاجر في ظهوره الثاني بتاريخ ٢٧ يناير ٢٠٢٠ تزامناً مع خطط الإعلان عن “صفقة القرن”.
بهذا العنوان يضمن داعش انضمام مقاتلين جدد من جماعات جهادية أخرى منافسة لها وأهمها القاعدة، وجماعات أخرى قد لا تكون جهادية لكنها تجد في القدس هدفاً سامياً.
مروان شحادة الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة يقول “إن توقيت الخطاب يأتي في ظل مقتل البغدادي، والخسارات الكبيرة التي لحقت بالتنظيم، وهو يحاول استخدام هذا المفتاح، لمحاولة استخدامه كما استخدم مفتاح الخلافة الذي لا يقل عنه أهمية، لأن قضية فلسطين والصراع مع العدو الصهيوني هي قضية جامعة لكل عربي ومسلم، وهم يحاولون إسقاط الأحاديث النبوية التي تحمل في طياتها نبوءات قتال يهود، وما يتعلق بالطائفة المنصورة على تنظيمهم.”
ولا يختلف هذا كثيراً عن إعلان الجولاني في ديسمبر ٢٠١٩ أن “المرحلة المقبلة” أيضاً في تاريخ هيئة تحرير الشام يتعلق بقتال روسيا! كلا التنظيمين يحاول خلق عدو أكبر “جامع” لاستقطاب المقاتلين والأموال.
هذا منطق الأمور إن أردنا الإجابة على سؤال: لماذا الآن؟ لكن داعش قدم تبريرات أخرى اتساقاً مع أدبيات التنظيم الذي لم تكن فلسطين أولوية لديه، بل “الخلافة”. ويتضح هذا من السرد الذي قدمه المهاجر في كلمته الأخيرة. فبدأ بسرد تاريخ تطور شكل هذه الدولة المزعومة ليؤكد أن بيت المقدس كان دائماً في صلب الخطاب الداعشي بدءاً بأبي مصعب الزرقاوي الذي قال: “نقاتل في العراق وعيوننا على بيت المقدس،” وصولاً إلى إعلان الخلافة أيام أبو بكر البغدادي.
الباحث محمد السعيد إدريس كتب في صحيفة الخليج في ديسمبر ٢٠١٤ تحت عنوان “داعش ومستقبل الصراع العربي الصهيوني” يشرح كيف مهّد الزرقاوي ومن بعده أبو عمر البغدادي هذه الطريق. ويكتب: “وكان الزرقاوي قد وعد بإقامة ‘الإمارة الإسلامية‘، وعرض المراحل التي ستعبرها ‘أولاً ستقوم بإزالة العدو (والعدو هنا هو النظم والدول العربية والإسلامية التي يراها كافرة) ومعها سلطات الطغيان الفاسدة التي تقف حجر عثرة أمام هدف إقامة ‘داعش‘، وثانياً: تقيم الدولة الإسلامية، أي أن الهدف له الأولوية، ومن بعده يأتي هدف البناء، أي بناء دولة الخلافة على أنقاض ما يراه من دول كافرة . وثالثاً: ‘ننطلق خارجاً للاستيلاء على بقية الدول الإسلامية‘، أي ‘هدف التمدد‘، ورابعاً: ‘بعد ذلك نقاتل الكفار‘، وأخيراً ‘قتال اليهود‘.”
وهكذا وبحسب داعش، فقد تجاوزوا مسألة “بناء الخلافة”. مما قاله أبو حمزة إن “أماكن تمكينها (أي الخلافة) لا تزال موجودة،” وإن “كلمة باقية ليست مجرد شعار بل منهج راسخ.” ونذكر أن التمكين أو السلطان أي السيطرة على مساحة من الأرض تكون لها مؤسسات عاملة وشكل من الحكم هو شرط من شروط الخلافة فقهياً. وبهذا يكون الانتقال إلى مرحلة “آخر الزمان” كما وصفها إدريس.
ومع هذا الانتقال، يتابع التنظيم أجندته المعهودة باستهداف كل من هم ليسوا داعش وكل من يؤمن بالديموقراطية والحكم المدني؛ ومن هؤلاء الجماعات الفلسطينية التي تولت مقاومة إسرائيل طوال ٧٥ عاماً.
الأسلحة الكيماوية
في الكلمة، حضّ التنظيم أنصاره في “ولايتي” سيناء والشام على استهداف “مستوطنات اليهود وأسواقهم … اجعلوها أرضاً لتجريب أسلحتكم وصواريخكم الكيماوية وغيرها.” فهل يملك داعش أسلحة كيماوية؟ نعم. موقع الـ ديلي بيست Daily Beast الأمريكي نشر في تاريخ ١١ مارس ٢٠١٩ مقابلة حصرية مع “عالم شاب” قال إنه طوّر أسلحة كيماوية لحساب داعش. والحقيقة أن مسألة الحصول على سلاح كيماوي لم يعد أمراً معقداً في ضوء الفوضى الحاصلة في سوريا والعراق مثلاً.
أنصار بيت المقدس
ما انتهت كلمة داعش حتى أعادت حسابات التنظيم شبه الرسمية وحسابات مجموعات أنصار التنظيم نشر فيديو طويل كان نُشر أول مرة في ديسمبر العام الماضي ٢٠١٩، بعنوان “شبهات المرجفين تحت أقدام الموحدين” في محاولة رد على اتهامات أنهم لم يقاتلوا إسرائيل. في الفيديو الذي يستمر ساعة وربع الساعة يعرض هجمات قامت بها جماعة أنصار بيت المقدس في سيناء منذ نشأة الجماعة في ٢٠١١ وحتى بعد مبايعة داعش في ٢٠١٤. في التسجيل يظهر مقاتلون يتحدثون بالعبرية ومما يقولونه: “كما أزلنا الحدود بين العراق وسوريا سنزيلها بين الأردن وسوريا وبين سوريا وفلسطين.”
ردود الأنصار
الجماعات المؤيدة لداعش تناقلت مقاطع مختارة من الكلمة وخاصة الجزء المتعلق “بالمرحلة الجديدة” وأنشأوا وسوماً مثل: الفرقان، صفقة القرن، والقدس هنا!
أقرا ايضا: