أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة (وكالات)
بعد شهور من إعلان العراق النصر على تنظيم داعش، عاود مقاتلوه الظهور من خلال حملة تتمثل في عمليات اختطاف وقتل هنا وهناك.
ويقول مسؤولون في الجيش والمخابرات والحكومة، حاورتهم رويترز، إن التنظيم تحول إلى شن هجمات كر وفر هدفها إضعاف الحكومة المركزية في بغداد مع انتهاء ما يسمى بحلم دولة الخلافة في الشرق الأوسط.
مسؤولو المخابرات توقعوا أن يلجأ لأساليب حرب العصابات عندما يفقد كل الأراضي الخاضعة لاحتلاله.
ويشهد العراق الآن زيادة في عمليات الخطف والقتل تتركز في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين منذ الانتخابات، التي جرت في مايو/أيار، الأمر الذي يشير إلى أن الحكومة ستتعرض لضغوط جديدة من التنظيم، الذي احتل في وقت من الأوقات ثلث مساحة البلاد على مدار 3 سنوات حكم فيها بالنار والحديد.
وشهد الشهر الماضي 83 حالة خطف وقتل في المحافظات الثلاث، وقعت أغلبها على طريق سريع يربط بغداد بمحافظة كركوك، وفي مايو/أيار بلغ عدد تلك الحوادث 30 حادثة، بينما كان العدد في مارس/آذار سبع حوادث وفقا لما يقوله هشام الهاشمي الخبير في شؤون داعش ويعمل مستشارا للحكومة العراقية.
وفي إحدى تلك الحوادث في 17 يونيو/حزيران خطف مسلحون من التنظيم متنكرون في زي الشرطة 3 رجال من الشيعة عند حاجز أمني على الطريق السريع.
وبعد 10 أيام عثر على جثثهم مشوهة ومفخخة بالمتفجرات بهدف قتل من يكتشفها.
وتحدث باسم خضير قريب أحد الرجال الثلاثة في مدينة كربلاء وحوله أطفال تتدلى من أعناقهم صور آبائهم القتلى فقال إن قوات الأمن لا تتعاون مع الأهالي.
قال إنه توسل للجنود الذين عثروا على سيارة الرجال التي غطتها ثقوب الرصاص لمطاردة الخاطفين لكنهم رفضوا طلبه.
وقال “احنا طبينا على عاتقنا الشخصي طبعاً، على مسؤوليتنا، لأنه احنا ولادنا رايحين ثلاثة، وما ممكن نسكت ولا نتفرج.
“إحنا ست نفرات مدنيين، طبينا حدود العشر اتناشر كيلو لقينا هوياتهم، مستمسكاتهم، بالطريق واحنا نمشي”.
وفي اليوم التالي تلقى اتصالا هاتفيا من شقيقه بأن الرجال على قيد الحياة لدى داعش . وقال أحد الخاطفين إنه سيتم إعدام الثلاثة ما لم تفرج الحكومة عن كل سجينات .
وظل الخاطفون يتصلون بخضير كل يوم. وقال خضير إنه أبلغ الحكومة لكن لم تعرض أي من وكالات المخابرات العراقية اقتفاء أثر المكالمات.
وبعد عشرة أيام أبلغ الخاطف خضير بأن الثلاثة قد أعدموا.
وتنصل القادة العسكريون في محافظتي ديالى وصلاح الدين من مسؤولية استعادة الجثث.
وقال علي الدايني رئيس مجلس محافظة ديالى “الجماعات الإرهابية المتطرفة هي عبارة عن مجاميع صغيرة متحركة. ربما الجهد الاستخباري هو المفترض أن يكون الأولوية”.
وقال أحمد الكريم، رئيس مجلس محافظة صلاح الدين، “الوضع مربك سببه الفوضى اللي موجودة في المحافظة. فوضى في القطاعات الأمنية، فوضى في القوات الأمنية، عدم متابعة، عدم قيادة واحدة لإدارة الملف الأمني بالمحافظة”.
وأضاف “هذه كلها أسباب تؤدي إلى إعادة تنظيم داعش أو تقويتهم على الساحة وتواجدهم في هذه المناطق”.
ويقول مسؤولون بالجيش والشرطة والمخابرات والمجالس المحلية المنتخبة، إن هذه الفوضى هي التي سمحت بعودة التنظيم.
وقالوا إن سوء التنسيق وضآلة الدعم من الحكومة المركزية وانتشار التنصل من المسؤولية كلها عوامل تعرقل مساعي احتواء التنظيم، الذي يواصل شن هجمات محدودة، بالإضافة إلى عمليات الخطف والقتل.
ولم يرد متحدث عسكري على اتصالات هاتفية وطلبات مكتوبة للتعليق على الأمر، وقال التحالف الذي يقاتل التنظيم بقيادة أمريكية في بيان إنه لا يوجد “ملاذ آمن في العراق”.
كر وفر
أعاد المسلحون تنظيم صفوفهم في منطقة جبل حمرين في الشمال الشرقي، التي تمتد من ديالى على الحدود مع إيران مرورا بشمال محافظة صلاح الدين وجنوب كركوك وتشرف على الطريق السريع الرئيسي في العراق.
