أخبار الآن | الفيوم – مصر (رويترز) 

مع اقتراب عدد السكان في مصر من 100 مليون نسمة تسعى الحكومة لتغيير عقلية المواطنين الراغبين في إنجاب كثير من الأبناء.

وفي هذا الإطار أطلقت الحكومة حملة “اتنين كفاية وعلى القد مكسب بجد” لتنظيم الأسرة، في مسعى لتغيير التقاليد المتجذرة في الريف المصري بشأن الأُسر الكبيرة.

وأفادت راندا فارس، منسّقة الحملة في وزارة التضامن المصرية، بأنّ التحدي الأساسي هو تغيير الفكر، و وصفته بالأمر الصّعب.
هذا وينمو عدد سكان مصر بمعدل مليونين و 600 ألف سنويا، وهذا معدل مرتفع لبلد يعاني من ندرة فرص العمل وزحام المدارس والمستشفيات.

ويقول الرئيس عبد الفتاح السيسي إن أكبر خطرين على مصر هما الإرهاب والزيادة السكانية.

وقالت غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي لرويترز “نواجه ندرة في موارد المياه… ندرة في الوظائف، خلق فرص العمل، نحن في حاجة للسيطرة بشكل فعلي على هذا النمو السكاني حتى يشعر الناس بفوائد التنمية”.

وقالت امرأة من الفيوم تدعى أمل حسن عبد الحميد “فيه ناس كتيرة، ومن الجيل بتاعي أنا دلوقتي.. كده، لأن الدنيا دلوقتي مابقتش تسيع إن الواحدة يبقى معاها أكثر من ثلاث عيال. الزمن اللي إحنا فيه ده زمن غلا، وزمن..، هي كل واحدة تقتنع إن هي اثنين أو ثلاثة عشان تعرف تربيهم كويس لأن الدنيا بقت غلا، ما بقاش فيه شغل وما بقاش فيه ناس بتقتنع بحاجة زي كده، مش سهلة إن هم يقتنعوا بحاجة زي كده”.

وقبل عقود كان لدى مصر برنامج لتنظيم الأسرة، بدعم من الولايات المتحدة. وهوى معدل خصوبة المرأة المصرية من 5.6 طفل لكل امرأة عام 1976 إلى ثلاثة أطفال في 2008 في حين ارتفع استخدام وسائل منع الحمل من 18.8 في المئة إلى 60.3 في المئة. وأُتيحت كميات هائلة من وسائل منع الحمل وزادت الإعلانات التي تحث على الحد من المواليد.

وقال دوف جيلسبي، مدير مكتب السكان التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الفترة من 1986 إلى 1993 إن دعم الحكومة المصرية لتنظيم الأسرة والمبالغ الكبيرة التي قدمتها جهات مانحة ساعد في إنجاح البرنامج.

ولأن مصر كانت تعتمد على دعم المانحين، فعندما توقف، أُهمل تنظيم الأسرة. وارتفع معدل الخصوبة إلى 3.5 طفل لكل امرأة عام 2014. وعادت الولايات المتحدة مجددا لدعم تنظيم الأسرة في مصر، وقدمت أكثر من 19 مليون دولار لمشروع مدته خمس سنوات حتى عام 2022 و 4 ملايين دولار لمشروع أصغر للقطاع الخاص ينتهي في 2020.

وتقل هذه المبالغ كثيرا من 371 مليون دولار أنفقتها الولايات المتحدة على تنظيم الأسرة في مصر بين عامي 1976 و 2008.

وتقول وزارة التضامن الاجتماعي إن حملة “اثنين كفاية” تمول بشكل أساسي من أموال مصرية حيث تنفق الوزارة 75 مليون جنيه مصري (نحو 4.27 مليون دولار) بينما تسهم الأمم المتحدة بمبلغ 10 ملايين جنيه.

وتستهدف الحملة التي تستمر عامين أكثر من 1.1 مليون عائلة فقيرة لديها ما يصل إلى ثلاثة أطفال. ودربت وزارة التضامن ومنظمات أهلية محلية متطوعين للقيام بزيارات للبيوت وتشجيع الناس على إنجاب عدد أقل من الأطفال.

