أخبار الآن | جبلة – سوريا (سمارة علي)
تفجيرات مدينة جبلة في 23أيار الماضي، لم تكن الأخيرة، والطوق الأمني الذي وضعه النظام حول المدينة، لم يحل دون حصول تفجير جديد يزلزل المدينة، التي رغم موقعها الجغرافي البعيد عن الحرب، ورغم أنها تعد مصنعا لإنشاء وإعداد الميليشيات لتي ترفع راية "الأسد أو نحرق البلد"، ورغم أنها مركز لغرف عمليات الروس والنظام الحربية؛ إلا أن يد الحرب ليست قصيرة.
أحد عشر قتيلا، وعشرات الجرحى، الإحصائية الأولية لضحايا التفجير الذي استهدف المدينة ظهر البارحة، حيث ضرب تفجير بسيارة مفخخة منطقة محلات ذات البرادي، شرقي الملعب البلدي، وسط المدينة.
"طارق" مواطن من جبلة، قال لأخبار الآن: "سمعنا صوت انفجار ضخم، تلاه صوت سيارات الإسعاف والإطفائية، وكان المكان مزدحما كالعادة بحكم أنه سوق شعبي".
تعاون مع المعارضة أم تصفيات حسابات
أعاد هذا التفجير، لأذهان أهل المدينة تفجير أيار المنصرم، وأعاد أيضا الاتهامات ذاتها، تلك التي أطلقها المدنيون على من كان المفترض أنه يحميهم، ويشكل طوقا أمنيا حول مدينتهم يستحيل اختراقه، فالدخول إلى مدينة جبلة وماحولها من قرى ومدن الساحل السوري، الذي بات يعرف بأنه الحاضنة الشعبية والتشبيحية للنظام، ليس سهلا، فبين حاجز المخابرات وحاجز الشرطة، حاجز للميليشيات كالدفاع الوطني، ونسور الزوبعة، وغيرهما.
"أمين" أخ لقتيل قضى في التفجير الماضي قال لنا: "كيف يدخل الإرهابي بسيارته المفخخة ويجتاز كل هذه الحواجز، وأين عناصر الجيش والأمن والقوى الرديفة؟ هذا التفجير وقع برعاية الأمن والبزة العسكرية مقابل المال".
كثير من أهل المدينة رفض الرواية الرسمية لإعلام النظام، خاصة أن أحدا من التنظيمات أو فصائل الجيش الحر لم يتبن هذا التفجير، وأن التفجير لم يستهدف قطعة عسكرية أو حتى حاجز تفتيش، رغم أن قاعدة حميميم الجوية، المعروفة بأنها ثكنة عسكرية، ومقر للقوات الروسية، على مقربة من مدينة جبلة، إضافة إلى أن من ببن ضحايا التفجير، الملازم "جعفر زيد صالح"، ابن اللواء زيد صالح، رئيس أركان الحرس الجمهوري، ورئيس اللجنة الأمنية في محافظة حلب.
"أبو شادي" مواطن من جبلة يقول: "إن من يستطيع الوصول إلى وسط مدينة جبلة، يستطيع الوصول إلى أي قطعة عسكرية بجوارها، أو على الأقل بداخلها، هذه تصفية حسابات والمقصود اللواء زيد صالح، والثمن يدفعه المدنيون، والشماعة التي تعلق عليها هذه الأفعال موجودة وهي داعش".
الإرهاب والفرز الطائفي
محافظ اللاذقية، هرع إلى مكان التفجير بعد ساعة من وقوعه، ووجه أصابع الاتهام إلى الإرهاب! الذي يعتبر بقاموس النظام مرادفا وملاصقا للحرية التي طالب بها السوريون منذ 6 سنوات، ووعد وتوعد بالقصاص.
حضور المحافظ وخطابه المقتضب السريع، لاقى سخرية وتهكما عند أهل المدينة، فالمحلات التجارية التي تضررت، وعشرات السيارات التي احترقت والجرحى الذين لم يتسع لهم المشفى الوطني في المدينة، فنقلوا إلى مشافي اللاذقية، لم يعد يؤثر فيهم الخطاب البعثي الذي بات يتكرر في كل المناسبات.
"أم علي" صاحبة محل بيع مكياجات واكسسوارات نسائية، قالت لنا: "أول شيء نريده هو الحماية، هذه الحواجز لا تتجاوزها "نملة" دون تفييش، والأمر الآخر لا نريد حزن المحافظ، نريد تعويضا حقيقيا عن خسارتنا في مصادر رزقنا لأننا نعيش كل يوم بيومه، والخطابات ليست خبزا ومازوتا".
دعوات بإقامة الحواجز على مداخل أحياء معينة في الجهة الشرقة من المدينة، أطلقها الطائفيون من سكان جبلة التي تشهد تنوعا طائفيا، هذه الدعوات كانت اتهاما مبطنا، من أبناء الطائفة العلوية إلى أبناء الطائفة السنية، التي خسرت الكثير من أبنائها في بداية الثورة، لانخراطهم بها.
المعادلات في الحرب غالبا ما تكون خارج حدود القوانين الثابتة، فلا يحق لمدينة في سورية أن تعتبر نفسها بمنأى عن الخطر. وغالبا ما تكون المعادلات ذاتها، خارج حدود المنطق أيضا، فالبندقية التي تظن أنها تحميك، يمكن أن تقتلك أولا.
اقرأ أيضا:
الأسد يدخل غاز "الكلور" على قائمته التدميرية لوادي بردى