ويسمي المسؤولون تلك المنطقة “مثلث الموت”.
وذكر مسؤولو الجيش والمخابرات تقديرات متفاوتة لأعداد مقاتلي التنظيم النشطين الباقين في العراق.
ويقدر الهاشمي أن العدد يتجاوز الألف حوالي 500 منهم في مناطق صحراوية والباقون في الجبال.
وقد جاء وقت كان تنظيم القاعدة يحتل معظم المناطق السنية في العراق إلى أن هزمته القوات الأمريكية والعراقية والعشائر التي تحالفت معها خلال حملة زادت فيها أعداد القوات بشدة في 2006-2007.
واختبأت فلول التنظيم في الصحراء بين سوريا والعراق ومنها خرج تنظيم داعش إلى حيز الوجود، ويخشى بعض المسؤولين أن تظهر جماعة أخرى أكثر تطرفا إذا حدثت ثغرات أمنية.
ووصف مسؤول بالمخابرات في تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين المتطرفين بأنهم “حثالة تجوب الصحراء بحثاً عن لقمة عيش”.
وبدأ المقاتلون يلجأون لأساليب تنظيم القاعدة بشن عمليات سريعة ثم التراجع إلى الصحراء.
وقال عيد خلف نائب قائد الشرطة في صلاح الدين إن المسلحين لا يمكنهم اختراق المدن رغم امتلاكهم مدافع رشاشة وأسلحة مضادة للدبابات وألغاما وذلك بسبب عدم تمتعهم بالدعم بين أفراد الطائفة السنية .
وقال “المواطن أصبح ما يتعاون مع داعش إطلاقاً. إذا يجي على المواطن في منطقة نائية ويقوله اعطيني خبز ما يعطيه، يجي يخبر الجيش ويخبر الشرطة ويخبر الحشد”.
وأضاف “العمليات مالتهم الذي يقومون بها بدائية جداً، ما يقدر يدخل سيارة مفخخة إلى المدن”.
وقال الفريق مظهر العزاوي قائد عمليات ديالى إن كل خلية من خلايا التنظيم تضم ما بين ثلاثة وخمسة مقاتلين. وأضاف أن عددهم في المحافظة لا يتجاوز 75 مقاتلا.
وأضاف “هم يختبئون في الصحراء مما يصعب العثور عليهم. يزرعون عبوات ويضربون ثم يفرون، عندهم قناصة، يقيموا حواجز أمنية وينفذوا عمليات اختطاف”.
“ممكن تسقط مدن”
باءت بالفشل محاولات عديدة لاقتفاء أثر زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي وقتله ولا يزال مقاتلوه ينشطون في دول عربية أخرى.
ففي سوريا لا يزال التنظيم يحتل مساحة من الأرض لكنه مني بخسائر على الصعيد العسكري، وفي مصر يتركز نشاط التنظيم في الصحراء الشمالية بشبه جزيرة سيناء ذات الكثافة السكانية الخفيفة، ولا يحتل التنظيم اي أراض لكنه يشن هجمات كر وفر.
وقد حاول التنظيم إعادة بناء صفوفه في ليبيا من خلال وحدات متنقلة في الصحراء وخلايا نائمة في المدن الشمالية.
وفي العراق يستغل التنظيم الانقسامات العرقية والطائفية. وقد حاربت القوات العراقية والقوات الكردية التنظيم معا. أما الآن فالعلاقات متوترة بسبب مسعى كردي للاستقلال عن العراق في العام الماضي أخمدته بغداد.
وتسبب انعدام التنسيق في خلق فراغ أمني في المناطق المتنازع عليها التي أخرجت القوات العراقية الأكراد منها الأمر الذي أتاح فرصا لداعش.
وقال مسؤول أمني كردي “هل يتوقع منا أن ندخل ديالى ونساعدهم في تطهير المنطقة ثم ننسحب مرة أخرى؟ نحن لا نتعرض للهجوم في تلك المناطق. بل القوات العراقية هي التي تتعرض للهجوم. ونحن لا وجود لنا هناك فقد طردونا”.
وساعد رجال العشائر السنية القوات الأمريكية والعراقية في تحويل دفة الحرب على تنظيم القاعدة. والآن تقول العشائر المحلية إنها تحتاج مساعدة مع عودة داعش.
وقال علي نواف شيخ عشائر شمر ورئيس مجلس قضاء الدور “نحن أعلم بتلك المناطق من القوات الأمنية ولدينا أكثر من 280 بين مختطف وشهيد”.
وأضاف أن مسلحين دخلوا في الشهر الماضي قرية يسكنها عشائر شمر واختطفوا 30 رجلا. وفي اليوم التالي تم العثور على ثماني جثث.
ويقول نواف إن لديه 1400 رجل جاهزون للقتال لكنهم يحتاجون الدعم من الحكومة في بغداد.
ويضيف “الحل جلب قوات نظامية، عسكر، بهذه المناطق. إما أنه نرفع علم داعش ونصير ويا داعش، يا حكومة إن لم تستعجلوا وتسدوا هذا المكان، هذا الثغرة، ممكن تسقط مدن”.
اقرأ أيضا:
ليبيا تقرر دفن جثث مغاربة داعش بعد رفض الرباط تسلمها