أخبار الآن | درعا – سوريا (عبد الحي الأحمد)
تعتبر منطقة "مثلث الموت" الواقعة بين أرياف درعا والقنيطرة ودمشق الغربي جنوب سورية، إحدى المناطق الاستراتيجية المهمة التي تسعى قوات الأسد لاستعادتها من فصائل الجيش الحر.
وتضم هذه المنطقة مواقعاً وتلالاً مهمة خسرتها قوات النظام منذ أكثر من عامين ونصف في سلسلة معارك أطلقت عليها قوات المعارضة آنذاك "معارك الطريق إلى دمشق".
إلا أن سلسلة من العمليات العسكرية شنتها الميليشيات الشيعية بقيادة إيرانية مطلع شهر فبراير2015، تمكنت فيها من الوصول الى قرى "الهبارية، سلطانة، حمريت، تل قرين، تل فاطمة" في مثلث هذه المحافظات.
شهدت هذه المنطقة عمليات قصف عنيفة، صاروخية ومدفعية، منعت الثوار من الاحتفاظ بهذه القرى في سبيل تعزيز مواقعها في التلال والقرى الأكثر أهمية، على الرغم من الاستنزاف البشري الهائل للقوات المهاجمة خلال المعارك والتي تجاوزت 600 قتيلا كان من بينهم قائد لواء الفاطميون "علي رضا توسلي" ومساعده "رضا بخشي" إضافة إلى المسؤول في قوات التعبئة الشعبية "الباسيج" الإيرانية "نادر حميد" والقائد في الحرس الثوري الإيراني العميد "محمد صاحب كرم أردكاني"، إضافة للجنرال "عباس عبدالله" والجنرال "علي مرادي" وعشرات العناصر من الميليشيات الشيعية.
الأهمية الإستراتيجية لمثلث الموت
تشكل معركة الجنوب السوري مرحلة متقدمة من مراحل الصراع العسكري بين الأطراف المحليين، وعلى عكس الشمال السوري تخضع معركة درعا لحسابات دولية دقيقة، ومن خلال نتائج هذه المعركة يمكن استنتاج ومعرفة توجهات المجتمع الدولي للمرحلة المقبلة في سوريا.
فقربها من حدود العاصمة دمشق، وسيطرة فصائل الثوار عليها بالكامل تعني القضاء على العمق الإستراتيجي الجنوبي للعاصمة دمشق، الأمر الذي سيؤدي إلى نقل المعارك إلى مشارفها، ويصبح بذلك "ريف دمشق الغربي" ساحة الاشتباك مع إمكانية إعادة فتح خطوط الإمداد نحو العاصمة، وحدوث ذلك سيشكل تغير مفاجئ في معادلة الصراع يصعب على أثرها التحكم بمجريات الأمور.
لذلك تعتبر منطقة "مثلث الموت" هي المفتاح الرئيس وميزان القدرة العسكرية لكل الأطرف، وإن وجود هذه المنطقة على بعد كيلومترات من حدود "إسرائيل" وكذلك عن العاصمة السورية دفع الإيرانيين وحزب الله إلى تعزيز وجودهم فيها بل وتسلمهم قيادة العمليات العسكرية عوضا عن قوات الأسد.
وقد تم إثبات ذلك في عدة حوادث كان أبرزها قصف الطائرات "الإسرائيلية" مطلع شهر يناير2015 اجتماعا لقادة إيرانيين ولبنانيين في منطقة "مزارع الأمل" بريف القنيطرة، والذي نجم عنه مقتل اللواء "محمد علي دادي" أحد أكبر قياديي الحرس الثوري الإيراني وقائد فيلق الغدير إضافة للقيادي في حزب الله "جهاد مغنية" وعشرات المقاتلين والضباط الإيرانيين واللبنانيين.
كما أن معركة مثلث الموت التي تمت بعد أيام من الغارة الإسرائيلية أكدت على العلن تسلم الإيرانيين زمام العمليات العسكرية في المنطقة، وقد ظهر ذلك جليا بعد إقدام الحرس الثوري على إعدام 12 ضابطا من قوات الأسد داخل الفرقة التاسعة في "الصنمين" بتهمة التخابر مع "فصائل الجبهة الجنوبية" إثر الخسائر الكبيرة التي تلقتها المليشيات الشيعية خلال الأيام الأولى من المعارك "التي شهدت تراجعا للعنصر السوري خلال الاشتباكات والفشل في تحقيق أهداف العملية العسكرية كما كان مخطط لها بالوصول إلى تل الحارة الإستراتيجي".
توزع السيطرة في مثلث الموت
تسيطر قوات نظام الاسد وحلفائه على تلال "فاطمة وغرين والشعار وبزاق وكروم عريد ومرعي" إضافة لقرى دير العدس والهبارية ودير ماكر. إلا أن مناطق هامة تقبع تحت سيطرة فصائل الجيش الحر أبرزها "كفر ناسج، الطيحة، المال، تل الحارة" وبعض الجيوب المحاصرة في عمق منطقة مثلث الموت منها بلدة "كناكر" التي تبعد عن خطوط دفاع فصائل الجبهة الجنوبية مسافة 10كم فقط، وبلدة "خان الشيح" التي تبعد مسافة 20 كم عن خطوط الاشتباك في درعا المجاورة، حيث تملك هذه البلدة خطوط إمداد مع بلدة زاكية المتصلة مع الكسوة، مما يجعل إمكانية فتح خطوط الإمداد بين هذه البلدات أمرا ممكنا لفصائل الجيش الحر إذا ما تم دعمها بأسلحة نوعية.
كما أن هذا المثلث وفي ذات الوقت هدف مستمر للميليشيات الشيعية التي لم تتوقف عن محاولات التسلل والتحشيد العسكري في خطوط الإشتباك على أمل الوصول إلى مدينة الحارة وتلها الإستراتيجي الذي يعتبر ورقة الحسم في المنطقة برمتها.