أخبار الآن | الموصل – العراق – (متابعات)
ما إن وضعت الحملة العسكرية لاستعادة الموصل أوزارها بعد تسعة أشهر من القتال العنيف، حتى توالت صور عن حجم الدمار الذي تعرضت له المدينة، خصوصاً جانبها الغربي الذي يمثل الجزء العريق من المدينة، فيما تنتشر تشكيلات عسكرية متعددة يصعب توحيدها في قيادة واحدة لإدارة المرحلة المقبلة.
الانتقال بالمدينة التي عاشت تحت إحتلال داعش لثلاثة أعوام، إلى دوائر الإصلاح الأمني والاجتماعي والسياسي يحتاج أولاً إلى إحصاء لحجم الدمار المادي والمعنوي الذي تكبدته المدينة وسكانها، والأهم استيعاب أسباب سقوط مدينة حضرية متكاملة تحت سطوة المتطرفين.
قبل ثلاثة أيام من إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي في 10 تموز (يوليو) الانتصار وانتهاء العمليات العسكرية، كشفت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية أن عدد النازحين من الموصل والبلدات المحيطة بها، بلغ نحو مليون شخص منذ انطلاق الحملة العسكرية، عاد 25 في المئة إلى مناطقهم في الجانب الشرقي من المدينة، فيما لا يزال الباقون يعيشون في مخيمات النزوح عند أطراف المدينة.
وتشير التقارير الواردة من الموصل إلى ن جانبها الغربي، المسرح الأكبر للقتال العنيف على مدى ستة أشهر، بات مدمراً في شكل مخيف، كما خسرت المدينة غالبية معالمها التاريخية ومبانيها الحكومية والخدمية وأسواقها التجارية ومدارسها وجامعاتها.
والساحل الغربي لنهر دجلة هو قلب بلدتها العريقة ومركزها، ففيه المؤسسات الحكومية ومعسكرات الجيش والبنك المركزي وباقي المصارف الحكومية والأهلية. ووفق تقديرات أولية فإن أكثر من 90 في المئة من مشاريع الماء والكهرباء والشوارع دمرت، ويحتاج رفع أنقاض المنازل إلى أسابيع وهو ما يفسر صعوبة عودة السكان إلى منازلهم قياساً إلى الجانب الشرقي من المدينة.
ووفقاً لوزارة الهجرة والمهجرين، فإن النسبة الأكبر من النازحين في الموصل هي من سكان الساحل الغربي، إذ يفضل النازحون مخيمات النزوح على رغم ظروفها الإنسانية الصعبة على العودة إلى مساكنهم، فيما تحول الساحل الشرقي إلى ملاذ للنازحيـــن ممن يمتــلكون أموالاً أو لهم أقارب هناك، وسرعان ما ارتفعت أسعار المنازل وبدلات الإيجار أضعاف قيمتها.
الجسور الخمسة التي تربط جانبي المدينة دمرت أثناء العمليات العسكرية من طيران «التحالف الدولي» لقطع إمدادات داعش خلال الأسابيع الأولى من انطلاق المعارك في الجانب الشرقي، وعلى رغم أن نوعية الضربات التي دمرت الجسور وصفت بالذكية من التحالف، إذ قصفت أجزاء الجسور قبل ضفة النهر ليسهل بناؤها سريعاً، إلا أن تأهيلها يحتاج إلى وقت طويل، ما أجبر قوات الجيش على إنشاء جسرين عائمين.
مسك الأرض
حتى الآن لم تتضح معالم الخطة الأمنية لإمساك الأرض في الموصل، وتنتشر خمسة تشكيلات عسكرية مختلفة بعضها متناقض في المدينة، الجيش وعلى رأسه قوات جهاز مكافحة الإرهاب، الشرطة الاتحادية والرد السريع، الشرطة المحلية، «الحشد الشعبي»، والحشود العشائرية التي شكلها نواب وشخصيات سياسية.
وتزداد المخاوف من اندلاع صراع بين هذه التشكيلات للسيطرة على الأرض، والخشية من تكرار سيناريو خطير تمتت معالجته سريعاً في الجانب الشرقي بعد تحريره في كانون الثاني (يناير) الماضي، إذ حدثت مناوشات بين قوات الجيش وقوات أمنية آتية من بغداد تنتمي إلى مؤسسة الأمن الوطني قامت بمهمات اعتقال واسعة لمشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش.
هواجس تلعفر
وعلى مسافة 60 كلم من الموصل غرباً، يسيطر داعش» على بلدة تلعفر أكبر أقضية الموصل وأكثرها تعقيداً جغرافياً وديموغرافياً، إذ تقطنها غالبية تركمانية من السنّة والشيعة وتنتظر حسابات محلية وإقليمية ودولية معقدة قبل انطلاق المعركة لاستعادتها.
وعلى رغم أن الخطة العسكرية لاستعادة الموصل استندت أول الأمر إلى استراتيجية «حدوة الحصان» بحصار مقاتلي التنظيم شمالاً وشرقاً وجنوباً وترك المنفذ الغربي لهروبهم إلى خارج المدينة تجنباً لسيناريو الدمار (الذي حصل فعلاً) إلا أن تحرك قوات «الحشد الشعبي» لغلق المنفذ الغربي أطبق الحصار على داعش واضطر إلى القتال حتى النهاية.
حاكم عسكري في الموصل
الفوضى والدمار والخشية من انفلات أمني دفعت نخباً سياسية واجتماعية للمطالبة بتعيين حاكم عسكري في الموصل إلى حين استقرارها، لا سيما أن صراعاً سياسياً يضرب الحكومة المحلية منذ أشهر وانتقادات شعبية توجه إلى مجلس المحافظة في تطويق الأزمات الإنسانية والخدمية في المدينة.
إقرأ أيضا:
جهود متسارعة لإعادة الحياة الى أحياء الموصل
غوتيريس: الوضع في العراق غير مستقر رغم تحرير الموصل