وقال محمود فرج أبو خضرة، مدير حملة اثنين كفاية في جمعية الهلال الأحمر المصري “(كثرة الإنجاب) نتيجته التسرب من التعليم، أطفال الشوارع، العمل في الورش، كل ده له أضرار صحية على الطفل المصري في الأسرة، إنما الأسرة اللي بتجيب طفلين بتبقى قادرة، الدخل نفسه، مستوعبة كويس، يتعلم كويس، يأكل كويس، يتعالج كويس، يشرب كويس”.

ووجهت دعوات لأمهات لحضور ندوات يتحدث فيها وعاظ، يقولون إن الإسلام يتيح تنظيم الأسرة، وأطباء يجيبون على أسئلة الحضور.

وتشجّع لوحات إعلانات منتشرة وإعلانات يبثها التلفزيون الأُسر الصغيرة. وتسعى الحكومة إلى خفض معدل الخصوبة الحالي من 3.5 طفل إلى 2.4 بحلول عام 2030.

وتوضح تقاليد لها جذور لعميقة إضافة إلى نقص التعليم سبب وجود الكثير من العائلات الكبيرة في مصر. ويؤيد الأزهر، أكبر مرجعية سُنية في مصر، تنظيم الأسرة لكن ليس كل المصريين يتفقون معه بهذا الخصوص.

فالبعض يعتبرون الأطفال مصدر دعم مستقبلي. ويستمر آخرون ممن لم يرزقوا إلا بإناث في الإنجاب حتى يُرزقوا بمولود ذكر ليتسنى له حمل اسم العائلة.

ويقول صندوق الأمم المتحدة للسكان إن واحدة من كل ثلاث مصريات تتوقف عن استخدام وسائل منع الحمل في غضون عام وذلك يكون، في الغالب، بسبب معلومات خاطئة حول الآثار الجانبية أو عدم توفر معلومات بشأن البدائل.

وقال رب أُسرة من الفيوم يدعى هاني سيد عادل “التوعية كتيرة، مش عاوزين يخلفوا (ينجبوا) بس تنظيم الأسرة الوسائل مش كويسة، يعني أي حاجة وسيلة مش كويسة، يعني مثلا بتعمل أعراض وبيروحوا المستشفيات… وبرضه (أيضا) هو هو العيب، تأخد الوسيلة وتخلف، طب هو هيوديه فين، ولا هي هتوديه فين؟. طيب جوزها (زوجها) هيقول لها سقطي (اجهضي) هي بقه تسقط، ولا ترضي تخش في الحُرمانيات بقه؟ ما هو كده هيبقى حرام. بس”.

وتفيد بيانات رسمية صادرة عام 2014 أن قرابة 13 في المئة من المتزوجات، اللائي في سن الإنجاب، بمصر يرغبن في استخدام وسائل لمنع الحمل لكنهن لا يستطعن ذلك.

وفي الوقت الراهن جددت الحكومة عيادات تنظيم الأسرة وأضافت موظفين ووفرت المزيد من وسائل منع الحمل المجانية. وتستهدف الحكومة إنشاء وتشغيل 70 عيادة جديدة في مارس آذار.

وقصرت الحكومة،منذ يناير كانون الثاني، مساعداتها المالية على الأسر الفقيرة التي لديها طفلان، بدلا من التي لديها ثلاثة أطفال،وذلك في محاولة لحث الأُسر على إنجاب عدد أقل من الأطفال.

وترى الحكومة أن الزيادة السكانية تمثل تهديدًا لخطط الإصلاح الاقتصادي. ففي كل عام يدخل 800 ألف شاب مصري سوق العمل حيث تبلغ نسبة البطالة عشرة في المئة وفقا للأرقام الرسمية.

ويقول ماجد عثمان الرئيس التنفيذي للمركز المصري لأبحاث الرأي العام (بصيرة)إن معدل النمو السكاني في مصر يبلغ نحو نصف معدل النمو الاقتصادي في حين يتعين ألا يتجاوز الثلث، وإلا فإنه يكون من الصعب الاستثمار في البرامج الاجتماعية وتحسين مستويات المعيشة.

ويقول محللون إن مصر يجب أن تستهدف الناس قبل أن ينجبوا أطفالا وأن يكون التعليم الجنسي متاحًا في المدارس.

 

اقرا: مصر تقترب من “الاكتشاف المنتظر”